23 ديسمبر، 2024 9:07 ص

قال تعالى :- (( وخلقنا الإنسان في أحسن تقويم ))………………….
آيةً من الذكر الحكيم لو تمعنا فيها عمق المعاني وروعة التصوير في خلق الله  للإنسان الذيفضّله عن سائر المخلوقات,, لما وجدنا كلمات تفي الشكر لله وحمدهِ على ما أنعمَ من نِعم لننُدرِك غاياتها الجليلة إلا بعد أن تجرُفنا سُبل الضياع والرذيلة في عصف  الرياح الصفراء التي تجعل من أجسادنا أ رض جرداء تكاد تخلو من كل شيء إلا  من كونها وكرٌ للأفاعي بمختلف ألوانها وإشكالها وأحجامها..تتخبط بشرها هنا وهناك..تُفرغَ سُمّها في أبدان الخطايا ليتجسد في النهاية شرها جسداً  بائداً يغصُ بزُرقة السم الزؤام.

خُـُلـِقنا لنكون تائبين طائعين شاكرين لله ونِعَمهِ ..فكل ما  لدينا  من أعضاء نابضة ماهي سوى وسيلة تقودنا إما لصالح أعمالنا وثوابها في دار القرار ..أو لشر مانبضتْ به أجساد جاحدة ناكرة لذكر الله.. هاوية في قعر الجحيم وبأس المصير.

لم نجعل من أيدينا التي خُلقت لتكون أول من يمسك القلم  حين كّرمها الله سبحانه وتعالى في أول سورة أُنزلت على نبيه الكريم محمد ((ص)) وهي ((أقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم )) ..بأن تكون أفاعي ترمي بسحرها المسموم حروفا على أسطر من نار ؟!! لما نجعلها ملطخة بدماء الأبرياء !!! وهي تلتف على أجسادهم وأعناقهم ظلما وعدوانا وهي خُلقت لتكون عوناً لصاحبها وما يحوطه  لجمع الخير ..ورَفْعها ذلاً إلى بارئها تستجدي الدعاء من فيض رحمته لكسب الآخرة بصالح أعمالها.

أما أقدامنا فهي مسير خطواتنا في دروب النجاة والفضيلة ..هي التي تقودنا لحسن الخاتمة بما تخلفه من خطوات راسخة وأشواط قيمة زاخرة بالبر والإحسان ..لما نجعلها ثعبان أهوجْ يبتلع المسافات  بشراهة وحقد , بغية الوصول إلى نشوة الافتراس ..متلذذاً باعتصار ضحاياه في جوفه المظلم المسموم.

وأي معنى تلك التي تحمل ألسنة محتقنة بحروف  مهولة قاتلة ..يجسدها اللسان الذي يحتمي غيهب أفواه خائنة..وأنياب خارقة..  أفواه ترسم البسمات المزيفة من مكر ثغرها..لا ندرك معنى ابتساماتها  ووقع حروفها إلا بعد أن تتلقى منها لسعة ترديك قتيلا بسمها الساحر الذي لا يلبث أن يرمي بأول حرف منه حتى نال منك فريسة واهنة.

وهناك ماهي أمر وأدهى من ألأفاعي  التي تموج جوفك المتخبط بحركاتها ورقصها على نبضات دنيئة تسّولُها الأنفس  من أكل السُحت وشرب المُنكر وقتل الحلال بما تفرِزه من عُصارات مسمومة تسري في ثنايا الدم الأحمر الرائق ليتحول إلى بركان أسود بحمَمهِ وسيل الزؤام الأخرس.

لما يكون الشر عنوانا لكل جزء من أجسادنا؟؟ حتى وان كانت أفاعي..فمن الأفاعي  ما يؤكل ومنها ما نستخرج منها الدواء لأصعب داء ..ومنها ما تكون لنا خلاصا من القوارض والمخلوقات الضارة ..إذن.. فلنرتقي بمعاني الحياة أسماها  وأروعها ..وننبذ التحوير بمفرداتها وقوانينها الكونية لنستخدم كل ما خلق الله لنا ومما حولنا ما يبجل أعمالنا  ويضعها في مكانها  الذي وجدت لأجله ,, لأنها ستكون الشاهد الوحيد لكل الذنوب المقتَرفة  وكل الحسنات المدّخرة في دار القرار.

قال تعالى ((يوم تشهد عليهم أيديهم وأرجلهم بما كانوا يكسبون)).