النجيفي 24 مليار دولار.. الكردستاني 300 مليار دولار.. دولة القانون 210 مليارات دولار.. العراقية 180 مليار دولار
اذا صح التقرير الذي كشفته مصادر مقربة من السفارة الاميركية في بغداد عن ان لدى السفارة تقرير تفصيلي عن الثروات المالية الخرافية للقوى السياسية وبعض نوابها، في العراق الجديد، فان ذلك يعني ان هناك اكبر سرقة في تاريخ الامم والشعوب، وان اسقاط صدام كان صفقة مالية لم يشبهها حتى سقوط بغداد بيد المغول عام ١٢٥٨ من حيث الاستيلاء على السلطة والاموال وتدمير الثقافة وتمزيق المجتمع العراقي وظهور عصابات سياسية ومالية باسم التغيير وباسم الدين وباسم الوطنية.
وبحسب التقرير الاميركي، فان مجموع ماتملكه القوى السياسية النافذة يبلغ نحو 700 مليار دولار. اي اضعاف ميزانيات عدد من دول العالم غير النفطية ، الامر الذي يجعل اصحاب هذه المبالغ دولا داخل الدولة لها قوانينها الخاصة واوامرها واجراءاتها الخاصة ووزارتها الخاصة ومؤسسات حكومية خاصة .
وفي التفاصيل التي اوردها المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، نقلاً عن التقرير، فان رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي يمتلك ثروة تقدر باكثر من 24 مليار دولار”، ولفت التقرير أنه إضافة إلى النجيفي فإن هناك “مسؤولين حكوميين يمتلكون مبالغ طائلة على شكل نقد واموال غير منقولة مثل عقارات واسهم وسندات وحصص في شركات”.الامر الذي يجعل مقدرات العراق في ايد عدد محدود من السياسيين الذين يمكن ان يحكموا العراق ومقدرات العراقيين نصف قرن آخر بالفساد نفسه السائد الاآن مايجعل الحديث عن الديمقراطية والتجربة الامريكية في العراق ضربا من النكتات المأساوية.
وهذا يكشف كيف ان حزب الدعوة استملك مطار بغداد القديم المعروف باسم مطار المثنى في قلب بغداد الان بما فيه من مبان واجهزة وآلات وحوله الى مقر خاص به تقيم فيه جمعياته ومخابراته الخاصة وسجونه الحزبية.كما استولى على عدد كبير من المباني الكبيرة الحكومية والحزبية السابقة في محافظات العراق المختلفة. وهي بنايات انشأها النظام السابق من اموال الدولة وليس من اشتراكات اعضاء حزب البعث المنحل.
وجاء في التقرير ايضاً ان “التحالف الكردستاني يملك الرقم الاعلى في عدد الاثرياء”، لافتاً إلى أن “ثروات اعضائه تبلغ 300 مليار دولار”، مبيناً أن “هناك خمسة مسؤولين كرد يملكون اكثر من ثلثي هذا المبلغ و10 آخرون يملكون الثلث المتبقي منه”. والذي يعيش في بغداد مثلنا يعرف ان منطقة واسعة في الجادرية على ضفة دجلة اليمنى هي منطقة مقفلة لرئيس الجمهورية جلال الطالباني حيث يقوم بحراستها قرابة الفين من البيشمركة الاكراد الذين يتقضاون مرتباتهم من وزارة الدفاع العراقية مع آلياتهم واسلحتهم وطعامهم. ويشاركه في بعض اجزاء هذه المنطقة من الجهة الاخرى ،حيث يفصل جسر بين المنطقتين ،مباني المجلس الاسلامي الاعلى وحماياته وموسساته التي انشأها بعد ٢٠٠٣ وهذا يعني ان منطقة سكنية شيعية مقفلة لاحزاب كردية وشيعية فيما تقفل مناطق اخرى لاحزاب سنية مثل منطقة الحارثية وحي العدل وحي اليرموك وحي القادسية حيث تستولي احزاب مثل حركة الوفاق والحزب الاسلامي وحركة طارق الهاشمي على مبان الدولة وحزب البعث الممنوع دستوريا. اما المنطقة الخضراء فقد تم توزيع مبانيها وقصورها ومنشأتها على الم،الين لرئيس الوزراء المالكي ونواب البرلمان والوزراء والمستشارين والدرجات الخاصة ورؤساء احزاب وسياسيين مثل البارزاني والجعفري وغيرهما.
وهذا يؤكد ما تتناقله مواقع الكترونية من عائلة رئيس اقليم كردستان وعائلة رئيس الجمهورية تملك عشرات المليارات من الدولارات ويتم شراء عمارات وفنادق وشركات في بريطانيا ودبي وفرنسا وامريكا ودول اخرى.
وبيّن التقرير أن “دولة القانون تبلغ قيمة ثرواتها التي يملكها 24 من مسؤولين ونواب فيها 210 مليارات دولار تقريبا”، موضحاً أن “القائمة العراقية تبلغ قيمة الثروات التي يملكها أكثر من 25 مسؤول ونائب فيها نحو 180 مليار دولار”.
وليس هذا غريبا اذا كانت مقاولات الدولة التي يتصف معظمها بصفة مقاولات وهمية يتقرر مصيرها في مكتب رئيس الوزراء ويسيطر على القسم الاكبر منها شخص يدعى عصام الاسدي كان يعمل بائع مشروب بيبسي كولا في شركة عدي صدام حسين ثم استولى على الشركة بعد سقوط صدام ومول عددا من السياسيين بعد دخولهم بغداد بمبالغ كانت تعتبر كبيرة لاؤلئك السياسيين آنذاك فقد منح كلا من ابراهيم الجعفري والطالباني وغيرهما مبالغ تبلغ خمسين الف دولار لكل منهم.
وقال المصدر ان التقرير يضم ايضاً “نسباً لثروات يملكها كل من المجلس الاعلى والتيار الصدري ومسؤولين آخرين في التحالف الوطني ومن كتل واحزاب حاكمة”.وهذا يفسر التنافس على الوزرات التي تزود الاحزاب بالمال مثل النفط والكهرباء والتجارة، بحيث اصبحت لنا مع كل الاسف، مافيات سياسية سيكون من الصعب التخلص منها بطرق ديمقراطية لان الفساد اصبح الطابع العام للعمل السياسي، حيث ان الاف من الاميين والجهلة تبوأوا مناصب سياسية بدون ادنى فهم للعمل السياسي او ليس لديهم تاريخ سياسي وهو ماتحرص الاحزاب جميعها على العمل به اذ يتم ابعاد النزيهين والاكفاء والمخلصين الذين لايمكن لهم الانخراط بفساد الطبقة السياسية التي جاءت باقاربها نساء ورجالا ليحتلوا مناصب سياسية قي الحكومة والبرلمان هي اصلا من نصيب النشطاء السياسيين الذين عملوا في المعارضة السياسية لنظام صدام طوال ثلاثة عقود.وقد ساعد الفساد السياسي والمالي على توسيع نفوذ الاحزاب وتدخلها في حياة المواطنين وفرض ايديولوجاتها على الشعب واستخدام وسائل الاعلام استخداما غير قانوني وغير دستوري خاصة التحريض الديني والطائفي وتعيق الخلافات الطائفية والقومية بتوظيف جيوش من الموالين والتابعين الذين لاتورعون عن السب والشتم لمن يعارضه في الرأي.
وكشف المصدر عن أن “التقرير بيّن ان قرابة 60% من المسؤولين العراقيين لم يطبقوا قانون كشف الذمم المالية لكل مسؤل قبل وبعد تسلمه اي منصب حكومي تشريعي او قضائي او تنفيذي”.
كيف يكشف مسؤول يدخل الوزارة او النيابة وهو لايملك خمسة الاف دولار ليخرج وهو يمتلك على الاقل خمسة ملايين دولار اضافة الى البيوت والسيارات التي استولى عليها من املاك الدولة.وكيف يكشف هذا المسؤول الذي يتقاضى نسبا مئوية عالية عن الصفقات والمقاولات التي يفرض على مؤسسات الحكومة توقيعها مستخدما قربه من رئيس الجمهورية او من رئيس الوزراء او من الوزير الفلاني والحزب العلاني؟
لقد تقاسمت الاحزاب مغانة الدولة واستولت على المال العام، وما قضية استجواب امين العاصمة الا كشفا لهذه الظاهرة التي تجعل من منصب هذا الشخص او ذاك فرصة للابتزاز المالي والحصول على اموال الدولة عبر مقاولات اغلبها وهمي مثل مقاولات اعادة اعمار شارع المطار بمناسبة مؤتمر القمة اذ خصص مبلغ ٢٠٠ مليون دولار لم يظهر منها سوى مصروفات زرع بعض النخيلات وصبغ بعض الجدران. وهي ظاهرة ترافق قضية اعادة الاعمار الوهمية التي تخصص لها في الموازنة عشرات المليارات دون ان يتعمر شارع واحد او دون ان تتعمر وحدة من وحدات البنية التحتية.
وهذه الكميات الهائلة من الاموال لاتستطيع حتى مافيات تهريب السلاح وتهريب المخدرات ان تجنيها خلال تسع سنوات وهكذا اصبحت السياسة في العراق اكبر مافيا في التاريخ.
واوضح المصدر، ان هذه الثروات الضخمة للمسؤولين العراقيين الجدد، هي من تقف بالضد من اقرار قانون الاحزاب، الذي يضم في فقراته مواداً تطالب بوضوح تحديد جهة التمويل.
