.. هم اصحاب الاتجاهات الاسلامية والقومية والوطنية من الاغبياء المخلصين والمتطرفين. والاغبياء، هم كتّاب وصحافيون وسياسيون وغير ذلك… ممن يعانون من غباء فطري او حدة في الطبع او فهم خاطئ وخطر ، لبعض القضايا الفكرية والسياسية والدينية او عدم استعداد للتنازل عن بعض الاراء الاجتهادية في سبيل الالتقاء مع الآخرين… هم باختصار جزء منا ولكن ليس لديهم المقدرة على التعامل مع احداث هي على درجة عالية من التشابك والتعقيد.
ولا أبالغ اذا قلت ان هؤلاء اخطر على مجتمعنا من كل اعدائه، لان هؤلاء هدموا ويهدمون المجتمع من الداخل، وبوجودهم وبأفكارهم اصبح المتربصين بنا ليسوا بحاجة لأن يكيدوا لنا، اذ ان هؤلاء قد كفوهم شر القتال.
اننا اليوم بحاجة الى ثورة تصحيحية لاوضاع الجماعات والاحزاب التي تريد ان تسلك الطريق الى الوحدة الوطنية والمشاركة الفعالة، وليكن هدف هذه الثورة تطهير الصفوة المخلصة من الاغبياء المخلصين. ومن ابرز ملامح هذا النفر:
1- تبني نظرية من ليس معي فهو ضدي، وهذه النظرية نشأت لاعتقادهم انهم وحدهم الذين تتجسد فيهم مصلحة المجتمع وهم الذين يعرفون الحق من الباطل والصواب من الخطأ. فمن حالفهم في رأي او موقف فهو لا شك جاهل او غبي او صاحب مصلحة. كأن هؤلاء لا يعرفون ان في مجتمعنا من هو اكثر اخلاصاً وفهماً منهم. ولو عرفوا ذلك لا قتنعوا بان لمن خالفهم في الرأي اسباباً منطقية قد يكون لم يطلعوا عليها او لم تستوعبها عقولهم القاصرة، فاختلاف الاراء عملية طبيعية في وضع المجتمع الحالي، فهناك من يرى ان الضعف العقائدي هو أشد الاخطار، وهكذا تزداد الاراء وتختلف واختلاف كهذا ليس مضرا ، فكل اتجاه من هذه الاتجاهات بحاجة الى جنود وهي متكاملة وليست متعارضة. ولكن كيف يفهم الاغبياء ذلك وهم اغبياء.
2- الولاء للافراد والجماعات والاحزاب وليس للقانون الحق، وهذا الولاء جعلهم يعتمدون في مصادرهم وعلمهم على مراجع علمية محددة، فهم لا يحكمون عقولهم ولا يطلعون على كتابات الآخرين وافكارهم، وهذا الولاء اعطاهم ثقة زائدة في معلوماتهم وقوتهم. فبعض هؤلاء يعتقدون ان المجتمعات تريدهم مع ان هذه المجتمعات قد لا تدري حتى بوجودهم، وهذا الاعتقاد جعلهم يتعاملون مع الآخرين من منطلق القوة، فهم ليس لديهم استعداد للتعاون مع الآخرين او للتنازل عن بعض اجتهاداتهم، وهذا الولاء جعل اخطاءهم الكبيرة هفوات صغيرة في حين جعل اخطاء الآخرين الصغيرة كبائر لا تختفر.
ونقول: ليس عيباً ان يكون هناك انتماء فكري او سياسي ولكن كل العيب ان يكون هذا الانتماء مقدماً على الانتماء للحق والصواب.
3- عدم الاقتناع بان بناء الجسور بين الاتجاهين الاسلامي والقومي والوطني على اساس الاسلام، قضية بديهية من شأنها ربط المجتمع بالعلم والواقعية والجذور والعنصرية والمنطق والحق.
4- يفتون في العقائد كأنهم متخصصون في دراسات العقيدة، ويتحدثون في السياسية، ولديهم اراء واطروحات لا يحسدون عليها في عدم فهم الحركات الفكرية والسياسية واصحابها واخلاقهم… ولا يعرفون نظرية من قال، لا اعلم فقد أفتى ، ولم يسمعوا بالآية الكريمة “وما اوتيتم من العلم الا قليلاً”
وهذه الافكار والاراء نابعة اصلاً من عدم تقديرهم لأهل العلم.
ان هؤلاء لا يدركون ان اكتساب المعرفة العلمية والخبرة في العقيدة بحاجة الى جهد كبير وقراءات كثيرة، وهؤلاء عندما يستهترون بالعلم ويتجاهلون معالجة الامور المختلفة بسطحية علمية وبالتالي فهم يدمرون جماعاتهم من حيث لا يشعرون. وقد حدث هذا التطاول على الحقائق والعلم في بعض العهود الاسلامية في مواضيع الفقه والاجتهاد، قيل (لو سكت من لا يدري لاستراح الناس).
5- لديهم عقدة اسمها الرغبة في محاكمة الماضي، وكل ما انتهى هو ماضٍ ولو كان قبل يوم واحد. انهم يجهلون ان تطبيق العدل بأثر رجعي عملية غير ممكنة ويجهلون ان الاخطاء والاختلافات والعداوات تحدث في كل مجتمع وليس من الصواب العودة لفتح ملفات الفتن والجرائم والاخطاء… فكل ذلك اصبح جزءاً من الماضي، والمهم هو الحاضر والمستقبل ولا بد من التعامل مع الاحداث الحالية والمتوقعة، والفائدة الوحيدة للماضي هو التعلم من دروسه الايجابية والسلبية ولنا في رسول الله (ص) قدوة حسنة، فقد صفح عمن آذوه وحاربوه مع ان بعضهم ظل على الشرك حتى فتح مكة . فلماذا يتعامل بعض من ينتمي الى اهل الاسلام اليوم بروح العداوة والبغضاء والانتقام؟ لا جواب على هذا السؤال الا ان انتماءهم للاسلام فيه شك او ضعف.
فلننسى الماضي، ولنتجاهل محاكمة افراده، ولن يسألنا الله عن ابطال الماضي ومجرميه، فقد قال سبحانه وتعالى: “تلك أمة خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون”.
[email protected]