20 ديسمبر، 2024 8:12 م

اعلان … وظيفة شاغرة !

اعلان … وظيفة شاغرة !

اغلب الظن ان من يدخل لقراءة المقال سيعتقد في البداية انه اعلان حقيقي عن وظيفة شاغرة فأغلب العراقيين و تحديدا الشباب ما ان يجدوا اعلان عن ( وظيفة شاغرة ) حتى تجد الالاف من العاطلين عن العمل قد هجموا على من قام بنشره لغرض التقديم لشغل الوظيفة التي اُعلن عنها بصرف النظر عن المكان او الاختصاص او حتى مقدار الراتب الذي يمكن يحصل عليه المتقدم فيما لو ابتسم له الحظ و قبُل طلبه و من المؤكد ان الحظ لن يبتسم مطلقا بلا واسطة او مبلغ من المال و غيرها الكثير من الامور التي ربما لا تناسب الوظيفة اصلا لكن لا مفر من التنازلات من اجل العيش و الحصول على فرصة عمل بعد التعب و السهر لعدة اعوام في الدراسة الى جانب مصاريفها التي طالما اثقلت كاهل العائلة.

مئات الجامعات و المعاهد الحكومية و الاهلية , الصباحية منها و المسائية تدفع بما لا يعد و لا يحصى من الخريجين كل عام و من المؤكد ان جميعهم يطمح بالحصول على الوظيفة المناسبة التي تتلائم مع خلفيته الاكاديمية و العلمية إلا ما يحدث عكس الطموح و المتوقع فالخريج بعدما يعلن يأسه من الحصول على وظيفة حكومية محترمة تلبي طموحه يضطر للبحث عن الاعمال البسيطة التي ربما يعتبرها اهانة الى نفسه و شهادته رغم ان العمل لا يعيب صاحبه الا شعور الانسان بالظلم امرا خطيرا و له من العواقب ما لا تحمد اذا ما حدثت و لنا في هذا الامر الكثير من الامثلة لعل اقلها خطورة هي الهجرة التي ازدهرت هذه الايام لتستنزف الطاقات الشبابية و الغريب ان المسؤولين في العراق هاجموا و استنكروا الهجرة بل اتهموا الدول الغربية عموما بمحاولة افراغ العراق  من طاقاته الشبابية قبل التفكير في اسباب الهجرة نفسها و دوافعها و وصول الشاب العراقي الى التفكير فيها.

لا اعتقد ان الشاب العراقي يتحمل وزر حصوله على الشهادة الجامعية ( إلا اذا كان للحكومة رأيا اخر) بل هذا حق طبيعي فالدول المتقدمة او التي تسعى الى التقدم تدفع الملايين من اجل مشاريع التعليم للحصول على ثروة من الشباب المتعلم و المثقف و مثلما هو حق للشاب العراقي ان يحصل على الشهادة فله الحق ايضا في الحصول على وظيفة بل كلاهما يكمل الاخر و ربما تكون الوظيفة هي احدى الدوافع للتعلم للوصول الى الحياة الكريمة و خدمة الدولة من خلالها .

ان المشكلة الحقيقية تكمن في سوء التخطيط فمن المؤكد ان كثرة الجامعات و المعاهد و غيرها من المؤسسات التعليمية الاخرى لها الى جانب الايجابيات الكثير من السلبيات و من بينها ارتفاع نسبة البطالة و ببساطة المؤسسات التعليمية في العراق و في ظل سوء الادارة و التخطيط تدفع سنويا الالاف الخريجين دون ان تضع الحكومة الية لاستخدامهم مستقبلا اضافة الى الاهمال المتعمد تجاه القطاع الخاص الذي يساهم بشكلا لا بأس به في التقليل من البطالة طبعا دون ان ننسى الفساد الذي استشرى في مفاصل الدولة حتى وصل الامر الى بيع الدرجات الوظيفية علنا او استخدام المحسوبية و الواسطة لغرض التعيين بدلا من الكفاءة و معايير المنافسة الحقيقية و لكي تعالج الحكومة البطالة يتوجب عليها ان تضع الخطط الحقيقية التي توازن بين ما تنتجه المؤسسات التعليمية وما يحتاجه سوق العمل سواء في دوائر الدولة القطاع الخاص طبعا بعد تنميته و تشجيعه كخطوة ثانية و من المؤكد ان لا نتائج ستحقق ما تبدأ الحكومة بمحاربة الفساد و القضاء عليه .

أحدث المقالات

أحدث المقالات