الصلاح ضد الفساد، والإصلاح نقيض الإفساد، ويقال صَلُح الشيء إذا زال عنه الفساد،وهذا يعني أن عملية الإصلاح تستلزم إزالة الفساد، فلا إصلاح مع وجود الفساد والمُفسِد، ولا يمكن للإصلاح أن ينبثق من البيئة والعقلية التي أنتجت الفساد والمفسدين، ومن هنا يتضح أن الإصلاح ليست مجرد شعار يرفع، أو حروف تتلجلج على الألسن، وإنما هو عملية تغييرية ونهضة جوهرية لها رجالها وظروفها وشروطها ومقدماتها السليمة، وهذا ما لا يتوفر في دعوات وشعارات الإصلاح التي صرنا نسمعها ممن صنع الفساد ودعمه ودافع عنه ولا يزال كذلك…فكيف يمكن أن نتصور تحقق الإصلاح من خلال نفس العملية السياسية التي أنجبت الفساد والمفسدين والتي بنيت على المحاصصة الطائفية؟!!، ثم إن حصر الفساد بالوزراء أو الكابينة الوزارية فحسب، فيه مصادرة للحقيقة والتفاف عليها، لأن هذه الكابينة وقبلها ما كانت لتتشكل لولا موافقة ومصادقة البرلمان عليها، وهذا يعني انه لا يتوقع حصول الإصلاح بذريعة (التغيير الوزاري) مادام أصل الفساد ومنبعه موجودا ونقصد به البرلمان ومَنْ ورائه، ولما كان البرلمان بهذا المستوى هل يمكن أن نتوقع منه أن يصوت على حكومة نزيهة (مع فرض نزاهتها) تتعارض مع مصالحه ومكاسبه؟!!!، ثم إن مجرد التصويت عليها فانه يكشف عن إدانته وإدانة الكتل والأحزاب التي ينتمي إليها لأنه هو مَنْ صوَّت على الحكومة التي قبلها وهذا معناها أنه صوت على حكومة الفساد والمفسدين….في جواب له على استفتاء تحت عنوان: “عاجل عاجل: اعتصام وإصلاح….تغرير وتخدير وتبادل أدوار”، رفع إليه من قبل متظاهري ساحة التحرير شخَّص المرجع العراقي الصرخي الحسني حقيقة ما نسمعه من دعوات إصلاح واعتصام وغيرها فكان مما جاء في جوابه، ما نصه: ((طالما نادينا بالإصلاح وكتبنا الكثير عن الإصلاح وسنبقى نؤيد وندعم كلّ إصلاح، نعم نعم نعم…للإصلاح ، نريد نريد نريد…الإصلاح ـ ولكن يقال إنّ للإصلاح رجالًا وظروفًا وشروطًا ومقدّمات مناسبة، وواقع الحال ينفي وجود ذلك !! ـ ولا أعرف كيف سيتم الإصلاح بنفس العملية السياسية ووسائلها وآلياتها الفاسدة المُسَبِّبة للفساد؟! ـ وهل الفساد منحصر بالوزَراء أو أنَّ أصلَهُ ومنبَعه البرلمان وما وراء البرلمان، فلا نتوقع أي اصلاح مهما تبدّل الوزراء والحكومات مادام اصل الفساد ومنبعه موجودًا ؟!! ـ وهل نتصوّر أن البرلمان سيصوّت لحكومة نزيهة (على فرض نزاهتها) فيكون تصويتُه إدانةً لنفسه وللكتل السياسية التي ينتمي اليها؟!)).