18 نوفمبر، 2024 12:33 ص
Search
Close this search box.

اعتماد صناعة الازمات كمصدر اساس لأدامة الحكم في العراق

اعتماد صناعة الازمات كمصدر اساس لأدامة الحكم في العراق

اعتمد نظام الحكم ماقبل 2003 في العراق على الحروب الاقليمية وحتى الداخلية منها كأساس لأدامة حكمه ، فحرب الشمال وايران والكويت ومانجم عنها من اقتتال داخلي جميعها حروب كان من الممكن تجنبها لو اتيح للعقل والحكمة والدبلوماسية فسحة للعمل واذان للأصغاء .. لكن صوت الحرب والمفضل لدى القائد في حينها والاصرار من قبل اعضاء الحزب الحاكم على اخضاع واختزال دولة بكامل مؤسساتها وشعبها لأوامر الفرد كان الاعلى والاقوى مخلفاً بذلك اكثر من مليون شهيد ، أرملة ، يتيم ولاجئ وتحطم كامل للاقتصاد العراقي ومديونية خارجية والتزامات دولية لايعرف حجمها ومداها … المشهد يتكرر الان مع استمرار مسلسل اشعال الازمات لكنها اقتصرت على الداخلية منها والتحذير الذي اطلقه مؤخراً رئيس الحكومة بالعودة الى الحرب الطائفية والتي عانى العراقيون من شرها مابين العامين 2005 ــ 2008 واثارها الممتدة الى الان ماهو الا دليل على تكرار نفس اسلوب ادامة الحكم الذي أدمن عليه النظام السابق .
ألمشهد واضح جداً ولايحتاج الى محللين محترفين ، فأصرار فريق الحكم الحالي بالأعتماد على ذات الاسلوب القديم وهو المضي في اشعال الازمات الداخلية على مختلف مستوياتها (وزارة او محافظة او مُكَوٌن) واختيار التوقيتات التي يراها مناسبة لاشعالها تتوافق مع مصالحه في ادامة الحكم .
فأزمة نائب رئيس الجمهورية الحكموم غيابياً بالاعدام والهارب حالياً والطريقة التي تعاملت معها الحكومة عندما صرح رئيس الحكومة بأنه كان على علم منذ سنوات بما يقوم به نائب الرئيس من اعمال ارهابية افضت الى قتل مواطنين ابرياء لكنه اختار السكوت لسنوات عن مايقوم به الهاشمي لسبب نجهله الى يومنا هذا كجهلنا لسبب اختياره التوقيت المناسب لكشفها ، وايضاً في قضية البنك المركزي وبأن الحكومة كانت على علم ولفترة زمنية طويلة بما كان يقوم به محافظ البنك الدكتور سنان الشبيبي من تغاضي عن عمليات الفساد التي رافقت مزاد العملة والذي تسبب بهدر المليارات من العملات الصعبة لكن الحكومة اختارت التوقيت المناسب للقصاص من المحافظ وفريقه ، وفي قضية وزارة الاتصالات وتوجيه الاتهام الى وزيرها الدكتور محمد علاوي بالفساد وماسمعناه مؤخراً من الاعلام الحكومي اتهامهم لعلاوي بالتجسس وتحميله المسؤولية الجزائية في احد العقود المبرمة مع إحدى الشركات ، وآخرها كان قضية وزير المالية الدكتور رافع العيساوي وتطبيق سيناريو الهاشمي بنسخة معدلة تتوافق مع ظروف عام 2012 والذي فجر الموقف ولم يسكته لحد الان بعد ان ادرك المجتمع من ان اسلوب الهروب الى الامام من خلال الاستمرار في خلق الازمات هو اسلوب تعودت الحكومة على الأخذ به من اجل ادامة حكمها وهروباً من مواجهة الواقع المخزي الذي يعيشه الفرد العراقي متمثل بالفقر والبطالة والفساد والظلم المنتشر في جميع المحافظات دون استثناء نتيجة غياب الارادة الحقيقية لدى الحكومة في التنمية والاصلاح وفي مواجهة الفساد والارهاب وكشف من يقف خلفه بحيادية تامه والعمل على مكافحته بصدق وعلى كافة المستويات .
 فالتعامل مع الارهابيين والمجرمين وسراق المال العام والجواسيس لايخضع للأنتقائية من قبل الاجهزة الحكومية كما لايمكن اعتبار التوافق السياسي عاملاً في اختيار التوقيات المناسبة لكشف الحقائق .. فالتصدي للجريمة يبدأ مع الاخبار الاول عنها أذا لم نقول حتى مع قبل وقوعها على ان تكتمل الادلة الحقيقية لذلك وتحت اشراف نظام قضائي عادل ومستقل .
لابد لنظام الحكم الحالي ان يتعلم من اخطاء الماضي القريب ويترك اسلوب اشعال الازمات والصراعات الداخلية والتي وصلت حد التلويح باعادة انتاج سيناريو عام 2005 الذي سوف يجلب الدمار للعراق وللعراقيين كافة وليعتمد اسلوب العقل والمنطق وانصاف الحق وكشف الحقائق للمجتمع والتعامل بصدق وحيادية مع كافة القضايا كأسلوب لأدامة الحكم وليس العكس …
