19 ديسمبر، 2024 2:45 ص

افكار اولية في دور مؤسسات المجتمع المدني افكار اولية في دور مؤسسات المجتمع المدني

افكار اولية في دور مؤسسات المجتمع المدني افكار اولية في دور مؤسسات المجتمع المدني

كثيرا ما اقول في نفسي ان العراق كمجتمع بحاجة الى عاملين او موظفي تنمية مجتمعية لا سياسيين واحزاب …. ورؤيتي هي ان ما يمثل السلطة والقوة المالية يجب ان يكون في ايدي موظفي التنمية المجتمعية والتطوير لا بيد السياسيين.

تعتبر تنمية المجتمع احدى الاستراتيجيات الحيوية التي لجأت اليها الدول المتحضرة من بعد الحرب العالمية الثانية رسميا (حيث ابتدأت ارهاصاتها مع بداية القرن العشرين وعرفت رسميا بعد الحرب العالمية الثانية “بتنمية المجتمع” كأسم رسمي) وهي ابتدأت في بريطانيا العظمى ثم في الولايات المتحدة ثم تبنتها الامم المتحدة واتخذتها وسيلة لتنمية المجتمعات المؤهلة للتطوير. من اولوياتها القضاء على الفقر ونشر التعليم والوعي الصحي والثقافي ومن ركائزها التطوير والتدريب والتأهيل للكوادر العاملة في مجال المجتمعات وتنميتها سواء كانوا معينين بأجور او متطوعين بدون اجر. من مبادئها ان لا تساعد من يحتاج المساعدة بالمال او ان تهب له المساعدة العينية كسلعة او اي شيء عيني من هذا القبيل لشخص مفرد بعينه، وانما المساعدة بالتدريب والتأهيل والتطوير لمجموعة تمثل مجتمعا ما عانى من فقر مدقع او اهمال او تدني في الخدمات التي هي سببا للتخلف. فهي تعمل على فتح مشروعات للتعليم كمدرسة او معهد او تساعد في فتح مختبرات علمية وتجهزها بالاجهزة والادوات او ان تعمل دورة تدريبية او تأهيلية لمعلمين او مدربين وهذا كله (اختصارا) يجسده المثل القائل (لا تعطيني سمكة انما علمني الصيد) وازيد عليها (اعطيني شبكة صيد او سنارة).

هذا وقد كان للأمم المتحدة من خلال مكتب التربية والعلوم والثقافة (يونسكو) تواجدا مباشرا في العراق وكان له اثر في مشاريع كثيرة الا انه قلص اثر توالى الاعمال الارهابية المستهدفة له واهمها العملية الارهابية في الشهر الثامن 2003 والتي راح ضحيتها سيرجيو فييرا دي ميلو الممثل الخاص للامم المتحدة في العراق بهجوم انتحاري بشاحنة ملغومة (1).

هذه الحركة او العملية (تنمية المجتمع) والتي تقودها منظمة الامم المتحدة تعتبر مشجع عليها من قبل المرجعيات الدينية لما لها من أاثر في تطوير المجتمع واحقاق التنمية لأجل الوصول الى العدالة الاجتماعية او قريب منها. علما ان المؤسسات الدينية في العراق قليل منها يدعم ويساعد التنمية المجتمعية من خلال اقامة مشاريع تنموية كمساعدة في قيام مؤسسة تعليمية او صحية، او اسناد مشروع طاقة، او بنى تحتية، وغيره من المشاريع ذات التخطيط والتنفيذ الهادف الى انتشال الانسان العراقي الفقير بكافة اطيافه وبطريقة حيادية. بل جل ما موجود هو المساعدة المباشرة للأفراد مالية كانت او

عينية مثل سلعة معمرة او غير معمرة للاحتياجات البيتية او ملابس ككسوة العيد وما شابه. وقياسا لما يجبى من عوائد مالية من حقوق شرعية تعتبر كمساعدات غير كافية لأنها في النهاية اموال او سلع ستستهلك في حين ان اعداد كادر تعليمي او طبي او خدمي وتهيئة مؤسسة او منشأة تعليمية او صحية او خدمية لا يستهلك انما هو قابل للتطوير.

اما الهدف الرئيسي للبرنامج (برنامج التنمية المجتمعية) يكمن في تحديد سبل لتحسين الظروف المعيشية وخلق فرص عمل جديدة. على ان الخطة تقوم على تحدّيد الاحتياجات ذات الأولوية بالنسبة للمجموعات السكانية الهشة والخدمات الاجتماعية الأساسية الضرورية مثل المأوى، والمياه، والصرف الصحي، وإمدادات الكهرباء، والخدمات الصحية والتعليمية الأساسية. ومن خلال إنشاء وتطوير مشاريع جزئية صغيرة أو متوسطة الحجم، تتطرق الخطة أيضاً إلى المتطلبات التقنية والمهارات الخاصة بالمهن والأعمال الصغيرة وفرص العمل الممكن خلقها على المدى القصير والمتوسط (2).