وبحسب خبراء قانونيين فإن هذا يعدُّ خرقاً وانتهاكاً للدستور لا يحاسب عليه المسؤول المتهرب فحسب، بل هيئة النزاهة وهيئة المساءلة والعدالة، لأنه هذا الامر من اختصاص تلك الجهات وواجب عليهم تنفيذه. وتوقع المصدر أن تقوم السفارة الاميركية بتسريب التقرير الى جهات اعلامية عراقية واجنبية من أجل الإطاحة بالمشهد السياسي وانهاءه تمهيداً لتشكيل لمشهد جديد، حسب قوله.
لكننا لايمكن ان نعفي الادارة الامريكية التي هيأت لهذا الوضع الذي لانعفي احدا منه، حين وزعت الدولة واموالها المنفولة وغير المنقولة مغانم على الاحزاب التي شكلت مجلس الحكم حتى ان الحزب الشيوعي ، الذي يدعي انه خرج من المولد بلا حمص، كما يقول المثل المصري،قد سيطر على بناية مديرية الامور الطبية في شارع ابي نؤاس وهو مبنى مكون من ست طوابق اسكن فيه جريدته طريق الشعب وبعض منظماته الحزبية فضلا عن مبنى آخر في شارع النضال قرب مبني اتحاد الادباء في ساحة الاندلس وبيوت لسكرتيره وبعض نوابه ووزرائه في بيوت الوزراء في منطقتي القادسية والجادرية . بينما استولى اشخاص مثل فخري كريم على ثلاث بيوت من بيوت الوزراء السابقين وعلى مبنى حكومي في شارع ابي نؤاس ايضا ونشط في الاستيلاء على منطقة (القشلة) التاريخية حيث كانت مقر الحكومة العثمانية في بغداد قبل سقوطها في الحرب العالمية الاولى.فيما استولت حركة الوفاق على مجمعات حكومية سابقة، حزبية ورسمية في منطقة الحارثية قرب المنطقة الخضراء تقدر بمئات الملايين من الدولارات اضافة الى تمويلات الاحزاب من الخارج سواء من دول اقليمية او مجاورة او عالمية.
منذ ٢٠٠٣ وحتى الان يبلغ معدل الموازنات السنوية للحكومات العراقة المتعاقبة مبلغ ٨٠ مليار دولار سنويا. وبرغم هذه المبالغ التي تصل الى تريليون دولار لم يظهر اي تطور في البنية التحتية او في قطاع الكهرباء او قطاع الصحة او قطاع التعليم او قطاع الخدمات او قطاع الزراعة او قطاع الاسكان، فاين ذهبت تلك الاموال الهائلة اذا لم تكن قد ذهبت الى جيوب السياسيين ، هذه الجيوب التي تشبه جهنم التي تقول هل من مزيد؟ بينما يكتوي الشعب العراقي بالفقر واليتم والترمل والبطالة والخضوع لقهر السلطة واجهزتها الامنية العسكرية والامنية ويدفع ثمن اعمال العنف بينما يستخدم السياسيون اموال الشعب لحماية انفسهم.
تصل الشعوب عادة الى نقطة اختناق سريعة او بطيئة. ثم يطاح بمن تسبب بحالة الاختناق هذه اطاحة غير انسانية كما حدث للعقيد معمر القذافي وكما حدث لصدام حسين وحسني مبارك وبن علي وعلي عبد الله صالح بغض النظر عن اختلاف الشكل لكن المصائر واحدة ، واخشى ان الاختناق قد وصل امده في العراق برغم طلبات المرجعيات الدينية التي انقذت الفاسدين اكثر من مرة وهيأت لهم استخدام القمع للانقضاض على مطالب وحريات المواطنين العراقيين، بينما يكرس النظام السياسي التفرقة الطاءفية ويهز اركان المجتمع العراقي لكي يجعل الشيعة يلطمون ويسيرون الى كربلاء دون حقوق ودون امن واستقرار وعمل وسكن ويجعل السنة يتحسرون على مافاتهم من مكاسب حرمتهم منها طائفية النظام السياسي، هذه الطائف التي لم تستفد منها طائفة الشيعة سوى اقامة التعازي الحسينية وتحويل الدولة ، شكليا، الى حسينية تقتل فيها مبادئ الحسين كل يوم من قبل سياسيين شيعة يواصلون تجهيل الشيعة ويبحثون لهم عن مناسبات تلهيهم عن نيل حقوقهم.
لا نستطيع ان نلوم حفنة من السراق دون ان نلوم الولايات المتحدة وسياستها في العراق التي مكنت هذه الحفنة من الاستيلاء على ثروات وموارد العراق وذلك لان الولايات المتحدة اتبعت سياسة انتقامية من صدام ومن العراقيين في نفس الوقت وعوضت من تعاون معها بتسليمه حياة واموال وحقوق ثلاثين مليون عراقي.