23 ديسمبر، 2024 3:02 م

اقلمة القيادة وفرعنة الهواة/١

اقلمة القيادة وفرعنة الهواة/١

كنا قد كتبتنا فيما سبق سلسلة مقالات بعنوان (اقلمة القيادة وفرعنة السلطة)، وبينا فيها بشكل مبسط ما نعني بأقلمة القيادة، وماهي آليات تأقلم السلطة، وما الدواعي لتأقلم القيادة، وأوضحنا الفرق بين القيادة والسلطة، وماهي المشتركات بين المفهومين، وكيف ان الناس قد تختلط عليهم الامور، ومايسبب هذا الخلط من مشاكل وملابسات، لها ارتدادات كبيرة.

هذه المقدمة للفت النظر، مرة وللإشارة للمتابع مرة أخرى للتفريق بين القادة وطالبين السلطة!خصوصاً ونحن نقترب من السباق الانتخابي والذي يكون محموم كالعادة، الا ان الدورة الانتخابية القادمة هي الأكثر سخونة، ان لم تكن أكثرها ضراوة وتنافس، وتدافع!
والسبب في ذلك ما شهدته الساحة العراقية منذ فترة ليست بالبعيدة، من تداعيات وملابسات واحتجاجات، قادت البلاد الى منزلق خطير، جعلت المشهد يبدو ان اللانظام قادم وبقوة، ولا يوجد سبيل لملمة شتات الحكومة، في ظل تلك الأحداث المتداخلة بشكل دامي!

نتج عن تلك الأحداث إسقاط (حكومة عادل عبد المهدي)، تلتها عمليات جراحية لإنعاش النظام، كلها بأت بالفشل، ماعدا المحاولة الأخيرة والتي تمخض عنها اختيار الكاظمي كرئيس للوزراء، على ان يتم اجراء انتخابات مبكرة.
والحق يقال اننا لسنا أمام دورة انتخابية فحسب، بل نحن أمام دورة حياة جديدة لعملية سياسية بأكملها، وهي حالة انتقال الى مستوى اخر، قد تكون اكثر نضجاً

ان الانتقال الاول الذي شهدته العملية السياسية، من حالة الدكتاتورية، الى حالة الديمقراطية، ولانعني بالطبع الديمقراطية المشوهة التي وصلت لنا على الدبابة، بل الديمقراطية بشكلها الاخر الأنيق، هي رحلة طويلة قد تكلف الشعوب عقوداً من التخبط والتعثر، حتى تتدرب للمضي في هذا المضمار، والبدء بخط الشروع فيه.
كما ان حالة الغضب التي عاشها الشارع العراقي، هي حالة صحية لتصحيح المسار، ليس هذا فحسب بل لابد انها جعلت من الجمهور المترقب لسير الأحداث، اكثر قدرة على فرز الوجوه السياسية، والطامحة للخوض في العملية السياسية بوجهها الجديد، وأصبح يفرق بين القائد الذي يملك (مشروع) ورؤية واضحة، و بين طالبين للسلطة فقط، وهم هواة بالطبع لانهم لايملكون مشروع ينطلقون من خلاله، ولا يملكون رؤية استشرافية للأمور، وهم بالغالب وجدوا لإحداث المشاكل السياسية، فهم تجار الأزمات والعازفين على أوتار الطائفية، لانهم لا يملكون بضاعة سياسية يسوقونها سوى الأزمات، هم بالطبع اصحاب الشعارات الفارغة، وعادة ما تكون دعاية هؤلاء الانتخابية مضائة كهربائيا وبحجم عملاق!
سنتكلم في المقال القادم عن الاستعراض الانتخابي بين القادة والهواة