العلماء يقتلهم الدين عندما يقتربون من محضوره
واهل الدين يقتلهم الساسة اذا مسهم شئ من نفاقه ..
واهل السياسة يتقدسون اذا ما امتلكوا عنق الاله..
نحن نتلذذ بقتل الحياة والعلم وتنتابنا نشوة الزهو لاصطياد الحب
ونحن نقف على تل التراث ننبشه ونختبره فلا نجد سوى صدى لقراءات تصتدم بغيرها ..من نحن وما نريد وكيف السبيل لما نريد..؟؟
قتلوه واحرقوه لا يكفي لابد ان نجعله رمزا لكي تغتفر الذنوب علي والحسين وغاندي قتلوا لكي يرمز اليهم فيما بعد ..
شرد الاحرار لكي تنعم حياة الظلم؟ امر عجيب القاتل يقدس ما قتله..
هكذا تحدثنا الاساطير والحياة التي نعيشها.اقتل من تحب لكي تحب من تقتل .
الفن والفلسفة والدين وكل ما اراده الانسان ليكون راح يجسده عنفه عله يكون مثلما اراد ان يكون ..قتلنا العلم وعشنا على تراب الجهل ..
غاليلو وبرونو، من هولاء امام ما نريد ..الدين دوما في خطر كما صرح احدهم لي ذات يوم . والحق يقال اننا في خطر مادام هذا الرجل ينطق بهذا اللسان .النساء هن في كل العصور مثلما الظلم والقمع والعنف..
الاطفال ترضع من ثدي الحقد ونتوسل اليهم ان يكبروا بسرعة ليرثوا امراضنا.انت لا تعرف شيئا قال لي مرة شخص اقتنع ان الاخرين هم رعاع لان الهم احتضر في معبد الجهل ..
مالذي يجعل محطم الاصنام ومزعزع الثوابت وابو الفيزياء الحديثة براي اينشتاين غاليلو غاليلي (1564-1642) ان يسارع الى القول بأنه نادم لانه اختار طريق البحث وهو الذي افنى عمره في سبيل ارساء العلم .
جلبوه على حصير ليمتثل امام اله عصره وتردد في حيرة من امره مثلما تردد برونوا من قبله ،ما الذي دعاه الى ان يكون عالما الا تعرف انك عندما تعرف لابد لك ان تدرك ان ما عرفته لا يعادل ما تجهل .!
السلطة لا تخيف فحسب بل انها قدرالحرية ونحن لا نريد الا الاغلال . المحاكمة هي ذاتها والمدن هي هي لا فرق بين المدن العتيقة وبين المدن العملاقة .
ان الارض لا تغاير في جوهرها الاجرام الاخرى وهي لا تشكل الا كوكبا عاديا والاجسام ينبغي ان تدرس عبر الرياضيات، والاليات المجهرية المكبرة والمصغرة لقد خرج غاليلوا وبرونوا (كما نطمح نحن ) من برج اللاهوت واطاح بسذاجة التفكير وشرفية الاجسام وقدسيتها واضحينى نسكن كوكبا ليس بالشريف من حيث المكانة والجوهر.. لا تفرقنا عنه لا هوية او لغة فالاشياء لا تتغاير بجوهرها..والكون مليئ بالالغاز والخرافات والسحر عدو العلم..
وباتت الاجرام في متناول الرؤية وهو الامر الذي قاله من قبل جيوردانو برونو (1548-1600) الذي سجنته ايادي تصافح الاله يوميا لاعوام انتهت بحرقه كقربان للجهل المرعب.وسواء ان صحت واقعية المحاكمة او لا ،من خلال التشكيك في اصل المدونات والارشيف المتروك في خزائن محاكم التفتيش، الا ان غاليلوا ينقل عنه انه ذكر لهم انها لا تدور يقصد الارض باعتبارها كوكبا يتمحور حول الشمس ،فان الذي ذكر يدلل على ان المدن لا تتيح الا ما ترغب به وما تقتات عليه جبروتها.
ما يقوله كوبرنيكوس براي اللاهوت فرضية وما تفترضه الكوبرنيكسية واقعة علمية ومن هنا حصل التصادم.وتدحرجت صخرة سيزيف الملقاة على عاتق الفكر المتحررمن اوهام الخوف.فالجزويت المسيحيون اقل تطرفا من الدومنيكان وعلى العلماء ان يحترسوا من مزالق التمذهب كما ننشد نحن وعندما نختار عدم الاحتماء خلف جدار الطوائف المقيت. تردد غاليلوا لانه اختار ان يكون حرا في مدن القمع.مدن العلم .مدن النسق.وينبغي عليه ان يطيع اولي الامر كما سار خلفه ديكارت واتباعه.وكما تكرر في الادبيات الاسلامية ..
