لم ينقطع التحالف الوطني الشيعي الحاكم في طرح مشاريعه التسووية منذ ان بسط سيطرته على الحكم في العراق ، والهدف الاول والاخير لتلك المشاريع هو اخضاع السنة والكرد بدون مقابل يعني”بلاش”، وقد طرحت مبادرات ومشاريع مصالحة وطنية كثيرة لاعادة الثقة المفقودة بين العراقيين وجمع كلمتهم ، ولكنها فشلت كلها ولم تصمد امام اطماع ومصالح ودوافع الشخصيات والاحزاب الشيعية المتنفذة في الدولة ، وظلت حالة التناحر والتصارع قائمة في الساحة السياسية ،ففي نوفمبر من عام 2006 عقد مؤتمر للمصالحة الوطنية في القاهرة برعاية جامعة الدول العربية في محاولة للتقريب بين القوى السياسية العراقية المختلفة ولكن المحاولة فشلت بسبب اصرار الاحزاب الشيعية الحاكمة على التمسك بميليشياتها الطائفية وعدم الاستجابة للقوى السنية التي اشترطت على الحكومة العراقية التخلي عن دعم ومساندة الميليشيات الطائفية التي تقتل السنة..”واعقبه مؤتمرآخر عقد في”كوبنهاكن”عاصمة الدانمارك في عام 2008 ولكنه ايضا فشل بسبب اصرار الحكومة العراقية برئاسة(نوري المالكي)على قتل السنة على حد قول الامين العام لمجلس الحوار الوطني حينذاك(خلف العليان)(اذا ارادت الحكومة المصالحة عليها ان توقف ميليشياتها عن قتل السنة) وفي نفس الفترة (عام 2008) عقد في القاهرة مؤتمر مصغر للمصالحة الوطنية”للاتفاق على أجندة موحدة واستراتيجية واضحة للمصالحة ورؤية متكاملة للحوار بين مختلف الإطراف”ولكنه ايضا فشل ولم يتمخض عنه شيء..
والسبب الاساسي في كل هذا الفشل المتعاقب وبقاء العراق في دوامة من المشاكل والازمات هو تعنت واصرار الاحزاب الشيعية المنضوية في التحالف الوطني على عدم الاستجابة لمطالب الكرد والسنة وتجاهل حقوقهم المشروعة التي كفلها لهم الدستور ، وممارسة البطش والتجويع وفرض سياسة الامر الواقع لارضاخهم لهيمنتهم ، وعندما اعلن”عمار الحكيم”زعيم التحالف الوطني عن مشروعه التسووي في شهر يناير من عام 2016 لم يقدم شيئا جديدا ولم يختلف مشروعه عن المشاريع السابقة التي طرحت ولم تنجح ، اراد من خلاله ان يظهر نفسه كعراقي وحدوي لا تقسيمي انفصالي ، ووطني لاطائفي ، ورجل سلام ومحبة لا رجل حرب ودمار شارك بشكل او آخر في حرب طائفية ضروس ذهب ضحيتها الاف مؤلفة من العراقيين ، الكلمات الجميلة الرنانة والقلوب الطيبة والنيات الصافية وترديد الشعارات الوطنية والوحدوية لن تعيد للعراق عافيته ولا وحدته ولا ترجع الثقة المفقودة ولا العلاقة المنهارة ولا العداوة المتبادلة بين العراقيين الذين سئموا من الاقوال دون الاعمال ، حقق”يا عمار”مطالب المكونين العراقيين اللذين لن يكون للعراق وجود بدونهما واعني السنة والكرد ، بعد ذلك اطرح مشروعك ، شاركهما في الحكم وفي القرارات المصيرية للبلاد ثم قدم مشروعك! نفذ للسنة مطلبهم بتنفيذ المادة(119) من الدستور التي تجيز للمحافظات تشكيل اقليم مستقل بعدين تعال احكي عن التسوية معهم! ، ولغاية هذا الوقت لم تطبق انت ولا تحالفك بندا واحدا من بنود المادة 140 من الدستور التي تعالج اهم واعقد مشكلة تاريخية عراقية بين العرب والكرد، ولو نفذتموها كما ينبغي لما بقيت الان ازمة باسم ازمة كردية ابدا .. منذ ثلاث سنوات وانت واخوانك في التحالف الوطني تعتصرون الشعب الكردي(وليس القيادة السياسية الكردية، العلاقة بينكما سمن على العسل!)عصرا وتفرض عليه حصارا جائرا ومع ذلك تدعوه الى المصالحة والتسوية السياسية ! كيف؟!…هل يمكن ان يبنى مشروع استراتيجي لاعادة الثقة والعلاقة الى العراقيين بهذه السذاجة!