23 ديسمبر، 2024 9:11 ص

كلنا يعلم مدى اهمية الاعلام ودوره المهم في اسقاط الدول وإعلاء الحكام، ولقد أسهم في تغير الدول العربية وحتى الاجنبية منها.

نحن نخوض عصر الإعلام المسيس من دون منازع ، ونجد أن الساحة السياسية بدأت تتأثر في عرض مايظهر وإلى حدٍ كبير بطرح السياسات على شاشات التلفاز ، وتتعمد وسائل الإعلام أن تخلط الأوراق من خلالها، حتى تحقق مآرب اخرى لزعزعة الاوضاع ونشر المخاوف في غياب تام للسلطة فلا رقيب يوقف المد الهمجي الميلشياوي ولا قوة امنية تحقق معادلة الأمن والأمان المزعومة من قبل حكومة منتهية الصلاحية.

وأصبح واضحا للجميع أن معظم القنوات الفضائية تسعى لترويج مواقف وتوجهات سياسية لأصحابها او للقائمين عليها أو الممولين لها ،تتمثل في توجيه اصابع اتهام جاهزة ضد مكونات الشعب العراقي .

عندما تُكثر إحدى القنوات من ترديد عبارة ( لا خط احمر على شخص رئيس الوزراء ) ثم تعود لتقول ( هناك خطوط حمراء على رئيس مجلس النواب) فهذه رسالة واضحة لما تريد تلك القناة ترويجه وتسعى لتحقيقه.

وفي سياق التسقيط السياسي تعتمد كل الوسائل الإعلامية ومن دون ملل من إعادة فتح ملفات مقيتة و طائفية تركز على نقاط بعيدة عن الواقع او تثير النعرات وتزيد من اشعال الفتن وتنسى او تتناسى دور من يقوم بقتل الابرياء هنا او هناك ان كانو عصابات او قوات امنية حتى تترك الشعب حائرا في امره ، فيما تسعى لأهمال مكون مهم لإضعاف أصحاب الحقوق او المطالب فلا يطالبون بحقوق الناس او الجهة التي ينتمون لها.

لايختلف اثنان على مضمون الحكمة القديمة التي تقول ان الخراب الذي يتسبب به الفم اشد خطورة من الخراب الذي تتسبب به الحرب واذا ما اسقطنا هذا المضمون على الواقع السياسي نجد ان كل الوسائل الاعلامية تعمل مسيسة تخدم مصلحة نظام حزب واحد.

فتصل بهذه الطريقة الى شد الوضع الطائفي في العراق سياسيا ومن ثم محاولة سحبه الى المكونات الاجتماعية العراقية بمعنى الطوائف والمذاهب لتعزل بذلك الحزب الذي يمتلك مجمل وسائل الإعلام، لحشد المواضيع على خلفية طائفية وعرقية، وبين حرية الصحافة

وحرية الإعلام التي معيارها الرئيس الوصول الحر للمعلومات والحرية الكاملة والقدرة على نشرها واذاعتها من دون أي عراقيل ومن دون تحكم الجهات المالكة لوسائل الإعلام فيها. ومن يتابع وسائل الإعلام الان يجدها لا تفرق بين الإعلام والحقيقية او الترويج السياسي لقادة الأحزاب، وكأن الزمن قد عاد الى الوراء مع الفارق ان الإعلام في عهد النظام السابق كان يروج لشخص وحزب واحد، والإعلام اليوم يروج لعدة أحزاب ولأشخاص عديدين، ويهمل واجبه الأساسي وهو نقل الحقيقة الى الجمهور.

لقد بات واضح للكل الصحفيين ومعهم جميع المواطنين ان الاعلامي لا يمكن ان يتجاوز الخطوط الحمر التي وضعت له وكذلك لا يمكن ان يثير ملفات تكشف سلبيات الحكومة او من يمثلها في رسم الاوضاع الحالية او نقل ما يجري على ارض الواقع، وتترك القتل الذي يتعرض له الابرياء في عدة اماكن مع الخطف والاعتقال والايغال في الجريمة.

ولو نعود الى حصانة الصحفي فالمفروض كما تقول المادة( 8 )من قانون حماية الصحفيين :”لا يجوز مساءلة الصحفي عما يبديه من رأي أو نشر معلومات صحفية وأن لا يكون ذلك سببا للإضرار به، ما لم يكن فعله مخالفا للقانون” وهذه المادة لا توفر أي حماية له ، لأن أي ممارسة لعمل صحفي حر هو مخالفة للقانون الموضوع حاليا من قبل السلطة فهي سيف مسلط على الاعلام ضد اي نشر مغاير للحقيقية.

الاعلام الان مؤدلج ومسيس وهو لايعمل ضمن الاعلام المهني الصادق فلهذا لايمكن ان يكون مصدر ثقة ، فما يقوم به يشترط ان يكون نابع لايصال الحقيقية متجرد من اي توجيهات او تسلطات.