22 ديسمبر، 2024 5:22 م

اقتلوا ناجي العلي مجددا انه لا يزال يسخر منّا

اقتلوا ناجي العلي مجددا انه لا يزال يسخر منّا

الوطن والبكاء على ما آلت الامور اليه فيه، هو نشيد حزين وموال دائم لا يفارق جلسة صغرت ام كبرت بعديدها من شيب وشبان مهما اختلفت الاجناس والاعمار والاعراق. ولا يخلو منشور ولا مقال يكتبه احد المثقفين من ابناء هذا الوطن من هذا النواح الحزين. وهولاء الابناء البررة بهذا الوطن، طبعا بررة بكلماتهم وبدموع ساخنة اكثر من اي مرجل يخطر على البال بل هي لو جاز لي وصفها بلا مبالغة لقلت انها دموع سقر لشدة حرارتها. هولاء الابناء البررة المثقفون وانصاف المتعلمين بل وحتى بلا تعليم صاروا شتاتا في ارجااء هذه المعمورة وسكنوا اصقاعها من مطلع الشمس حيث لا ستر لهم من دونها حتى غروبها في عين حمئة. وعلى امتداد هذا القوس الكبير او الهلال العجيب ينتشرون كما تنتشر النجوم على درب التبانة ومع كل ذلك تكاد العين لا تخطأهم ابدا اينما حلوا فسيماهم الحزن وعلى محياهم الغضب وكلماتهم الشكوى من الزمان الجديد الغادر ولسانهم رطب بارسال اللعنات تترا على الجيران كلهم وابعد منهم. لان الجيران هم اس البلاء ومنبع التآمر والشقاء وكلهم مشمولون باللعن لا نفرق بين احد منهم ابدا ان كان شرقيا او غربيا، جنوبيا كان ام شماليا، عربيا شقيقا او غريبا اعجميا وان كان تركيا. نعم ننوع الادوار بيننا في توزيع اللعن والشكوى من غدر الغربائ والجيران والاشقاء ولكن تجمعنا وحدة الهدف بان نحملهم اساس كل ما حصل ويحصل. تارة يصيبنا اليأس حين يطل علينا هرم من مرآة تعكس تجاهل اليانعين لنضارتنا التي ذوت او يشرف علينا هذا بشيخوخة ترسمها خطوط تعب الزمان البيضاء على فروة الرأس او على ثنايا البشرة التي لم تعد تصلحها كل مساحيق العطار. حينها تنطلق الامنيات من القلوب الحرى بالموت هناك على التراب الغالي او لا لابأس من الموت هنا في العناية الصحية الاجنبية الفائقة، وليتكفل بعدها الورثة بنقل الجثمان الشريف ليتوسد التربة الحبيبة في وادي السلام حيث لا سلام في كل بقاع الوطن الا فيه.
الكل يهيم عشقا بهذا الوطن والكل حريص عليه والكل يتألم لتسلط زمرة الظالمين عليه كل مرة والكل يتدفأ بلواعج الاشجان والعشق لهذا المحبوب. الحنين لتلك الايام الخوالي الجميلة زينة كل حديث عن الماضي اذا كان ماضيا كله جميلا مشرقا رائعا وحتى سيئاته فهي جميلة لاننا لم نعد نراها ونسينا المها وبقت حلاوتها التي لم نتذوقها الا الان مع انه بيني وبينكم لا توجد في السيئات حلاوة .
ذهبت بكل هذا الى ناجي العلي وقلت له يا ناجي انت الان في عالم الميتافيزيقيا وترى هناك ما لا نرى ولاني لم ار وطني الجميل كما اقرأ واسمع عنه كثيرا في المطبوعات ونشرات الاخبار والقصائد الحماسية. فلعلك بل قطعا انك تراه كما ترى كل غيب لا نراه.
اريدك ان تسأل وطني الجميل وقل له اني احبك مثل كل ابناء وطني الذين يتقاتلون فيما بينهم بالكلمات وبالمدى والعصي والرصاص احيانا. وقل اريد ان اراك يوما لاني ما رأيت الا وطنا مسخا فيه كل انواع المظالم. وما رأيت الا وطنا جاهلا متخلفا يقتل فيه كثير جدا لانهم يملكون رأيا لا يعجب السلطان. ورأيت وطنا قبيحا يحتقر فيه جم غفير لانهم لا يملكون من هذه الدنيا الا الفقر. ورأيت وطنا دميما يرسل ابناءه لحروب لا تنتهي وهي مثل دمية روسية واحدة في بطن اخرى ومثل اغنية طفولية طاسة بطن طاسة. ولاقل لك يا ناجي بصراحة اني لم ار حتى وطنا بل رأيت اشلاءا سميتها وطنا. اشلاء هي ان عددتها قد تكون حتى اكثر من نعمة الله التي لن تحصى. لاني رأيت في كل زمرة اشلاء وطن. ورأيت كثير جدا مما يفرقنا ويشعل البغض بيننا فنحن احزاب وطوائف واديان وقوميات توحدنا على ان نتبادل الغل بيننا ما ظهر منه وبطن ولكن نحن ايضا توحدنا بامر اخر وهو اننا مع كل ما بيننا من كره وغل وبغض وشحناء مع ذلك كلنا نحبك يا وطن.
اذهب يا ناجي وقل له كل هذا ولا اريد منه جوابا طويلا مثل ثرثرتي الفخاوية هذه بل اريد كلاما مختصرا جدا. لان قومي يحبون من الكلام ما قل ودل بعد ان ابطلوا تلك المقولة الفارغة القديمة عن قاهرة تكتب وبيروت تطبع وبغداد تقرأ. اصبح قومي شطارا يفهموها وهي تحلق طائرة ومراجعهم لم تعد مجلدات ضخمة بل صارت اخبار فيسبوكية وواتس آبية. يا ناجي اريدها كلمة بكلمة وكفى.

قل له نحبك يا وطن

من رمسه رد ناجي العلي سريعا
الوطن يقول :احبوا بعضكم اولا قبل ان تحبوني