9 أبريل، 2024 5:08 م
Search
Close this search box.

اقتصاد العراق المعاصر.. الى أين ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

اتخذت دول العالم الحديث نموذجين للاقتصاد.. فالعالم الغربي اعتمد نظام الاقتصاد الحر.. أو ما يسمى بـ (اقتصاد السوق).. اما العالم الشرقي فاتخذ الاقتصاد الاشتراكي.. أو ما يسمى بـ (الاقتصاد الموجه).. أما بلدان العالم الثالث.. التي بدأت تظهر منذ ثلاثينيات القرن الماضي.. فقد ضاعت بين هذين النموذجين.. فبعضها بنى اقتصاده على نظام اقتصاد السوق مع خصوصية وضعه الاقتصادي والسياسي.. فيما أخذت بلدان أخرى بالاقتصاد الاشتراكي مع تعزيز سطوة الدولة على الحكم والاقتصاد.. مما افقده السمة الاشتراكية ليشكل ما يسمى برأسمالية الدولة وتهميش القطاع الخاص.
أما العراق فقد ضيع (المشيتين).. فلا اعتمد اقتصاد السوق.. ولا الاقتصاد الموجه.. لقد قامت الدولة العراقية الحديثة العام 1921.. وهي تحت السيطرة البريطانية سياسياً والشركات النفطية الاحتكارية اقتصادياً.. وحتى عندما ازدادت عائدات النفط.. وأسس العراق مجلس الأعمار العام 1950 فقد ظلت برامج ومشاريع هذا المجلس تحت رحمة الشركات النفطية.
سقط النظام الملكي.. ولا يعرف حتى الاقتصاديون طبيعة النظام الاقتصادي في العراق ولا حتى ملامحه.. وإذا استطاعت حكومة عبد الكريم قاسم (1958 ـ 1963) تحقيق الاستقلال السياسي واستعادة الأراضي غير المستثمرة من شركات النفط.. فقد بقي اقتصاد البلد يتخبط بين قانون الإصلاح الزراعي.. وَهَمْ بناء النظام الاقتصادي والسياسي.. ولم توضح صورة للاقتصاد العراقي الجمهوري.
اخذ هذا الاقتصاد بالانحدار.. والفوضى وتوسع تدخل الدولة وسيطرتها بعد تأميم الشركات والمصارف الأهلية والأجنبية العام 1964.. في محاولة لإقامة اقتصاد موجه.. لكن الحكومات (1963 ـ 1968) فشلت وعجز الاقتصاد العراقي أن يحقق أية خصوصية أو تقدم.. وظلت الفوضى هي سمة ذلك الاقتصاد.
العام 1968 حاولت الحكومات تعزيز سطوتها الاقتصادية.. ليس عن باب إقامة اقتصاد اشتراكي علمي.. بل من اجل توفير مستلزمات القوة السياسية والاقتصادية للحكم.. لذا كان البناء الجديد للاقتصاد مشوهاً.. وعندما ازدادت الموارد النفطية اثر فورة أسعار النفط عالمياً منتصف السبعينيات لم تستثمر هذه العائدات للتنمية والإصلاح الاقتصادي إلا قليلاً.. بل استخدمت لأغراض التسلح والحروب بشكل واسع وخدمة الحكم.. وبالتالي ضاع الاقتصاد وضاع المواطن.
منذ سقوط النظام السابق العام 2003 وحتى يومنا أو حتى مستقبلنا القريب لا توجد أية سياسة اقتصادية واضحة.. فلا نحن نبني اقتصاداً شمولياً ولا اقتصاد سوق.. ولا حتى السير بخطوات واضحة نحو اقتصاد السوق.. أو أية خطط للإصلاح الاقتصادي.. فقد ضيعنا (المشيتين).. وما زلنا ننتظر واردات النفط والمنح الدولية.
وتشير كل الحقائق الى استنزاف موارد العراق الضخمة لأغراض المسؤولين الكبار والصغار.. وحتى عدم القيام بأية مشاريع.. وعدم التخلص من تراكمات نظام صدام الاقتصادية.. وما زال غالبية المواطنين يعيشون على الحصة التموينية الغائبة.
عماد اقتصادنا.. منذ 16 سنة.. فساد مالي مستشر من القمة حتى القاعدة.. وفوضى اقتصادية.. ومحاصصة.. وتهريب نفط.. وكل محافظة تحاول الاستحواذ على أكثر من حقوقها.. ويا ليت هذه الأموال تذهب للإعمار والبناء.
إذن أصبحت مسألة التغيير الجذري السياسي والاقتصادي أمراً ملحاً.. على إن نضع صورة واقعية لاقتصادنا الجديد.. وبأي نظرية يجب أن يكون.. ونسير بهذا الاتجاه حقاً وعملياً.. ويدير الاقتصاد اقتصاديون متمرسون ونزيهون وذو خبرة واسعة.. وليس السياسيون يديرون الاقتصاد!!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب