23 ديسمبر، 2024 1:24 ص

منذ فترة خرج علينا المذيع الهمام جمال ريان بعبارة شهيرة لوصف بعض من زملاءه الاعلاميين ناعتا اياهم ” بالرداحين ” ، طبعا الرجل أول و أكثر من يعلم أن قناة الجزيرة هى أكبر مدرسة ردح و شفط ادران و تضليل و تزوير و ان كل العاملين فيها بدون استثناء يمارسون على مدار الساعة الردح الاعلامى على أصوله و من يعود بالتاريخ الى كل ما قدمته القناة القطرية من تضليل و تشويه متعمد للحقائق حول كل ما حصل فى سوريا يدرك بالدليل القاطع أن جمال ريان قد كان يمارس الدعارة الاعلامية كما لم يمارسها أحد و أن شتم الاخرين او وصفهم بالردح هو مجرد شعار و توصيف كان من الاولى أن يرسمه كنيشان على صدره ملطخ بدماء الابرياء السوريين ، لعل مشكلة اغلب الاعلاميين العرب أنهم يعيشون على فتات لقمة السلطة و أغلبهم إن لم نقل كلهم تذللوا و لا يزالون الى هذه السلطة العربية الاستبدادية المنافقة و لذلك فلا غرابة أن نشهد مع بداية العداء بين مجموعة الدول الخليجية و قطر هذه الايام نوعا من ” الاعلام ” الذى تعودنا عليه منذ زمن الصحفى المصرى الشهير أحمد سعيد و من شابهه فى تلك الفترة و هو الاعلام الذى ينام فى حضن لينتقل الى الحضن المعاكس فى اليوم التالى كل ذلك بحسب تحول مزاج الرئيس جمال عبد الناصر أو بحسب تعليمات من كانوا فى السلطة من رفاقه فى مجلس قيادة الثورة .

يبدو أن الاعلاميين العرب يصعب عليهم أن يمتنعوا عن خلط الوقائع بالعواطف و ان يقدموا للمتابع وجبة اعلامية موضوعية بعيدا عن نزوات الحاكم العربى و ميوله و تقلباته و لعل معظم الاعلاميين العرب اليوم لم يدركوا أن تقلب مزاجهم و قلمهم قد بلغ مداه و أن المتابع العربى لم يعد قادرا على التمييز بين المقال و المقال لفرط تقلب قلمهم و اتيان الموقف و نقيضه بسبب ما يحدث من تحولات دراماتيكية على مستوى العلاقات بين الدولة العربية ، فى بداية الحرب و تنفيذ المؤامرة على سوريا سنة 2011 كانت مقالات كتاب الخليج و افكارهم المنثورة على الورق او فى وسائل الاعلام السمعية و البصرية مجرد قص و لصق و كان ” العدو ” معلوم و ثابت وهو النظام السورى الذى طالما نظموا فيه معلقات الشكر و المديح ، من يرجع الى بدايات سنة 2006 و يطالع كتابات هؤلاء الاعلاميين الخليجيين و العرب عموما يدرك أن ما كتب و قيل بعد انتصار تموز فى تلك السنة ليس الذى كتب قبل ذلك من نفس الاشخاص و نفس الاقلام و هذا الارتباك فى المواقف و التنكر القبيح للمبادئ و للمهنية الاعلامية قد فرضته عدة ظروف و تحولات عاشتها المنطقة و كان على كتاب السلطة و تجار بيع الكلام المنافق أن ” يعيشوا ” هذه التقلبات حسب مزاج الانظمة العربية بحيث تحول سماحة السيد حسن نصر الله من كبير المقاومة الى شخص مختلف تم تحميله وزر حرب صهيونية يعلم الجميع أنها كانت قدرا صهيونيا و ليست اختيارا من حزب المقاومة .

