18 نوفمبر، 2024 6:25 ص
Search
Close this search box.

اعلاميون تحت عباءة الطائفية !

اعلاميون تحت عباءة الطائفية !

العباءة الطائفية للأزمة السياسية في البلاد أزاحت القناع عن اعلاميين ومؤسسات اعلامية شعارهم الحياد والموضوعية وعدم الانحياز  ، ورغم قناعتنا باستحالة وجود اعلام “منصف” على الاقل ، بعيدا عن توصيفات الحياد ، الا ان تلك الشعارات للاعلام وليس للسياسيين ، تهاوت كالعادة أمام أزمة سياسية من الطراز الذي نشهده الآن .
لقد ظهرت الانتماءات الحقيقية للكثير من الاعلاميين من حملة ومروجي الشعارات الرومانسية لليبرالية والمواطنة والانتماء للهوية الاساسية العراقية ، واتضح للمواطن العادي ان افتقار السياسي لمهارات ترويج خطابه الطائفي يتكفله الاعلامي تحت يافطة الحياد والموضوعية . في الازمة الحالية انقسم اعلاميونا ،للأسف أيضا ، بين مروج لخطاب الحكومة وتبريراتها وبين متبن لمطالب الجماهير وكلا الطرفين ، سوّق خطابا طائفيا من الطراز الاول .
 في اشتداد الأزمة وتصاعد مستوياتها ينزع الكثير من اعلاميينا ، عباءة الليبرالية والديمقراطية والمواطنية ، وينخرطون في خطابات المشهد السياسي العام كأحد ادواته المحرّضة والمهيّجة الصابة النار على الزيت .. ولان الموقف فضائحيا ومخزيا ، يغلف الخطاب الجديد بعباءة جديدة من الحرص على الوطن والمواطنين والتلويح بالمستقبل المجهول ، لكنها من حيث لايدركون شفافة الى الدرجة التي تبرز من تحتها الملابس الحقيقية لهؤلاءالمثقفين والاعلاميين !
هذا النوع من “الوعي” الطائفي ونتاجه  الاعلامي ليس سياقا فرديا وليس قصورا في الوعي بل هو نتاج لوعي مزيف ، لانه شمل العمل المؤسساتي الاعلامي الذي تبنى كل تلك الطروحات وروج لها ، والاكتشاف لايحتاج الى كثير من الفطنة والذكاء ، وهو أمرمكتشف من المواطنين الذين انقسموا هم أيضا وانتموا الى جوانيتهم الحقيقية وهم يتابعون وسائل الاعلام التي تروج وتسوّق لخطاب يرضي تلك الجوّانيات ويعزز انحيازاتها الطائفية !
علينا ان لاننكر مثل هذا الانقسام ونعترف بوجوده ونتعامل معه باعتباره جزءا من التوليفة السياسية والفكرية والثقافية والاعلامية للمشهد العراقي برمته . وعلينا أيضا ان لانندهش من طبيعة هذا الانقسام في مجتمع مازال يرزح  تحت بؤس التصادمات الطائفية ، العلنية منها والسرّية ، الخالقة للازمات ومن دونها ، منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة ،والتي فتحت أبواب تلك التصادمات على مصارعها  بعد سقوط الدكتاتورية الصدامية لتسقط ورقة التوت عن الجميع بمن فيهم غالبية شريحتنا التي اسقطت بدورها اكذوبة بل وخرافة الاعلامي  المحايد !!
ولاننا خبرنا جهل طبقتنا السياسية وافتقادها لقدرات الاقناع السياسي القائمة على المباديء والمصالح العامة للجمهور ، فقد كنّا نتوق لرؤية اعلاميين محترفين ، وان لم نعدم ذلك لكي لانتجنى على الحقائق ، يعلّمون هذه الطبقة كيف وأين ومتى وماذا تتحدث  ، هذه الطبقة التي رأيناها “تتحاور ” من مواقع الطائفية البغيضة وليس المواطنة الحقيقية القائمة على الهوية العراقية الواحدة  ، كنّا نتوق لرؤية مستشارين اعلاميين ينصحون السياسي بما يجب عمله وكيف وليس أخذ مكانه لترويج خطابه الطائفي تحت عباءة الوطن والوطنية  !

أحدث المقالات