يلتقي الشعب العراقي اليوم وتتضافر هممهم ليشقوا طريق المجد وايماناً بوحدة المصير واستعادة مجدهم بعيداً عن المتطفلين والخونة ، شعارهم قوله تعالى: ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة: 23. توكل العبد على الله في استقامة نفسه وإصلاحها دون النظر إلى غيره ،لان التوكل سلوك نفسي وقلبي يقتضيه الإيمان الصحيح الماثل في ساحة التصور الموجه للسلوك ، تلتقي قلوب وعقول تجمعهم الشهادة لرفع البناء . فالمعركة معركة وجود لصد الغزاة وسحق الارهاب ، العمل على تحصين كرامة الوطن كنز الحياة وتراث الخلود ضد الناكثين والمنافقين والمرتزقة و تحت ظل أرض واحدة من شمالها حتى جنوبها من شرقها حتى غربها ومن اعلى جبل إلى اسفل النهر، وطن واحد لا يقبل القسمة ولا التجزئة ورفض التنازل عن أي ذرة من تراب الوطن المغصوب ، يجب أن يعلم الجميع أن عليه واجب الدفاع عن الوطن ، بكل ما يملك من طاقات ، ان أبناء الوطن مطالبون إذا شعروا بنداء قوي يهز أعماقهم يستصرخ ضميرهم ، ويقلقهم ويؤرق نومهم من أجل الدفاع عن وطنهم ، وعن أرضهم ، فعندها يصبح لا مفر من إعداد العدة ليطلقوا العنان لعقولهم تحكمهم وما يمليه عليهم ضميرهم ، والعمل بمنطق الانتصار لامنطق الانهزام ، منطق الثبات لا منطق التخاذل فعندها سيشعرون بالحرية والطمأنينة.
النصر لا يتم إلا بالإيمان بالنصر والتضحية في سبيله، لقد انتصرت عقيدة الدفاع عن الوطن لا الهروب منه ، عقيدة الانتصار ، لا عقيدة الانهزام ، والتي هي واجب مقدس يجب على الجميع التحلي والاقتناع بها من أجل الحفاظ على الوطن معززاً مكرماً شامخاً بأبنائه ومواطنيه .
الانتماء جزء لا يتجزأ من عقيدة الفرد تجاه وطنه وشعبه ، ويتجسد الانتماء عادة في الممارسة و الأفعال والسلوك لا في الأقوال فقط ، وهدفه يتجلى في عدة صور منها حب الوطن والتنظيم والدفاع عنه بكل ما يمتلك من إمكانات وطاقات ، استكمالا للمسيرة التي بدأها شرفاء هذا الوطن الذين قضوا من اجل الدفاع عن هذا الوطن ، وهو الارث الثمين الذي لايقدر بثمن ،
هذا الوطن وطن الجميع ولطالما اعتقد الجميع بعقيدتهم الراسخة وفي قلبهم بوجود أرض ووطن ، ووجود عدو يتربص به يجب أيضا أن يعتقد وبعقيدة راسخة ، عقيدة قتالية ، دفاعية لا تقبل التشكيك ولا التخوين ، بأن الدفاع عن هذا الوطن هو عقيدة يجب التسليم بها والإيمان بها إيماناً مطلقاً ، وهي واجب ديني ووطني واقعةٌ على الجميع .يقول ابن الرومي:
ولي وطنٌ آليت ألا أبيعَه
ولا أرى غيري له الدهرَ مالكا
عمرت به شرخ الشباب منعما
بصحبة قوم أصبحوا في خلالكا
وحبَّب أوطان الرجال إليهم
مآرب قضاها الشباب هنالكا
وأن مشاريع التقسيم مهما حاول البعض التحدث عنها فإنها لن يعطيها ابناءه حقاً في أي جزء من أرضه المباركة ، أن كل محاولات الفصل الجغرافي لن تقف حائلاً دون تحقيق وحدة شعبنا وتواصله، فسياسة التفتيت والتمزيق لن تؤتي أكلها مادام هناك شعب حي ويتعاون أبناؤه في حين التجاوز عليه ، وتتحد فصائله، وتتكاثف جهوده، وتتركز أعماله، وفي سبيل الارض يضحي الشعب وتهون دونه الصعاب، وتتضاءل أمامه التحديات مهما عظمت مضارالمفترين ، ويتسابقون لاستنقاذ الرجال والنساء، والشيوخ والصبيان، وينبري للدفاع عنهم الأب والأم، والأخ والأخت، والابن والابنة، والجار والقريب والنسيب، والغريب والنصير، والكل يهب إذا رفع شعارهم، ونودي من أجلها، إذا أحدق الخطر بهم، أو حاول العدو المساس بهما والتآمر عليهم، ولا يبالون إذا سقط في معركة الدفاع عنهم شهداءٌ وجرحى، أن معركة الدفاع عن الأرض لن تتوقف إلا باسترداد كل ذرة من ترابها أو الاسرى فهذه المعركة يرونها قدسية ، أن معركة الأرض لا تزال مستمر غير آبهٍ بكل العدوان والارهاب وتهديداته وجبروته وحربه الإجرامية، معركة يسطر فيها الشعب أعظم معاني البطولة والتضحية والفداء، طاهرة نقية ، لا مراءاة فيها ولا مداهنة، عنوانها واضحٌ ، وهدفها محددٌ ، إنها لنصرة الارض واهلها والدفاع عن الاعراض والنواميس ، إيماناً وإحساساً بمعاناتهم ، وأملاً بحريتهم والإفراج عنهم لان حريتهم دين في اعناق الجميع ، تلتقي الجهود كلها اليوم على هذه القضية وتتحد ، وتتناسى مشاكلها وتقفز على اختلافاتها وتتفق ، وتنسق فيما بينها وتتعاون ، وتتقاسم الأدوار وتتبادل ، وتنوب عن بعضها وتتكامل في عدم التفريط في ذرة تراب ، واحدة هي المبادئ التي يعتنقه كل إنسان وطني في اي بلد من البلدان، وأي أمة من الأمم ، ذلك أن حدود الأرض التي تملكها اي دولة من الدول ليست ملكا لمن يعيش عليها فحسب ، ولا غضاضة أن يخلص الإنسان لوطنه وحبه ويحرص على سلامته ورقيه ونهضته وتطوره وبلوغه السؤدد والمجد والفخار، بل هي أمانة يقوم بحملها وحمايتها ، ويعمل على الحفاظ عليها جيلا بعد جيل ، ليسلمها للجيل التالي وعليه أن يحمل الرسالة ، وأن يحفظ الأمانة الغالية، ليقوم بتسليمها إلى من بعده من أجيال هو الاخر…