لقد تحول الاعلاميون العرب مع مرور الزمن الى مجرد ملحقين صحفيين بدواوين الانظمة العربية و لذلك تابعنا بمناسبة الخلاف الخليجى القطرى مهازل اعلامية بالجملة و كما من الاسفاف و الاتهامات المتبادلة بالجملة أيضا تجاوزت اكل الخطوط الحمراء و تشكل فى معظمها جرائم جزائية تصل حد السب و الشتم و القذف و تابعنا منذ بداية هذه ” الحرب ” الاعلامية القذرة لغة التحدى و فرض العضلات و كثيرا من الاثارة الاعلامية الكاذبة و تلميحات بأن القادم أسوأ و أن هناك ملفات تملكها المخابرات من شأنها تقويض العروش و تلطيخ السمعة اضافة الى كثير من التلميح و الهمز و اللمز و الكلام الغير المباح ، تابعنا للأسف الشديد “مسلسلات ” من اعلام القبح الخليجى و نماذج مختلفة من اعلام الردح و فرش الملايات على المباشر كما يقال بالمصرى دون واعظ أو ضابط او خجل ، من تابع منشطى برامج ” التوك شو ” المصرية خاصة بعد حالة العداء بين مصر و قطر و من استمع مثلا الى عمرو اديب و معتز مطر و أحمد موسى الى اخر القائمة فمن الثابت أنه قد بهت الى كم النفاق الذى سال من أفواه هؤلاء الذين كانوا بالأمس القريب على الجانب الاخر يمدحون الامير القطرى المعزول ، منذ اشهر معدودة القى إعلاميون مصريون وسعوديون وإماراتيون باللوم على حماس وحملوها ذنب مذبحة غزة وذكرت المذيعة المصرية أماني الخياط علي قناة ” أون تي في ” أن حماس هي المسئولة عن مذابح إسرائيل في غزة وأنها خلقت الأزمة لفتح معبر رفح – هكذا – و بدون خجل ، من جانبه تساءل الاعلامي المصري المغضوب عليه هذه الايام توفيق عكاشة في قناة الفراعين عمن بدأ ” العدوان ” ؟ و وصل المذيع الى نتيجة ان اسرائيل لم تبدأ اطلاق النار انما حماس هي التي بدأته بخطفها ثلاثة مستوطنين وهاجم حماس وطالبها بدفع مقاتليها الى المعركة ووصفهم بـ ” الكلاب ” وحملهم مسؤولية الدماء التي تراق في غزة وهاجم الإعلامي المصري أحمد موسي حركة حماس ورئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل على خلفية الهجوم علي إسرائيل في الوقت الذي يتواجد فيه بقطر.

طبعا لم يتخلف اعلام الردح الخليجى عن عكاظيات الاتهامات المثيرة للغثيان بحيث هاجم الكاتب السعودى طارق الحميد حماس بمنتهى القسوة و وصف ” زميله ” محمد آل شيخ مقاومة الحركة للصهاينة ” بالعنتريات ” ساخرا بالقول ” اذا كانت حماس تعتقد أن مواسير الشروخ التى تطلقها على اسرائيل ستغير موازين القوى فهذا وهم ” فى حين تجرأ بدر الكاتبان الصفيهى و فهد الزهرانى بكل وقاحة و بؤس مغردين ” اللهم انصر اسرائيل على حماس و الثانى ” يا رب اسرائيل تمحيهم و نرتاح من نباحهم ” .. طبعا هذا الاسهال الاعلامى المهين ليس غريبا عن هذه الفئة من ” الصهاينة العرب ” كما سمتهم وزارة الخارجية الصهيونية و الذين تستشهد وزارة الخارجية و الدفاع الاسرائيلية بمواقفهم المؤيدة للكيان العدو ، ربما تناسل هؤلاء اليوم و تكاثروا على الساحة الاعلامية العربية و اصبح المتابعون البسطاء فريسة لهؤلاء المنافقين الاعلاميين المتحولين فى المواقف و الافكار ، نحن لا نشك فى ” ولاء ” هؤلاء الرداحين للمشروع الصهيونى و نشك اصلا فى ولائهم للأنظمة العربية الاستبدادية لأنهم يشبهون فى تصرفاتهم تصرف الطابور الخامس و قد كان البعض منا يظن انهم موالون مثلا للرئيس حسنى مبارك و لكن المفاجأة كانت مزلزلة حين تحولوا من المدح للسب و من الخنوع الى النفاق و تجاهلوا ما كتبوا من معلقات المدح كأن المتابعين العرب بلا ذاكرة ، لقد وضعت الثورة المصرية قائمة فى اعلام العار و كذلك حدث فى تونس و لكن من عجب الدهر أن رموز هذه القائمة لا يزالون يمارسون الدعارة الاعلامية على اصولها غير عابئين بكم السخط و الكراهية التى يحملها الوجدان العربى و يبقى الحال على ما هو عليه طالما فقد الضمير و صار للعمالة و الخيانة ثمن .