الى اخي السيد مقتدى الصدر (لا السلطة سلطتنا ولا الدنيا دنيانا) يمتاز الصدريون حقا على اختلاف قياداتهم بولائهم وحبهم للسيد محمد الصدر رضوان الله عليه وعدم حمل أي حقد لبعضهم البعض باستثناء من فسد منهم، ويمتازون بثورتهم وصدق نواياهم وتحرزهم من الوقوع في أي محذور أخلاقي او شرعي وبالتالي فالاختلاف هو في الأداء والسلوك لا الاختلاف على الذوات والشخوص. وما يحدث الان من حالة للتصعيد رغم سلبيات ظهرت فيه الا انه بعيدا عن قراءة المشهد السياسي وإمكانية التنبؤ بالقادم وتوقع الاسوء يقتضى منا ملاحظات ما يلي:.
1- نحن نعلم انه وفق ما ورد لنا من نصوص من المعصوم واجبة الاتباع ان لانطلب او نطالب بالدقة او نرجو ما شئت فعبر من غير المعصوم او من لم ينصب المعصوم تحقيق الإصلاح لنا نظرا لفقدان الإمكانيات والقابليات والمؤهلات الشرعية والموضوعية لتحقيق ذلك بل واكثر من ذلك اننا لا نطلب منهم تحقيق الإصلاح ان لم تكن مشيئة الله قد قضت بذلك ولم تساعد الظروف الموضوعية على تحقيقه فهل ما لم نلزم به المعصوم ولا يحق لنا ان نلزمه بشيء او نرجوه منه نطلب من غيره ان غير المعصوم قابل لان يقع في الخطأ وبالتالي لا يحق لنا ان نحاسبه او نتعامل معه كمعصوم ابدا، وبالتالي ليس السيد مقتدى الصدر ولا غيره ان خرج طالبا للإصلاح ملزم امامنا بتحقيق الإصلاح وهو تطوع وفق الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي طلب الإصلاح كفاية لان الاعمال بالنيات، كما كان خروج الحسين عليه السلام لطلب الإصلاح لا لتحقيقه على ارض الواقع وطلب الإصلاح هو في عين الله.
2- من خرج من اتباع السيد مقتدى الصدر هم منا ونحن منهم ، هم أهلنا ونعلم صدق نواياهم وان ما يطلبون هو حق لهم، وبالتالي لا يحق لنا ان نقف ضدهم ابدا، بغض النظر عن انهم جهلة ام لا اخطئوا سبيل الطريق ام لا وبعض النظر عن مواقفهم السلبية الخاطئة من الاخرين.
3- ومقتضى الاخلاق تلزم علينا ان لا نكون لهم أعداء وان نقابل إساءتهم بالإحسان وان نحقن دمائهم فهي دمائنا والمؤمنون اخوة من الاب والام فالمؤمن اخ المؤمن لأبيه وامه ونعم الاب الطاهر ونعم الاب والام الطاهرة اللهم اجعلنا لهم ابناء بررة بحق فاطمة وابيها وبعلها وبينها والسر المستودع فيها وذرية الحسين الطاهرة عليهم صلاة الله الدائمة النامية الزاكية وسلامه الدائم الباقي
4- وردت نصوص عن المعصوم المفترض الطاعة تدفع بنا الى لا نكون لا للسيد مقتدى الصدر ولا لاتباعه أعداء مهما كان الخلاف والاختلاف بل والصراع منها قول الامام عليه السلام (كذب سمعك وبصرك عن اخيك) وهو قول جل عظيم أي اضرب بيقينك عرض الجدار وليس لنا الا ان نقول للأمام عليه السلام (سمعنا واطعنا).
