بعد ان تم تقليص الصحف اليومية والمطبوعات وتفييض اعداد من منتسبي المؤسسات الاعلامية الخاصة بسبب الأزمة المالية التي عصفت بالبلد في عام 2016 ، وجد العديد من الصحفيين والاعلاميين أنفسهم بلا عمل ، ثم تمكن البعض القليل منهم من العثورعلى عمل ضمن اختصاصه الاعلامي او الفني ، بينما مارس الآخرون اعمالا مختلفة أو لاحقهم شبح البطالة طويلا وربما حتى هذه اللحظة ..كان سبب تقشف الصحف والمطبوعات يومها واضطرارها الى اغلاق ابوابها او تسريح العديد من منتسبيها هو حرمانها من الاعلانات وحصرها بالصحيفة الرسمية ، لكن الاعلانات عادت بعد سنوات ولم يعد العاملون العاطلون، كما ان ظاهرة جديدة طفت على السطح لتحرم هؤلاء العاطلين من آخر فرصة لهم للعمل في المجال الاعلامي ، فقد لجأت بعض الجهات المستفيدة من الصفقات التجارية والمزايدات والمناقصات الى وسيلة تضمن لهم نجاح صفقاتهم على الرغم من انها تسحب البساط من تحت الصحف المحلية ، وتقوم تلك الظاهرة على تأسيس تلك الجهات لصحف خاصة بها والحصول على اعتمادات من نقابة الصحفيين ودار الوثائق في الوقت الذي لاتحمل فيه تلك الصحف سمات الصحف الحقيقية فهي تنشر اخبارا مقتبسة من مطبوعات اخرى فضلا عن حشوات منوعة ، ولايتم توزيعها او بيعها لأن الغرض منها هو نشر اعلاناتها التجارية فقط..وظاهرة أخرى أخطر بكثير وهي افتتاح صحف مؤقتة لاتصدر سوى عدد او عددين لمجرد الحصول على حمايات للمنشآت ، وبعد ذلك يتم اغلاقها واستلام رواتب الحمايات واغلبها تحمل اسماءا فضائية كما يجري مع حمايات المسؤولين ..
يجري كل هذا أمام انظار وزارة الداخلية ووزارة الثقافة ونقابة الصحفيين وتنتفع من تلك الظواهر حيتان كبيرة بينما تظل الاسماك الصغيرة من الصحفيين والاعلاميين تستجدي أجورا هزيلة ربما تمنحها لهم بعض المؤسسات الاعلامية بلا ضمان او وظيفة ثابتة وهؤلاء هم المحظوظون بين زملاءهم لان البعض الآخر منهم يأسوا من ممارسة اختصاصاتهم ومنهم زميل لنا واصل البحث عن صحيفة او قناة او وكالة اخبارية تستثمر طاقاته وكفاءته الكبيرة في مجال التحرير والتصميم بعد تسريحه من عمله ولما عجز عن ذلك وعن اعالة اسرته اضطر الى بيع الحلوى والسجائر امام منزله ، وعندما سألته قبل فترة ان كان قد وجد عملا في مطبوع ما ، قال انه انتقل في الشتاء من بيع الحلوى والسجائر الى بيع ( اللبلبي ) ..فهل ينتظر بقية الصحفيين والاعلاميين الذين لايجدون حماية او ضمان معيشي المصير ذاته بعد ان تعصف الازمة المالية الجديدة بما تبقى من المطبوعات وتحول العاملين فيها الى باعة سجائر ولبلبي في احسن الأحوال ؟!..