إن من اهم المحددات التي تقف عائقا في وجه هذا البرنامج او التوجه هي التالي: –

اولا- عدم تعاون وتجاوب الحكومة العراقية والبرلمان مع منظمات المجتمع المدني من خلال:

1- القرارات والتشريعات التي من شأنها تعطي قوة وسلطة لمن يقوم بالإصلاح والتنمية.

2- عدم وجود الدعم المالي الحكومي او المؤسساتي كمرجعيات دينية او احزاب سياسية او حتى التبرعات الشخصية الطوعية من قبل شرائح المجتمع كافة لهذه المنظمات.

ثانيا- عزوف المواطنين بشكل عام عن المساندة والمساهمة في هكذا نشاطات وهذا يرجع لسببين:

1- ضعف الحس الوطني الشعبي عند العامة في التطوير والبناء ومكافحة الفقر والجهل والمرض وان وجد فهو قليل جدا او انه فاقد للتنظيم والتخطيط حيث ان العفوية والعشوائية تكون السمة الابرز.

2- الجهل بأهمية دور هذه المؤسسات والذي يسبب عدم ثقة المواطن باي مشروع ظنا منه أنه مسيس.

الخلاصة: اننا دائما ما نلاحظ ان العامة من الناس وحتى المثقفين ينتظرون من الحكومة ان تعينهم او تنفق عليهم في مشاريع وادوار حياتية يومية كثيرة حتى اصبحنا مستهلكين اكثر من بقية الشعوب وخير دليل على ذلك الموازنة السنوية حيث ان نسبة الرواتب التشغيلية اكثر مما يذهب للمشاريع التنموية (3).

اما الحل فهو في تشجيع الثقافة العامة لدى المواطن في ان يتطوع ويساهم في نشر ثقافة المشاركة والاستعداد للمشاريع التنموية التي اهمها القضاء على الجهل والامية ونشر الوعي الثقافي والصحي وبناء الانسان واعداد الافراد والكوادر لذلك من خلال التطوير بالتأهيل والتدريب والاعداد لكي يكونوا قادة في بيئاتهم ويعملوا على التطوير واعطائهم القوة والسلطة من خلال مساندتهم بالتشريعات اللازمة والدعم المالي الرمزي (ليس المباشر وانما بالأجهزة والمعدات والتسهيلات) من قبل الحكومة او المنظمات الدولية كمنظمة اليونسكو.

الاقتراحات المصاحبة لدينا هي ان تكون هناك:

اولا: – فقرة في السيرة الذاتية لأي متقدم على وظيفة رسمية او غير رسمية ان يكون له خبرة لا تقل عن سنة او سنتين في مجال التطوع مع منظمات المجتمع المدني او منظمات التنمية المجتمعية (والتي يصاحبها انجاز مشاريع مهمة موثقة فعليا).

ثانيا: – درجة او درجتين وظيفيتين تمنح لمن له خبرة في مجال التطوع مع منظمات المجتمع المدني او منظمات التنمية المجتمعية (والتي يصاحبها انجاز مشاريع مهمة فعليا وموثقة).

ثالثا:- امتياز خاص لمن يثبت (اقصد الشركات او الشخصيات الهامة في البلد) انه دعم مشروعا تنمويا مجتمعيا سواء كان الدعم مالي او معنوي.

رابعا – انشاء وكالة مكافحة الفقر الوطنية في العراق المعنية بتنظيم وتشريع وتسهيل والمصادقة على كل ماهو متعلق بالمشاريع التنموية للمناطق المحلية في المجتمع.

خامسا- انشاء مراكز (اسناد الاسر وشرائح المجتمع معدومة ومحدودة الدخل الشهري) التي تدار بواسطة كوادر مختصة بالتنمية المجتمعية ومعتمدة على عناصر متطوعة مؤهله ومدربه او مساهمة بالدعم والمشاركة فعليا ومعنويا. هذه المراكز من شأنها ادماج شرائح المجتمع المستهدفة في برامج ثقافية وتوعوية وخدمية تفيدهم بانتشالهم من الفقر والجهل والمرض.

الهوامش والملاحظات:

1- تفاصيل الخبر : جريدة الرياض العدد (12843) بتاريخ 20/08/2003 موجودة على الرابط التالي 2003/Mainpage/POLITICS_14925.php-08-http://www.alriyadh.com/Contents/20 تاريخ الزيارة 22/03/2014

2- للتعرف على المزيد من برامج مكتب اليونسكو في العراق ادخل على الرابط التالي -http://www.unesco.org/new/ar/iraqprogramme/-development-area-education/local-cationalvo-office/education/technical تاريخ الزيارة 22/03/2014

3- للمزيد عن الانتقادات للموازنة العامة للعراق في العام 2013 موجودة على الرابط التالي http://www.imn.iq/news/print.18070/ تاريخ الزيارة 22/03/2014

أحدث المقالات

أحدث المقالات