 لقد كان للعامل الدولي في الحروب التي خاضها العراق سابقاً التأثير الواضح والدور الفاعل في انهاء تلك الحروب بطرق متعددة والتدخل العسكري (حالة الكويت والاحتلال عام 2003) كانت احدى طرق التدخل الدولي لان المصالح الدولية في المنطقة تُعتَبَر المحرك الاساس في وضع الحد لتلك الحروب .. ولكن لايمكن الركون دائماً الى ذات العامل من ان المصالح الدولية ستدفع بالدول الاقليمية والكبرى على التدخل وحل النزاعات الداخلية وأيقافها فوراً ، فالظروف تغيرت وتغير معها طريقة تعاطي المصالح الدولية مع الصراعات الاقليمية والداخلية ، فأذا ما اشتعلت الحرب الداخلية في العراق لا قدر الله فيمكن اعتماد سوريا كنموذج حي للتعامل الدولي مع الحرب الدائرة هناك .. سنتان قضت من الاقتتال الداخلي في سوريا تجاوز فيه حجم القتل والدمار والتهجير الى مافوق المستوى الذي يتحمله العقل والضمير والدين والمجتمع الدولي عاجز عن وضع حد للقتال هناك بل اقول ان الدول الاقليمية والكبرى ربما سعيدة لما يجري هناك ويتوافق ذلك مع مصالحها الاستراتيجية . كذلك ما حصل مع الحرب الأهلية في لبنان والتي امتدت لخمسة عشر عاماً وكيف كان للمصالح الاقليمية والدولية الدور في استمرار الصراع فيها كما كان لهما الدور في اخمادها بعد ان تركت لبنان دولة ضعيفة مقسمة المعالم . البعض ربما يقول ان حالة العراق تختلف عن سوريا وان العراق يمتلك النفط الذي سيدفع بالشركات الاجنبية ومصالح الدول الكبرى للتدخل ووقف القتال … اقول لكم انكم متوهمون كما توهمت من قبل القيادة العراقية السابقة عندما اعتمدت على توصيات ونصائح قدمت لها ولا اعرف من كان يقف خلفها ولكن اعلم القصد منها والتي صورت له بأن المجتمع الدولي لن يتورط بشن الحرب على العراق عام 1991 بعد احتلاله للكويت ولم يستمع النظام في حينها الى صوت العقل الذي نادى بأنسحاب العراق من الكويت وتجنب العواقب الوخيمة ولتتكرر التوصيات بعدم اقدام الولايات المتحدة على ضرب العراق عام 2003 طالما ان النفط العراقي مستمر بالتدفق للاسواق الدولية وخصوصاً الى الولايات المتحدة في حين حصل العكس بأحتلال العراق وخلع نظام الحكم القائم آن ذاك.
 النفط موجود في الاسواق العالمية بوفرة وسيعوض النقص الذي سيحصل عند توقف تصدير النفط العراقي بسبب الحرب لا قدر الله من قبل العديد من المنتجين وسيبقى النفط العراقي مخزون في باطن الارض فالحرب لن تحرق النفط انها ستحرق الانسان والوطن ، وبعد ان تضع الحرب اوزارها سيستأنف استخراج النفط وتصديره بعد ان يقتل من العراقيين مئات الالوف من جميع القوميات والطوائف ويشرد الملايين ويقسم العراق الى دويلات متناهية الصغر وبعد ان يختفي اعضاء المنتخب السياسي العراقي الحالي (أمراء الحرب) مع ملياراتهم الى ماوراء الحدود متنعمين بما تحمله حقائبهم من اموال وسندات ملكية لعقاراتهم في الخارج وسيعود البعض منهم مجدداً للعمل مع الشركات النفطية اوغيرها كمستشارين وبرواتب خيالية … لذلك فأن ارادت الحكومة ادامة حكمها واعادة انتخابها مجدداً عليها التخلي عن اسلوب اشعال الازمات مع الداخل والتحول نحو اسلوب اصلاح احوال الداخل عن طريق توافر الارادة الحقيقية في العمل الجاد على كشف الارهاب بتقديم الادلة الحقيقية لمن يقف خلفه والابتعاد عن صنع الادلة وكذلك كشف كافة ملفات الفساد من دون انتقائية ومحاسبة جميع من يقف خلفه وانصاف المظلومين من خلال اعادة الحقوق لاصحابها وتعويض المتضررين ومحاسبة المخالفين بغض النظر عن مستوياتهم الوظيفية او الاجتماعية او المذهبية او القومية وسيضمن من في الحكومة الان او البرلمان من اعادة انتخابه مجدداً وسينعم بكرسي الحكم لعقود قادمة .
[email protected]

أحدث المقالات