حماية المسؤول، عراقيون، خبرتهم الطويلة ذابت مع قوانين نظام صدام، ازدياد الخبرة هو ازدياد في قساوة القلب والولاء المطلق للمسؤول والحفاظ عليه حتى على حساب المقدسات والمحظورات، فالحماية بالضرورة ذراع بيد المحمي فهم لا يفهمون ولا يسمعون كلاما غير كلامه، وارتقاءهم بالولاء والطاعة يعود عليهم بفائدة مادية، كحصولهم على الهدايا والهبات، ومعنوية كأن يكونوا كتفا بكتف مع المسؤول وهو اعلى درجات الأهمية بالنسبة لهم.
احداث تفجير مرقد الامامين وما خلفته من حرب طائفية حدا بالمسؤولين في اللجوء الى التمحص والتدقيق في العناصر والافراد الذي يقع على عاتقهم توفير الحماية واطاعة الاوامر، وكانت الحاجة ملحة للاستعانة برجال النظام السابق الذين توزعوا حسب انتمائتهم الطائفية والقومية بصورة متساوية فهم مدربون على مستوى عال وقادرون على التعامل مع الأزمات واعتادوا الولاء لأمير المؤمنين وان اخطأ، يتميزون بتطبيق الأوامر وعدم السؤال او المناقشة.
حماية المسؤول خط احمر، سلطة مستقلة، يحملون باجات لا يسمح لرجل الأمن تفتيشهم ولا لرجل المرور تأشير مخالفة مرورية بحقهم وإن خالفوا السير او ساروا بعكس الاتجاه او ارهبوا المارة، لا ينصاعون او يحترمون سوى القوات الاميركية وارتالها، فحينها يكون حاله حال أي عراقي ينتظر الاشارة الخضراء من الجندي الاميركي ليمر، كذلك يقف ثابتا دون اية حركة امام الكلب البوليسي العائد لتلك القوات ايضا، يشم زوايا جسمه وعجلته عند دخولهم المنطقة الخضراء، كان ذلك قبل انسحاب القوات الاجنبية وتسليم القوات العراقية مسؤولية حماية المنطقة، عدا ذلك ليس باستطاعة احد ازعاجهم، وهناك حالات كثيرة وكبيرة سجلت كشاهد على ما أقول.
للأسف لم يتحقق ما اصدر من بعض الاوامر التي تقضي بتفتيش الارتال العسكرية، لأمرين الأول رجل الأمن الذي يخشى على نفسه الإهانة والضرب، وربما يتطور الأمر لإبعد من ذلك، والأمر الأخر، المسؤول الذي لا يملك سلوكا ناضجا وثقافة عالية تجعله يشعر بضرورة الالتزام بهذه الاوامر ولم نشهد من تطوع ليكون قدوة صالحة لغيره، ويترجل وافراد حمايته من السيارة ويبادر رجال الأمن تفتيش عجلات موكبه.
الجميع يتفق على ان الخروقات واعمال التخريب والقتل والخطف تأتي من داخل المنطقة الخضراء المحصنة وهي الملاذ الامن لقتلة العراقيين الابرياء، كان اخر ما عرض علينا وليس الأخير بكل تأكيد الاعترافات التي ادلى بها حماية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، والأمر المحزن والمخزي في ذات الوقت ان القائمة العراقية انشغلت في الدفاع عن المتهم طارق الهاشمي ولم نسمع شريفا واحدا منهم قال على الهاشمي ان يمتثل للقضاء واذا ما ثبت تورطه بهذه الاعمال فالقائمة بريئة منه لأنه قاتل ونحن لا يشرفنا ان يكون قيادي على مستوى طارق الهاشمي وما يشكله من ثقل في القائمة ساهم بقتل الابرياء شريكا لنا، هذا ما كنا ننتظره، لكن، وللأسف، شرع افراد القائمة مدافعين غير مبالين بدماء زهقت لا ذنب لها سوى تلذذ قاتليها بمنظر الدماء وهي تسيل مخلفة وراءها ارامل وايتام، كان قاتلها يبكي بدموع التماسيح لينتصر لها، عندما يزور سجنا او يلتقي بمجموعة من الارامل، (يقتل القتيل ويمشي بجنازته).
على القائمة العراقية وعلى اياد علاوي بالذات ان ينتبه جيدا، فاذا ما استمرت مطالباتهم في الدفاع عن متهم واجه سيد الأدلة وهو الاعتراف، فإن الانتخابات القادمة سوف تكون خالية من علاوي ورفاقه، لإن الشعب فهم جيدا طريقة اللعب ولن تنطلي عليه خلط الاوراق القضائية بالسياسية ولن تمرر هذه الفعلة بمبادرة او عقد اجتماع وغيرها، هناك اعتراف اصدر من خلاله امر القاء القبض، والبريء يواجه العالم منفردا لانه على حق ولا يتذرع بنقل المحاكمة الى اربيل او الاستعانة برابطة الحقوقيين العرب وما الى ذلك من ذرائع واهنة.
وعلى الحكومة ان تدقق بجميع الحمايات وان تكون حازمة معهم لأن العراق والعراقيين ضحية حماياتكم… ولا تختلف حماية الهاشمي المتهم بالقتل عن غيرها من الحمايات، فالتاريخ يشير الى مجموعة اختراقات وتجاوزات لا حد لها يكون القتل نتيجة طبيعية لنهايتها، فما نرجوا ان يصار الى سن قانون يعامل فيه الجميع بصورة متساوية يدين افراد الحماية في حال تجاوزهم وان تعمل وزارة الداخلية على استبدال طاقم الحماية كل فترة حتى لا يتم الاتفاق بين المسؤول والحماية على تنفيذ عمليات شخصية تعود بمنفعة سياسية على الأول، ويكون ضحاياها الابرياء، حتى وان احتفظ المسؤول بثلاثة افراد دائميين وباقي طاقم الحماية يتغير كل ستة اشهر او سنة، حتى نأمن سلوك المسؤول المتعطش للدم والذي يبحث عن أدوات لتنفيذ سلوكه.
والى الهاشمي وغيره من المسؤولين اقول: اذا ظلمت من دونك فلا تأمن عقاب من فوقك
[email protected]