23 ديسمبر، 2024 9:26 ص

اقليم كردستان بين دكتاتورية متجذرة وبين تداول سلمي للسلطة!

اقليم كردستان بين دكتاتورية متجذرة وبين تداول سلمي للسلطة!

لا ينكر ما حققه اقليم كردستان منذ عام 1991م من تحقيق تجربة ديمقراطية يُشار لها بالبنان و مثالاً للتغيير في العراق بعد عام 2003م ، لبناء المؤوسسات الديمقراطية القادرة على تعزيز المسار الديمقراطي لعراق موحد . لا سيما وان اقليم كردستان مر بجوالات انتخابية متعددة اسفرت عن ايمان راسخ للناخبين ان الديمقراطية هي معيار تطور ورفاهية المواطن . بالرغم ان الوجوه التي تولت القيادة وتبوأت مراكز السلطة والقرار ليست جديدة على الشعب الكردي  وانما كانت اغلبها من عائلة البارزاني التي كانت في حالة صراع مع السلطة المركزية في بغداد  منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1920م ، وتميزت بطابعها العشائري ، مما جعل الشعب الكردي يلتف حولها مما اعطاءها الهيمنة واحتكار السلطة و مصادر المال ، فضلاً حصولها على المنافع من الحكومات المركزية باعتبارها ناطقة ومعبرة عن الشعب الكردي ، وبالتالي اضحت الدكتاتورية احدى ممارسات العائلة . وبعد سقوط النظام عام 2003م وحصول اقليم كردستان على قدر كبير من الحرية والسلطة اللامركزية ونشوء مؤوسسات ديمقراطية رسخت مفاهيم الحكم الرشيد والتدوال السلمي للسلطة وبقيت الوجوه هي نفسها المتحكمة والحاكمة في الاقليم منذ عام 1991م مما ادى الى ظهور حركات معارضة مثل حركة ( كوران ) التي رفضت هيمنة الحزبين الرئيسيين مما اوجد نوعاً من الحراك الشعبي المطالب بفسح المجال امام الوجوه الشابة  ذات العقل البراغماتي والليبرالي بدلاً من الشخصيات الحالية التي تحمل التوجهات البيروقراطية والدكتاتورية بنزعتها العشائرية المتجذرة فيها ، وعدم المغالاة في الطموحات الكردية المشروعة في انشاء دولة كردستان الكبرى . ان الشعب الكردي يرى امامه نزعتين الاولى متمثلة بقادة  لا يرضون الا  بتبوأ مراكز السلطة والقرار والثانية  متمثلة بتوجهاتها الوسطية بين المحافظة على بقاء الشعب الكردي مع العراق وعدم اثارة ما يشكل  حفيظة الشعب العراقي على نزعات الانفصال العلنية  وبين العمل والتأسيس عبر اليات ديمقراطية تعمق لغة الحوار والرأي والرأي الاخر في عملية الاستقلال ، وتمتاز هذه النخبة بواقعيتها لانه تؤكد على ان الاستقلال في الوقت الحاضر هو انتحار للشعب الكردي لان الدولة الوليدة ليس لديها مقومات العيش والنماء وتولد ميتة ولذلك يجب ان تقتنع دول الجوار والعالم ان الدولة الكردية الكبرى حان وقتها وعندها ستصبح امراً لا بد منه وستقدم الشعوب الاخرى الدعم للدولة الفتية  . والانتخابات التي جرت يوم  امس 21 أيلول ما هي الا خطوة لترسيخ الديمقراطية ليس لكردستان فقط وانما للعراق ليكون دولة قادرة على بناء مؤوسساته وشعبه و تجربته الفتية في التداول السلمي للسلطة .