23 ديسمبر، 2024 9:36 ص

افيون الحكومة السادسة

افيون الحكومة السادسة

كل حكومة تاتي تبتكر لنا آلية جديدة لمكافحة آفَة الفساد، وغالباً تكون حبراً على ورق او اجراءات دون تنفيذ واضح. هدفها تخدير الشعب كما يفعل الافيون بمتعاطي هذه المادة. والذي استعمل هذه المرة في الحكومة الحالية هو “المجلس الاعلى لمكافحة الفساد”. الذي
يحمي الفاسد لا يقل عنه فساداً والذي يتستر على الفاسد لا يقل فساداً عنه، والذي يرى الفاسد ولا يعلن عنه لا يقل فساداً عنه. هيمن الفساد على كثير من مفاصل و اروقة الدولة. هو سبب الخراب في كل شيء ليجعل العراق في مقدمة الدول المتأخرة. بين فترة وأخرى
تبتكر لنا العملية السياسية مفاجأة جديدة، حيث تجذبنا أحياناً الشعارات البراقة و التسميات فتقودنا نحوها طوعاً ومن دون تردد و تفكير، اعتقاداً منا أن كل شعار هو تصور عن مضمون المحتوى وهو ما حدث عندما اعلن رئيس مجلس الوزراء تشكيل المجلس الأعلى
لمكافحة الفساد. سؤال يطرح هل هذا الكيان الجديد هو حلقة جديدة زائدة ومجرد اختلاف في العناوين لا أكثر مع الجهات الرقابية الاخرى؟ ليس غريباً أن تسعى هذه الحكومة كما سابقتها من الحكومات التي تشكلت قبلها أن تتخذ من مفردة وعنوان مكافحة الفساد الحكومي
والاقتصادي وهدر الأموال ونهب ثروات البلد شعاراً لها ودليل عمل ميداني تحاول فيه أن تستميل اليها المواطن العراقي الذي أيقن حقيقة هذه الحكومات وعدم جديتها في أفعالها وفقدانها للأدوات الرئيسية التي تستطيع فيها من إنفاذ مقرراتها بسبب عدم قدرتها على مواجهة
هيمنة الأحزاب السياسية المتسيدة للمشهد السياسي العراقي وفرض سطوتها على إجراءات الحكومة وامتلاكها العديد من الإمكانيات التي تجابه بها قرارات الحكومة. ما بين خمسة جهات رقابية (هيئة النزاهة و ديوان الرقابة المالية و المفتش العام و القضاء و البرلمان)
تشهد الحكومة الحالية ولادة جهة جديدة الا وهي المجلس الاعلى لمكافحة الفساد متأملين منها ان لا تكون لغرض التخدير و دغدغة العواطف. ختاماً نقول هل حكومة عادل عبد المهدي تستطيع الالتزام بوعودها وإقرار توجهاتها وتنفيذ مهامها الميدانية ام ستبقى أسيرة
لطموحات وغايات الأحزاب؟ وهذا ما ستبينه الأشهر القادمة من عمر الحكومة.