كما وردت نصوص أخرى منها ( يا جابر علامة المؤمن البعيد من الصفاء أن يعلم الله منه تثاقله في بر إخوانه فيصعبه عليه ولا يسهله له) ومقتضى البر عدم الجفاء، وورد أيضا من حق المؤمن على المؤمن ما هو اعظم من عدم الاقتناع بفعله المؤمن فان كان الله يحب المؤمن على نقصه وخطئه وذنبه وعصيانه افلا نتخلق بأخلاق الحق اذن؟! ان الكراهية والحقد مبغوض مذموم وان كنا نعيبها على غيرنا فما بالنا نتمسك بها اذن ان كنا نريد الخير لنا ولغيرنا. ولقد ورد ان المؤمنون نفس واحدة وان امامنا يتألم لألمنا ويفرح لفرحنا ويحزن لحزننا ولا يحق لنا ان نصيب قلب امامنا عليه السلام بالحزن على حالنا فالدنيا وما فيها لا تستحق ان تصيب قلبه الشريف بالأذى. بل واكثر لقد ورد ان توهين شأنه المؤمن وهدم مروته بانتقاده علنا حرام فضلا عن حرمة اغتيابه .
فان كان اميرنا عليه السلام قد نهى عن سب اهل الشام والخوارج وكان منصفا وطالبا لحقن الدماء ولدرء الفتنة فما بالنا نحن مع قوم هم منا ونحن منهم شئنا ام ابينا ذلك . فان زعمنا اننا نامر بالمعروف ننهى عن المنكر فلا وجود لشروط تلك الفريضة في البين معهم . وما ورد في حقوق الاخوان في رسالة الحقوق للأمام السجاد ما يقصم الظهر وما يكشف كم هو عظيم عيبنا وكم هو عظيم ذنبنا وتقصيرنا ، على الأقل انهم من شيعة علي وحب علي عليه السلام يزيل الغل والحقد والكراهية من القلوب. فان خرج مؤمن يطلب اصلاحا فإعانته واجب وحمله على الصحة اوجب ولا نبالي ان فشل او نجح لان الدنيا زائلة، ان الله اعلم بالنوايا وبمآل الأمور والأمور بعواقبها وخواتيمها فلا يحق لنا ان نزعم اطلاعنا على الغيب او خفايا النفوس وما نعيبه على أي انسان ما قد نقع فيه انما العمل جزائه من جنس العمل بل من نفس العمل وكفى بنفسي شاغلا عن غيري. والوقوف مع المؤمن حق لازم من حقوقه ومن قصر بهذا الحق عليه ما عليه ووجوب تصديقه ظاهرا والإغماض عنه وعدم المؤاخذة به والإذاعة عليه ، كما ان الحق عز وجل ابى الا ان تكون مشيئته فان من خرج يطلب اصلاحا ما كان ليخرج الا بمشيئة الحق ووجب علينا الرضا بقضاء الله وقدره والتسليم لمشيئة الحق وارادته و المشيئة جارية رغم انفي وانف غيري شئت ام ابيت ولا اعلم من الحق الا خيرا، لذا لا يجوز منا ان نطلب من طالب الإصلاح الا قصده للإصلاح فحسب. وان انصر اخاك ظالما او مظلوما، نسال الله ان يحقن دمائنا وان يجنبنا مضلات الفتن فان قطرة دم المؤمن ان هدرت اعظم عند الحق من هدم الكعبة وكل ما في الدنيا لا يعادل تلك القطرة.
(مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا )
ولقد احسن الاخوة في القوات الأمنية حين تجنبوا إراقة دماء الأبرياء في فاسد يستحق ان يدافع عنه او تراق قطرة دم في سبيله.