شاءت الاقدار اللامفكر بها ان تجمع غاليلوا مع برونوا في القمع والتحرر.لان السلطة التي حاكمت برونو بالحرق هي نفسها التي حاكمت غاليلو لكنهما ورغم اختلاف العقوبة اجتمعا على قول الحقيقة والتجرؤ بها علانية مع الاحتفاظ بنسبية القول لاالمرواغة .
توهم الفلاسفة ان الدين ممكن ان يتيح لهم حرية الفكر وتناسوا ان الدين بيد كائنات تعشق خلق الاتباع..ولا يمكن لك ان تكون حرا في بيئة يقتنصها العقل الديني ويلاحقك حتى في احلامك ولبسك ووعيك وانتمائك وعوالمك الصغيرة ولسانك ولا يبقى لك الا ان تكون تابعا لا غير،لاحدى اركان القهر والتزمت.لهذا كتب غاليلوا كتابه (حوار حول انظمة العالم الكبرى)في صيغة ادبية حوارية بين شخصية التزمت وشخصية الانفتاح.بين الدين والعلم (سيمبلسيو وسلفياتي) حتى غلاف الكتاب كان مثيرا في رمزيته فهو مزين بصورة لدلافين ثلاثة متعانقة عبر ذيل كل واحد منهم؟؟.
وبعد انقضاء اربع قرون اعترفت الكنيسة بانها اساءت (للمؤمن) غاليلوا ! اي في عام 1992 .الامر الذي تكرر في حالة برونوا الذي اصبح مكان حرقه مزارا تلتحف بظله العشاق..سجن ونفي وعفوا واعتراف..وموت على فرااش الوجع والنسيان.
اما برونو شهيد الكنيسة الكاثوليكية والمزعج والحزين وقت الفرح والفرح وقت الحزن كما يحب ان يسمى، فقد ظل مهمشا ولم يحظ باهتمام رغم عظمته وشهرته ..فقد طورد وحبس واحرق.رغم روحانية فلسفته وعمق بعدها الصوفي.وهو ما يخالف طرح غاليلوا الميكانيكي.
انتهت به الكنيسة الى التراجع كصاحبنا غاليلوا الى الرجوع عن افكاره الا انها لم تقدر عن العفو عنه ولم ترتاح الا بحرقه حيا. فيلسوف(الحمارالذهبي) حارب الحمارية في كل مجال في العلم والدين والتربية وبالتالي فهو يرفض القطعية والاطلاق في التفكير وهي صفة حمارية لا شك فيها..فكل شي مهما بدا مؤكدا وواضحا امام المرء يتضح عند مناقشته انه قابل للشك ويتسم يالمبالغة والمعتقدات المثيرة للضحك كما كان يردد.
طورد برونوا وقضى حياته مشردا من مكان الى اخر الى ان انتهى به الامر ماثلا امام السلطة الدينية متهما بثمانية تهم منها التجديف واعتقاده بان الكون لا نهائي وان الدين لابد ان يتخلص من الاوهام والخرافات الخ والغريب بالامر انه سلم للقضاء المدني واحرق بقرار من المدنية الغربية ..وصاح بقضاته ..ربما كان خوفكم من اصدار هذا الحكم اعظم من خوفي من قبوله..
لماذا تطرد المدن الناس وتعيش على موائدها الغرباء وترعى تشرد ابناؤئها ،بينما ترفل في النعيم قحاب مثل قال نزار قباني ذات مرة؟
والمدن لماذا تحولت من الايواء الى التشرد؟ .وعلى انقاظ التساهل بنينا عقلنا الفلسفي ونحن ندرك انه كلما اتسعت دائرة العقل الحر كلما كشفنا مناطق جهلنا الذي يسلمنا الى التطرف ونقائض الوعي الفلسفي. نحن نحتفل في يوم الفشل لكي نكرر انتحار الفلسفة امام السحر والخوف والجهل والجوع والفقر والتسليم والتقديس .الفلسفة تتوسل اليقين وتنقد الزيف وترعى بشروط العيش السليم بالعكس من المدن فانها تبقى تطحن توابل التقاليد واعراف السلف لكي تعيش امنة وجهلها هو ما ينبغي تحطيمه لاقامة مدن جديدة تحتفي بالفلسفة علما وبالانسان غاية .