من أصلِ عشرة مانشيتات صُحفية، ستجد سبعة منها تتحدث عن الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي؛ هذا الأملح الذي قاد معارك تكريت والحويجة وآخرها الموصل، حتى تحريرها.
وفي بادرة هي الأولى من نوعها، اجتمع العراقيون على مديحه وشكره، والتغني ببطولاته. حتى ضجت مواقع التواصل بصوره المتعددة.
تخيّل من أصل أربعين سياسيا ورجل دين يحكمون العراق، لم تجد العراقيين يتفقون على مديح أحد مثل الفريق الساعدي!
رغم أنني من ضمن الذين قدموا له التهاني والشكر، إلا اني أخفيت عنه خوفي عليه! نعم خوفي على عبد الوهاب الساعدي من هذه الشعبية المرعبة التي حضا بها مؤخراً.
الساعدي نبراس المؤسسة العسكرية، وجد نفسه في قلوب العراقيين دون سابق إنذار، وهذا مؤشر خطر يدق ناقوس التفكير السياسي. فالسلطة السياسية لا تحب أن يتقرب العسّكر من العامة.
فما زالت(العقلية الانقلابية) تطارد أصحاب السلطة، وهم يضعون رؤوسهم على الوسادة.
بروز نجم الساعدي هذا؛ قد أطاح بعده جهات مهمة، أولها من فشل في إدارة الملف الأمني قبله وسلم الموصل لداعش على طبق من ذهب.
وثانيها، الفصائل المسلحة في الحشد الشعبي، رغم جهود الحشد (كمؤسسة) محفوظ وموجود ولا يُنكر، إلا ان اختلاف الايدولوجيا والانتماء بين بعض الفصائل سيجعل الساعدي ندا لهم.
لا أتفاؤل ابداً وأنا اعرف الطبقة الحاكمة في العراق، ان الساعدي سيهنئ في هذا الانتصار.
فالتاريخ (العسكري – السياسي) في العراق محفوف بالمؤامرات، لا أريد أحيل التجربة الى أعوام 58 و 63 و68 ، دعونا نتذكر اللواء الركن رشاش جياد الإمارة الذي نجح في إخماد انتفاضة جنوب العراق ضد نظام صدام حسين ثم جازاه الأخير بقطع رئسه!
ونحن نعيش في الألفية الثانية، تجدد الأمر مع حكومة 2010-2014 ابان ثورات الربيع العربي حينما قام المالكي آنذاك بعزل القيادات العسكرية وتعيين المقربون منه!.
وحتى وزير الدفاع السابق خالد العبيدي، حينما حاول كشف ملفات الفساد قبل عامين، وتلألأ نجمه، عملت الأحزاب الحاكمة على طمس معالم بريقه.
وهناك من ظهر حينها على الشاشة وقال: ربما العبيدي سيحتل الخضراء إذ لم توقفوه!
أجدد خوفي وقلقي على تنامي شعبية الساعدي الأخيرة، فهناك من يفكر بان الساعدي بات خطرا عليه، وعلى حزبه ووزاراته وربما المشروع السياسي العراقي برمته.
فهو حَكم ولم يعدل، وما زال غيّر آمن وهو لا ينام!