-1-
هناك مَنْ ينصبُ نَفْسه مصدراً لإصدار الأحكام في مختلف القضايا ، منطلقا من سليقة معوّجةٍ ، وفَهْم سقيم ، وقِشْريةٍ قاتِمة ، وكلُّ هذه الصفات ذميمة مكروهة ، تُبعده عن أنْ يكون محلاً للفصل بين الأمور .
-2-
والغريب أنّ بعض هولاء، يتبنَوْنَ الدفاع عن الساقطين ،وتبرئة ساحاتهم، بينما نراهم يمعنون في كيدهم وعدائهم للأبرار ..!!
-3-
نحن اليوم نسمع مَنْ ينبري للدفاع عن الفاشلين- بكلّ ما أوتي من قوّة – مُفَضِلاً السباحة ضد التيّار ، مُصرّاً على أنْ تتجه أصابع الاتهام الى الوطنيين المخلصين ..!!
-4-
والظاهر انّ أصحاب هذه النزعة موجودون – للاسف – في كل عصر ومصر …
فقد جاء في بعض المدونات التاريخية ” أنّ شبيب بن شبة قال :
” كُنّا جلوساً عند المهدي ، فذكروا الوليد . فقال المهدي :
كان زنديقاً “
والمقصود بالوليد : الوليد بن يزيد بن عبد الملك الذي وليَ الحكم بَعْدَ هلاك هشام بن عبد الملك سنة 125 هجرية، الملقّب – كما يقول السيوطي – بالخليفة الفاسق حيث كان :
( فاسقاً
شرّيباً للخمر
منتهكاً حرمات الله ،
أراد الحج ليشرب فوق ظهر الكعبة ، فَمَقَتَهُ الناس لفسقه وخرجوا عليه فقتل سنة 126 هجرية
( راجع تاريخ الخلفاء للسيوطي /ص161 )
قال المعافي الجريري :
جمعتُ شيئاً من أخبار الوليد، ومن شِعْره الذي ضمنّه ما فجر به ، من خرقه وسخافته ، وما صرّح به من الالحاد في القرآن، والكفر به “
المصدر السابق / نفس الصفحة
أقول :
لقد اشتهر عنه أنه فتح المصحف واذا به يقرأ قوله تعالى :
( واستفتحوا وخاب كلُّ جبّار عنيد ) فألقى المصحف، ورماه بالسهام وقال:
تُهدّدني بجبّارٍ عنيدٍ
فها أنا ذاكَ جبّارٌ عنيدُ
اذا ما جئتَ ربَّك بوم حَشْرٍ
فقلْ يارب مزّقني الوليدُ
والقضية معروفة مذكورة في كتب التاريخ .
إنّ ما قاله (المهدي العباسي) في الوليد ، من أنه كان زنديقاً صَحيحٌ لاغبار عليه .
ولكنّ (أبا علاثة) قام وقال :
” يا أمير المؤمنين :
إنّ الله عز وجل أعدل من ان يوّلي خلافة النبوة وأمر الأمة زنديقا ،
لقد أخبرني من كان يشهد في ملاعبه وشربه عنه بمروءةٍ في طهارته وصلاته ،
فكان اذا حضرت الصلاة يطرح الثياب التي عليها المطائب المصبغة ، ثم يتوضأ، فيُحسن الوضوء ، ويؤتي بثياب نِظافٍ بيض ، فيلبسها ويصلي فيها ، فاذا فَرَغ عاد الى تلك الثياب فلبسها واشتغل بشربه ولهوِهِ، فهذا فعال من يؤمن بالله .
فقال المهدي :
بارك الله عليك يا أبا علاثة “
والمفارقة واضحة فيما قاله ” أبو علاثة ” ، حيث أنَّ الله لم يوّل الوليد أَمْرَ المسلمين، وانما ولي الحكم بفعل نظام الوراثة الذي سنّة الأمويون.
ثم إنَّ الوليد لقي مصرعه على يد مواطنيه، حينما اكتشفوا زندقته وضاقوا به ذَرعا …،
وهذا هو الشاهد على زندقَتِهِ …!!
ولقد كذّب (أبو علاثة) نَفْسَهُ في ما وصف به الوليد، حيث أشارالى ملاعبه وشر به ولهوه ، وذكر أنه كان يؤدي الصلاة ..!!
وأيَّ صلاة هذه ، اذا كانت لاتنهى الوليد عن الفحشاء والمنكر ؟
وهل ان الشرب واللعب واللهو من سمات المؤمنين ؟!!
لقد كان على ” المهدي ” أنْ يُسكتَه ويردّ عليه، بدلاً من الاستسلام لأباطيله …!!
وليس ( أبو علاثة) الاّ واحداً من أبالسة الأنس، الذين يُديفون السم بالعسل، ويشوّهون الحقائق ، ويواصلون مساعيهم المحمومة، في التزييف والتخريف والتحريف ، وهم يحسبون أنهم يُحسنون صنعاً ..!!
وما أكثر إخوان ( أبي علاثة ) من الرضاعة ..!!