منذ الوهلة الاولى التي خطت فيها حروف الدستور الاعرج وخلافات وصراعات (الاخوة الاعداء)! لا حصر لها ولا عد التي ادخلت البلاد في دوامة العنف والفرقة وعمقت الجراح وشتت شمل العباد. ذلك الدستور الذي خط بأنامل الصهيوني (نوح فليدمان) وكرس افكار دهاقنة اليهود والعجم بنصوصه المزعومة ومواده الملغومة، لاسيما المواد الخاصة بانشاء الاقاليم. فكم حذرنا من هذا الدستور ومواده وعباراته المفخخة، كالعراق الاتحادي الفيدرالي الموحد التي لا تنطبق على وصف العراق لانه لم يكن مجزءاً وان الاتحاد الفيدرالي لا يتكون الا بين دولتين او اكثر او اقاليم متفرقة تجمع تحت اتحاد فيدرالي موحد كما هو الحال في الولايات المتحدة الامريكية والامارات العربية المتحدة. وكم حذرنا من الوقوع في الفخ الذي نصبه المحتل والحكومة لدفع المناطق السنية دفعاً للمطالبة بانشاء اقاليم على اسس طائفية من خلال سلسلة من الاجراءات كالاجتثاث والاقصاء والتهميش والاعتقالات بغية تنفيذ مشروع بايدن لتقسيم العراق. وكم اكدنا انه اذا ما تم اللجوء الى خطوة انشاء الاقاليم ان تراعي مسألة التوقيت والطريقة والاسلوب (ولكن لا حياة لمن تنادي)!
واليوم تحقق السيناريو والمحتل اوكل مهمة تدمير وتفتيت البلاد بعد خروجه الى الحليف الستراتيجي ايران التي سنحت لها الفرصة لاعادة امبراطورية العجم الى المنطقة من خلال العراق لتصبح بذلك تلك الاقاليم تحت نفوذ تلك الامبراطورية شئنا ام أبينا. لذاك كان الاجدر بساستنا (لو كانوا صادقين في نواياهم تجاه البلد) ان يقوموا باجراءات تحد من دكتاتورية الحكومة والضغط باتجاه تغيير او تعديل العديد من بنود الدستور كما وعدو الشعب وخاصة تعديل قانون انشاء الاقاليم بطريقة لا تكون مدعاة للتقسيم. لتصبح الاقاليم مصدر قوة للعراق وليس مصدر ضعف وتقسيم، كما هو حال اقليم كوردستان الذي هو في حقيقة الامر كونفدرالية وليس فيدرالية وقريباً ترقبوا اعلان الانفصال وانشاء دولتهم العنصرية التي ستكون بوابة التقسيم للعراق. كما ان اعلان الاقاليم كردة فعل لاجراءات حكومية خاطئة او بحجة الحصول على مكاسب او استحصال استحقاقات المحافظات بالقوة ستدخل البلاد في ازمات لأن من المفترض ان انشاء الاقاليم القصد منه جلب الرخاء والازدهار لاهالي الاقليم وليس الدخول في خلافات وصراعات واعلان الحرب على المركز!! لذا فالمرحلة الحالية تستوجب توسيع صلاحيات وسلطات الحكومة المحلية في المحافظات مع ضمان قوة المركز، لتتمكن تلك المحافظات من ادارة شؤونها واتباع النظام اللامركزي في الادارة كخطوة اولى قبل الانتقال الى الاتحاد والاقاليم.
اما اذا بقى الحال على ما هو عليه فان البلاد ذاهبة الى منزلق التقسيم والحروب الاهلية لا محال. فمحافظة كالانبار بتركيبتها العشائرية وتعدد زعماتها القبلية والسياسية مع اختلاف الايديولوجيات ستشهد العديد من الازمات اذا ما تحولت الى اقليم. كما ان نظرة الحكومة المركزية القاصرة عنها بانها حاضنة للنظام السابق وللجماعات المسلحة مع اغلبيتها السنية سيجعل منها اقليماً مضطهداً ومحارباًِ وبذلك ستعود الى المربع الاول (وجنك يا ابو زيد ماغزيت)!! واقرب مثال على ذلك ما حصل في صلاح الدين عندما اعلنت المحافظة اقليماً بالرغم من ان دولة القانون هي التي اصرت على ادخال موضوع الاقاليم في الدستور ولكن؟!
وختاماً اود ان اضع في حسبان مجلس محافظة الانبار في حال ارتكابهم هذا الخطأ التاريخي واعلان المحافظة اقليماً ورفض من الحكومة وهذا متوقع بانه لا امامهم سوى ثلاث خيارات لا غيرها احلاها مر!! الاول اما التراجع عن قرار اعلان الاقليم وهذا انتحار سياسي او الاستمرار فيه والدخول في دوامة المحاكم الاتحادية مما سيدفع الحكومة الى قطع ميزانية المحافظة بحجة عدم حسم موضوع الاقليم دستورياً وهناك نصوص قانونية في دهاليز الدستور ستعتمدها آنذاك وهذا يشكل انفصالاً عن الدولة!!
الثاني ان تعلن المحافظة اقليماً ادارياً واقتصادياً مستقلاً وعليها آنذاك توفير الاموال ذاتياً كالبحث عن الاستثمارات وتنفيذ مشروع غاز عكاز وهو قادر على اغناء الاقليم وسد احتياجاته فضلاً عن المعادن الثمينة والثروات الاخرى في المحافظة ولكن سيعد ذلك انفصالاً ايضاً!!
اما الثالث ان يلجأ الاقليم الى احدى دول جوار الاقليم كالسعودية او الاردن او سوريا للحصول على الدعم مما سيجعله مشروعاً للتدخلات الخارجية وذلك يعد انفصالاً بكل المقاييس!!
والله من وراء القصد