23 ديسمبر، 2024 6:40 م

افكار وملاحظات.. عن المنبر والقصايد والردات..!

افكار وملاحظات.. عن المنبر والقصايد والردات..!

يمكن القول، اجمالا، ان عدد من (القاصرين) هيمنوا على المنبر والشعائر ،غالبا.. وقد تكون (اليد) الخبيثة وراء ذلك ..أيضا (1)..!
وهذا يستدعي توجيه ملاحظات .. وهي تتركز حول خطرين هما:

الخطر الاول: أبعاد المنبر والشعر عن اهداف الثورة الحسينية، فضلا عن ابعاد الفعاليات والشعائر.

الخطر الثاني: التحريف في تاريخ واحداث الثورة الحسينية.. وما لازمها من ظروف وملابسات.

اما الخطر الاول، وقد شاع بشكل كبير، لاسباب سياسية وطائفية، أضرت كثيرا بالمنبر الحسيني. فقد واظب اغلب الخطباء والرواديد على تجاهل الامام الحسين (عليه السلام) وثورته المباركة، وتسليط الاضواء على مأساة اسرته الكريمة (2).

ويضاف الى ذلك، خطر التحشيد لزيارة المراقد ثانوية او مبتدعة حديثا، وابعاد القواعد الشعبية عن زيارة الامام الحسين (ع)، الذي حشد له اهل البيت (ع) ولقضيته (3).

اما الخطر الثاني، فهو بث احداث مختلقة وكاذبة، فضلا عن كلام واطروحات بعيدة عن الثورة الحسينية، بل مناقض لها. ومن ذلك جرها الى قضايا خلافية او طائفية، وتجريدها من مضمونها الاساس، كونها ثورة ضد الحكم الفاسد، الظالم، المتستر بالدين.

يضاف الى ذلك، خطر تحويل قضية الامام الحسين (ع) الى بابا لقضاء الحوائج ، فقط، وليس للتكامل والرقي. وهذا مناقض لاهداف الثورة الحسينية، لانها حشدت نحو (الايثار) و (التضحية) من اجل قضايا (العدالة) ومواجهة الظلم، والسلطة الظالمة..وليس العكس.

ان اهمية الثورة الحسينية تكمن في دفع الفرد والمجتمع نحو مواجهة الحكم الفاسد، السارق للمال العام، والمتلبس بلباس الدين، كما هو الحال في العراق اليوم، واعلاء الصوت الرافض للطغمة الحاكمة، وللتظاهر ضدها.. وليس المنبر لتعليم الناس الخنوع والسكوت والانانية (4).

والدفاع عن اصالة الثورة الحسينية، هو مما طالب به الشهيد محمد الصدر في كتابه اضواء على ثورة الامام الحسين وفي كتاب شذرات من ثورة الامام الحسين (ع) ، فضلا عن ما كتبه السيد مقتدى الصدر(5)، وكتب الكشميري، واخرين عن هذا الموضوع.

وتقع المسؤولية على الفرد في عدم الانجرار نحو شهرة الخطيب، او الرادود، بل يتفحص بعقله مواصفات القاريء ومدى انسجام ما يقال مع الثورة الحسينية، بعيدا عن العاطفة او التعصب.

هوامش:

(1) ساهمت الفضائيات الشيعية، في الترويج لعدد من القراء، اغلبهم (غير مؤهل) علميا وثقافيا للتصدي في مجال القضية الحسينية. بينما نجد الاكفاء ، أمثال السيد مهند الموسوي والسيد علي الطالقاني، وهما من كتب الشهيد الصدر، ممن تتجاهلهم تلك الفضائيات، بالرغم من الامكانية العلمية والثقافية والخطابية عندهما.

(2) وهذا متناقض تماما مع مباديء وقيم الامام وثورته، فقد تجاوز الامام البعد الاسري والشخصي، لاجل قضايا اعلى واهم، تمتد عبر الزمان والمكان، حتى قيام الثورة العالمية المهدوية.

وقد بين الامام الحسين ذلك بقوله : …إني لم أخرج أشراً، ولا بطراً ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر..

فضلا على ان ما يفعله اغلب الخطباء والرواديد اليوم، هو مخالف لدور السيدة زينب (عليها السلام) ..لان سيدتنا تمحورت في كلامها وحركتها، حول اهداف الثورة الحسينية، فقد مارست دور اعلامي لبيان ثورة الامام واهدافها، بعيدا عن الامور الاسرية والشخصية..!

(3) حشد اهل البيت نحو زيارة الامام الحسين (ع) ونهضته المباركة، بينما نجد اغلب الخطباء والرواديد والحملدارية يبتدعون شخوص واماكن ، لا علاقة لها بالثورة الحسينية، وهم بذلك يبعدون القواعد الشعبية عن مركز الثورة ومضامينها. فقد ورد عن اهل البيت (ع) ما مضمونه: من زار الحسين (ع) زارنا..

(4) لقد ظلم الخطباء الامام الحسين (ع) ..عندما صادروا اهداف الثورة، وحولوها الى اهتمام دنيوي اقتصادي، شخصي، وليس ثورة ضد الحكم الظالم، بل احيانا لخدمة الحاكم الفاسد وحزبه.

لذا نجد اغلب ضحايا المنبر، قد اخذتهم النعرة الطائفية والشخصية، بعيد عن العاطفة الوحدوية والتوحيدية، وبعيدا عن روح التضحية والايثار في سبيل العدالة والمصالح العليا للبشرية.

يضاف الى ذلك استخدام القضية الحسينية لاجل الحصول على منزلة بين الناس، وكسب الاحترام والحضوة .. وحصول الفرد على (التقديس) من قبل المجتمع. وغالبا، يحشد المنبر، الفرد نحو اشباع رغبات النفس الامارة، بلذة المنزلة الاجتماعية والدينية. علما ان مرض (حب القدسية) او (شهوة الصنمية) هما من اخطر الاوبئة الاخلاقية المنتشرة في الوسط المتدين عموما.

وقد تصدى السيد محمد حسن الكشميري لبيان ذلك في كتابه محنة الهروب من الواقع.

(5) لذلك نجد الصدريين، اجمالا، عندهم (وعي) و (ايثار) و استعداد للتضحية، وهم اليوم يتصدون عمليا، لمواجهة الخطر الداعشي، والحكم الفاسد، بعد ان قاوموا الاحتلال سابقا، وهذا يعود الى المنبر الصدري، الناطق، بلسان الثورة الحسينية الحقيقية والاصيلة.