اليوم عيد ميلاد ولدي الحبيب (سيمون) وانا في هذه اللحظة اجلس وحيدة في غرفتي الصغيرة .
اوقدت له (ثلاث شموع) هي عدد سنوات عمره المديد ان شاء الله تعالى.
اضع على الطاولة بضع باقات من الزهور واعلاما صغيرة وبالونات ملونة .
في قلب الطاولة وضعت علبة حلوى.
وحدي انا وصورة ولدي الحبيب سيمون ,اطالع وجهه الجميل وانظر في عينيه الواسعتين واتحدث الى الصورة مرددة عبارات التهاني المعروفة (عيد ميلاد سعيد )(سنة حلوة يا سيمون)ومع ترديد الالحان تنهمر دموعي حتى انها كادت تطفئ الشموع المشتعلة ليست بنار بل بحرقة القلب المتلهف لرؤية ولدي الحبيب (سيمون) وها انا استسلم لنوبة من النشيج وهنا اتوقف عن ذلك اذ تطرق على باب الغرفة المؤصدة من الداخل امي الحبيبة ويأتيني صوتها مناديه عليّ كأنه النسيم العليل.
افتحي الباب عزيزتي
انهض وافتح الباب …
تعانقني في حنان وتأخذ بيدي وتنادي على اخوتي واخواتي وجمع من الاطفال الصغار فيعلو صوت الغناء والاناشيد بعيد ميلاد ولدي الغالي (سيمون).
(سيمون )الطفل الذي فقدته مذ ولد ….!!!
لم اسعد بعاطفة امومتي له الا لسويعات بسيطة اجل بضع سويعات واغتيلت بعدها امومتي…اغتيلت لأنني اصبت بمرض عضال افقدني رشدي وذاكرتي ونسيت كل شيء الا انني أم لطفل ولد للتو اسمه (سيمون)وهو اليوم يبلغ من العمر(ثلاث سنين).
عيد ميلاد سعيد …سنة حلوة يا سيمون
اصوات التغني بميلاد (سيمون ) تأخذني الى اللحظة الأولى التي رأيت فيها وجهه الجميل وحملته بين ذراعي وتناول مني غذائه الطبيعي لأيام عديدة اضمه الى صدري فكأن الدنيا واثمن ما فيها تجلت في هذا الكائن الصغير, لكن سعادتي لم تدم ولم يطل بها المدى اذ اغتيلت على اثر عودتي بطفلي من المستشفى الذي شهدت عملية الولادة الى البيت الزوجي الذي يضم العائلة المكونة من أم زوجي واخوته الصغار واخواته ولم يطل بي المقام الا وعاصفة من الغضب والهياج والصراخ بسبب مشاكل شخصية بين زوجي وشقيقته ما اثار بنفسي رعب هائل ادى بي الى انهيار عصبي ومن ثم فقدان الذاكرة لفترة طويلة من الزمن تركني خلالها الزوج عند اهلي ولم يكتف بهذا بل سارع الى اخذ امر رسمي بحضانة الطفل (سيمون).
هنا بدأت المصائب والويلات التي كابدتها امي وعانى منها ابي فما تركوني لحظة واحدة وقد بذلوا ما استطاعوا من مال وجهد في سبيل شفائي مما ابتليت به واحتملوا عبئا ثقيلا فوق طاقتهم المادية في سبيل تحقيق الشفاء الذي لم يكن له ادوية او اطباء في بلدي بل ربما فاقمت خطورته وضاعفت من شدته الادوية المختلفة التي وصفها لي الحكماء والاطباء حتى كان يوم دخل على ابي من يؤكد له ان لا شفاء لي في هذا البلد وعليه ان اراد شفائي ان يتابع حالتي في بلد آخر بكلفة عالية جدا بالقياس الى حالتنا المادية ,فما كان من ابي الا ان اتخذ قراره بمتابعة علاجي في ذلك البلد المعني البعيد وفعلا جمع ما امكنه من مال واستدان ما امكنه من دين ومضى بي الى ذلك البلد برفقة امي التي كانت تقوم بشأني كأية طفلة ولدت للتو وفي ذلك عناء كبير وشدة عظيمة لا تحتملها سوى الامهات اللواتي تحت اقدامهن الجنة.
هكذا قدم لي والداي الشفاء على طبق من روحيهما وفؤاديهما وكل ما يملكان وما لا يملكان من مال وعبرا بي الاجواء واقاما في بلاد الغربة يتابعان حالتي الصحية وهي بحمد الله ومننه صارت في تحسن مضطرد حتى جاء اليوم الذي صرح لي الاطباء بالمغادرة والعودة الى الوطن مع التوصية باستمرار أخذ العلاج.
ها قد مر على عودتنا اكثر من عام وها انا اكاد اكون في صحة تامة ,لكنني لم ازل اعيش حزنا لا يخفى على احد إذ فقدت امومتي …إذ فقدت رعاية طفلي سيمون…إذ اغتيلت امومتي …أم اغتيلت أمومتها….وها هي قصتي أكتبها ابين فيها ما عانيت واعاني قصة بعنوان(اغتيال الامومة)