(ماهو البديل ؟) أشهر سؤال في العراق منذ اختراع الدولة الى اليوم، ليس سؤالا بقدر ماهو ايهامٌ بانعدام البديل اساسا، او محاولة استباقية لما اسميه هنا (اعدام البديل) والغاء التفكيرفي امكانية وجوده .
اشهر حوادث وقصص اعدام البديل، ماورد في رؤيا فرعون التي انذرته بزوال مُلْكِه، فأمر بقتل كل طفل يلد كي لايكون بديلا عنه في سلطانه ،حتى اوقعه الله في شر رؤياه، فسلط عليه الطفلَ الذي قام بتربيته بنفسه !
واغربُ ماسمعته حول اعدام البديل ، قول لنائب اسمه فؤاد الدوركي عن ائتلاف دولة القانون في 3-5-2014 ايام كسر العظم بين مكونات التحالف الشيعي لاختيار رئيس الوزراء انذاك : “بديل المالكي هو المالكي” ، وقول لنائب موال اخر هو السيد عباس البياتي : “حتى اذا توفي فسنقوم باستنساخه !”.
موضوع محو البديل او (ماكو بديل) دخل قاموس التخريف الشعبي ، وتحوّل في العصرالحديث الى مؤامرات وتصفيات لاسيما في الدول التي شهدت عبادة الاشخاص ، فالناس فيها لايتخيلون حاكما غيرالحاكم، ولا ملاّ غير الملاّ ولاشيخ العشيرة غير شيخها . في العراق حين وصل الأمر بصدّام الى تجريب جميع مايمكن ان يطرا في السياسة، من الحرشة الى الحرب، ومن حياة المليارديرية التي وعد بها العراقيين ، الى بيع ابواب الغرف مقابل الغذاء ، حتى تهددت الدولة تماما، اذا تحدثتَ عن فرص تَغيُّرِه او تغييره ، تتوقف حواسك من الشم والسمع والنطق والنظر واللمس حين يُلقمُك الصديق قبل العدو بـ ( منو البديل ؟) .. الى ان احتلوا العراق وجلبوا قوافل البدلاء من كل فج عميق ، وما ان ضبّطوا لهم الكراسي والمواقع والتعويضات وأذاقوهم حصاد الجهاد ، عادوا لاشهار السؤال الوطني بوجوهنا : منو البديل ؟ . وبعد ان كان هذا السؤال يقال عن رحيل الحاكم ابو العشرين والثلاثين سنه ، صار السؤال مباحا حتى عن اللي يحكم ستة اشهر او يترأس حزبا صغيرا ،او مؤسسة ، فاخذنا نسمع ، منو بديل علاوي ومنو بديل الجعفري ومنو بديل المالكي ومنو بديل البرزاني ومنو بديل النجيفي ومنو بديل العبادي ومنو بديل المحمود ومنو بديل الشبوط ، وعلى الضفة الاخرى من السؤال ينزف الشعب العراقي دما وتتبدد الثروات وتثبت التقارير الدولية، ان الدولة العراقية فاشلة ومهددة بالارهاب والافلاس ، وعلى المواطن فيها ان يقاتل ويُقتلْ، ويبايع ويزحف ويتقشف ويسمع الخطب والمواعظ والتصريحات والاستنكارات وضجيج الخلافات السياسية ، وليس من حقه ابدا ان يجيب عن سؤال الامة العراقية الخالد … منو البديل ؟ لتسري في عروق الشعب دائما حمّى الحنين الى الماضي بكل سيئاته ، وكأنّ هذا الشعب قطيع لاينتج البدلاء في السياسة والحياة والاقتصاد ولايُحكم الا من خارجه ، حاضرُه دائما افضلُ من مستقبله ، ولافرصة له عبر تاريخه القصير الا احد الخيارين ، ادارة سيئة لشؤونه ، او ادارة اسوأ منها ! .