12 أبريل، 2024 7:41 ص
Search
Close this search box.

اعمار العراقيين بين رحلة الشتاء والصيف

Facebook
Twitter
LinkedIn

منذ نعومة اظافري في عهد الستينات ومنذ أن أدركت الحياة وانا في سبعينات القرن الماضي .ارى هذا الشعب العراقي مغلوب على أمره .كنت احس طعم المرارة في طفولتي وانا أرى العوز والفقر يضرب أهلي بسيف لايرحم …كبرت وكبرت معي هموم الحياة في بلد تنعدم فيه ابسط مقومات الراحة …بلد اخذت الحروب منه الحصة الأكبر .وبعدها عاش بازماته الداخلية رغم أننا بلد منتج للبترول الا انني مازلت اعيش أزمة الوقود من نفط ابيض وغاز وبنزين سيارات .. منذ السبعينيات عندما يأتي الشتاء تبدأ أزمة النفط الابيض والذي يسميه العراقيون الگاز ولحاجتنا إليه في الشتاء للتدفئة حيث أن اغلب عوائل العراق كانت تطبخ على المدفأة أو مانسميها الصوبة وفي نفس الوقت كانت هناك مدافىء للتدفئة وكانت انواع مثل علاء الدين ودجلة وغيرها من المدافىء التي تعطينا الحرارة في كل الاتجاهات ونحن نجتمع حولها ونشعر بالدفىء إضافة إلى أجهزة الطبخ في ذلك الوقت مثل البريمز او طباخ الگاز وجيل الثمانينات وأدنى يعرفون التفاصيل فقط وكانت حاجتنا لمادة النفط الابيض ايضا للإنارة حيث يوجد في كل بيت لمبة أو فانوس والعوائل المتمكنه تملك اللوكس وهو أكثر إضاءة من الفانوس واللمبة…
نعم كانت أزمة الوقود خانقة واكثر انني نزلت صدفة إلى مركز المحافظة في السبعينات وشاهدت ناس تهتف في الشوارع بسبب أزمة النفط الابيض وكانو يخاطبون رئيس الجمهورية وعرفت انها تسمى مظاهرات كان شعارهم وهدفهم للمطالبة بتوفير مادة الگاز وحفظت منهم مقولة يا بو هيثم لاتهتم ماكو گاز ناكل سم… وبعيدا عن السياسة كانت مظاهرات عفوية ..منذ ذلك الوقت ونحن نعيش أزمة الوقود وبعد مضي عشرات السنين وتعاقب الحكومات الا ان مشكلة النقص في المشتقات النفطية مازلت قائمة فما يأتي الشتاء وخاصة في المحافظات الشمالية ومحافظة نينوى من ضمنها كون الشتاء فيها بارد وقارص جدا وتبدأ أزمة الوقود من النفط الابيض وما أن يأتي الصيف حتى تبدأ أزمة الكهرباء يصاحبها في بعض الأوقات أزمة الغاز الذي وصل بيوت العراقيين في ثمانينيات القرن الماضي إضافة إلى أزمات وقود السيارات التي تحدث بين فترة وأخرى .المشكلة أن دول الجوار لنا مثل سوريا وتركيا لاتملك النفط ولكن لايوجد لديها أزمات في الطاقة ..
لقد مات آبائنا وهم يحلمون بتوفير برميل نفط ابيض لعوائلهم في الشتاء ومازلنا نعاني اليوم من نفس المشكلة رغم تطور التكنولوجيا الحديثة ووصولها لنا فنحن لانستطيع أن نوفر تدفئة في بيوتنا في الشتاء بدون الطاقة ..واليوم كل العوائل تستخدم طباخات الغاز للطبخ ولكن كل ما تمر أزمة في البلد نرجع إلى الوراء ونعود الى مدافىء الگاز كي نستخدمها للطبخ وحسب قوة الأزمة فقسم من الازمات اعادتنا الى زمن الحطب وعصر ماقبل اكتشاف الطاقة .
لقد طبق علينا الزمن والازمات السياسية في العراق المثل القائل بين صيفتا وشتانا ضاعت لحايانا..
ومازالت اعمارنا تسرع وهي ضائعة بين أزمة الشتاء والصيف وبعد أن هجرت عوائلنا التنور الطيني وتوجهت إلى تنور الغاز ثم التنور الكهربائي وبعد أن عودتنا حكوماتنا الرشيدة على ترك الزراعة في العراق واستيراد الحنطة من اوكرانيا واستراليا .
نسينا رائحة الحنطة العراقية بانواعها الصابر بيك والمكسي والاينية والكبار وغيرها من أنواع الحنطة العراقية التي لم يدنسها مكياج الكيمياوي وكانت تسقى من مطر السماء وكانت رائحتها تفوح على بعد عشرات الأمتار .
أيام رحلت ياإخوتي الاعزاء مع اللمبة والفانوس وصوبة علاء الدين ولهيبها الازرق ورائحة الحنطة الفواحة مع زبدة الشچوة وتضعها امهاتنا على رغيف الخبز بشكل ((برطوشه)) في أوقات الضحى ومعها طاسة الشنينة والتي نتخايلها اليوم ونحلم بها ولم يبقى منها سوى أزمة الگاز والكهرباء .وأزمة السياسة وأمراض العصر .ومظاهرات لاتعرف ماذا تريد وحكومات هي سبب الأزمة فكيف تستطيع حلها .ودولة تبيع النفط وتستورد مشتقاته ياعجب العجاب وغيرها ..و. و..و.. و.. … . ….والسلام عليكم

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب