23 ديسمبر، 2024 11:03 ص

اعتصام البرلمان العراقي يعتلي صهوة النفاق السياسي

اعتصام البرلمان العراقي يعتلي صهوة النفاق السياسي

ان النظام السياسي الذي ساد بعد عام 2003 هو المسؤول عن ثقافة النفاق السياسي التي سادت مجتمعنا العراقي منذ تلك الفترة, فالبعض من الطبقات السياسية ومنهم اعضاء البرلمان العراقي اصبحوا أداة تنفيذية لكل السياسات الفاشلة للحكومة ,لكون جميع كتلهم السياسية تشارك في الحكومة وفق نظام المحاصصة المقيت التي فرضها على الشعب العراقي الحاكم الامريكي السيء الصيت بول بريمر ، وهم الذين يقومون على تدمير الحياة السياسية وتشويه صورة المجتمع.
التصاعد الخطير للازمة السياسية في العراق والذي ربما يطيح في اي لحظة بالحكومة والبرلمان معا,ونشوب حالة من الاضطراب والفوضى داخل القبة البرلمانية نتيجة فشل المؤسسة التشريعة على حسم التصويت على حكومة التكنوقراط التي طرحها رئيس الوزراء حيدر العبادي , قاد الى احتقان المشهد السياسي العراقي ونجم عن اعتصام مجموعة من النواب،الذين عملوا على هيئة رئاسة البرلمان وسط رفض رئيس المجلس سليم الجبوري، ومجموعة من الكتل السياسية المهمة الاعتراف بشرعية ذلك الإجراء. هولاء النواب المعتصمون يصورون انفسهم رموز للاصلاح والتغيير السياسي , وهم في حقيقة الامر مجموعة من السياسيين يتصفون بالجبن والكذب، فهم لا يملكون الجرأة في التأثير على ممارسات الحكومة الخاطئة خوفا من ان يفقدوا المناصب التي شغلوها بمنة من الحكومة، وهم في الغالب من غير المؤهلين علميا ومسلكيا، أما صفة الكذب فأنها ناجمة عن عدم قدرة هذه الفئة السياسية من أداء دور مستقل، فكل فرد فيها يعلم أن صناعة القرار لديه مرهونة بيد أطراف أخرى سواء كان زعماء كتلهم او دول الجوار، والذي سيكون لها دور في استمرارية وجوده في هذا المنصب او ذاك.
من خلال قراءة تحليلية للصراع بين الحكومة واعضاء البرلمان والذي هو اشبه ما يكون بلعبة القط والفأر اصبح مكشوفا لجميع العراقيين, فالحكومة فشلت في ان تلعب دور حقيقي في الاصلاح والتغيير الشامل والقضاء على حيتان الفساد, واصبحت الحكومة حجر عثرة امام اي تطور حقيقي في المسار السياسي, من ناحية اخرى اعضاء البرلمان العراقي ايضا لم يكونوا بالمستوى المطلوب من المسؤولية والواجب , وغير حريصين على انهاء الازمة السياسية بالانفراج ,وذلك لان رؤوساء كتلهم السياسية يخشون من العواقب الوخيمة , التي قد تحرمها من الحفاظ على النفوذ والمناصب والمال,لذلك سعت اغلب هذه الكتل السياسية الى لعبة المزايدات والابتزاز السياسي والنفاق السياسي , وفي نفس الوقت لبسوا ثوب دعاة الاصلاح الشامل وتشكيل حكومة تكنوقراط , هذا التصعيد بالمواقف للنواب المعتصمين وافشال مبادرة رئيس الجمهورية فؤاد معصوم لحل ازمة المجلس قد تعصف بالبلاد نحو التشتت والتفتت والتمزق , وتنعكس بشكل سلبي على معنويات مقاتلينا الاشاوس من ابنائنا الغيارى وجيشنا الباسل في حربه لتحرير الموصل من سيطرة قوى داعش الارهابية.
وما يثير الشك في حسن نية النواب المعتصمين في السعي الى احداث الاصلاح والنهوض بالعملية السياسية الكسيحة في العراق هو امساكهم العصا من الوسط كي لايخسروا مصالحهم في حال ميلان الكفة الى اليمين او اليسار ,وبذلك تصبح نداءتهم بالاصلاح خداعة وهزيلة.لذلك لابد من هولاء المعتصمين الانسحاب من كتلهم السياسية لكي يتحركوا بحرية اكثر في اتخاذ قراراتهم, وان يؤمنوا
بثقافة الصدق والالتزام بالأخلاق والمبادئ لا بثقافة المصالح الفردية والأنانية على حساب مصلحة الشعب العراقي.
وفي الوقت ذاته لابد من المواطن العراقي محاربة ثقافة النفاق السياسي وكشف ممارساتها اللاخلاقية لأنها ثقافة تدميرية تمس المجتمع في الصميم، ولابد من المواطن العراقي ان ينهض بواجبه في مواجهة هذه الفئات السياسية بأدوارها الخيانية في حقه وحق الوطن، لان النفاق السياسي لا يصيب الوطن بالسوء فحسب وانما ايضا المواطن. وإذا كان هناك من تبرير لأي كتلة سياسية في سعيها لحشد المناصرين والمؤيدين وحتى الهتيفة، فليس من حقها ان تتبع الثقافة الميكافيلية التي أوردها في كتابه الأمير، لأنها ثقافة لا تصلح لبناء الأمم وتقدم الشعوب.