ومن النصوص التي وردت أيضا
قال الصادق (ع) : من قال في مؤمن ما رأت عيناه ، وسمعت أذناه كان من الذين قال الله تعالى: { إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة }.ص213
المصدر: تفسير القمي ص454
قال النبي (ص) : لا تظهر الشماتة بأخيك ، فيرحمه الله ويبتليك .ص213
المصدر: أمالي الصدوق ص137
قال النبي (ص) : لا تتبعوا عورات المؤمنين ، فإنه من تتبع عورات المؤمنين تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في جوف بيته .ص214
المصدر: ثواب الأعمال ص216
ورد في الكافي الشريف – باب تكذيب المغتاب وحمل فعل المؤمن على أحسنه
سهل بن زياد عن يحيى بن المبارك عن عبد الله بن جبلة عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال قلت له جعلت فداك الرجل من إخواني يبلغني عنه الشيء الذي أكره فأسأله عن ذلك فينكر ذلك وقد أخبرني عنه قوم ثقات فقال لي : يا محمد كذب سمعك وبصرك عن أخيك فإن شهد عندك خمسون قسامه وقال لك قولا فصدقه وكذبهم ولا تذيعن عليه شيئاتشينه به وتهدم عليه مروءته فتكون من الذين قال الله في كتابه إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ. انتهى – الروضة 147
قال رسول الله (ص) : من أذاع فاحشة كان كمبتديها ، ومن عير مؤمناً بشيء لا يموت حتّى يركبه.ص215
المصدر: ثواب الأعمال ص221
قال الباقر (ع) : إن أقرب ما يكون العبد إلى الكفر ، أن يؤاخي الرجل على الدّين فيحصي عليه عثراته وزلاّته ، ليعنّفه بها يوماً ما.ص215
المصدر: المحاسن ص104
قال الصادق (ع): إذا رأيتم العبد متفقداّ لذنوب الناس ناسياً لذنوبه ، فاعلموا أنه قد مُكر به.ص215
المصدر: السرائر ص475
قال رسول الله (ص) : إن أسرع الخير ثواباً البرّ ، وأسرع الشرّ عقاباً البغي ، وكفى بالمرء عيباً أن يبصر من الناس ما يعمى عنه من نفسه ، وأن يعيّر الناس بما لا يستطيع تركه ، وأن يؤذي جليسه بما لا يعنيه.ص215
المصدر: مجالس المفيد
قال الصادق (ع) : إن لله تبارك وتعالى على عبده المؤمن أربعين جُنّة ، فمن أذنب ذنباً كبيراً رفع عنه جُنّة ، فإذا عاب أخاه المؤمن بشيء يعلمه منه انكشفت تلك الجنن عنه ، ويبقى مهتك الستر فيفتضح في السماء على ألسنة الملائكة ، وفي الأرض على ألسنة الناس ، ولا يرتكب ذنبا إلا ذكروه ، ويقول الملائكة الموكلون به:
يا ربنا !.. قد بقي عبدك مهتك الستر ، وقد أمرتنا بحفظه ، فيقول عزّ وجلّ: ملائكتي!..لو أردت بهذا العبد خيراً ما فضحته ، فارفعوا أجنحتكم عنه ، فوعزّتي لا يؤول بعدها إلى خيرٍ أبداً.ص216
المصدر: الاختصاص ص220
ان غاية الإصلاح هو رفع العوائق عن التكامل الدنيوي و بالتالي وهو الأهم عندنا ان تكامل أي مؤمن يعمل على تكامل غيره من المؤمنين لان المؤمن نفس واحدة.
5- الموقف السياسي من الاعتصامات طبعا نحن نعلم ان الطغمة الحاكمة الفاسدة ترفض أي إصلاحات ومستعدة للقتال من اجل السلطة ولا تتردد في أي انتهاك لحرمة الدماء او للسيادة الوطنية فضلا عن ضبابية ما هو قادم من خطوات ونتائج خطيرة قد تخدم داعش وامريكا في حالة الفوضى فضلا عن عزوف شعبنا المنهك من الوعود والمنهك من الدمار والتضحيات التي ملات مقابرنا فان عدو شعبنا يراهن على إراقة الدماء وعلى الفوضى وهو امر على ما يبدو يدركه السيد مقتدى الصدر لذا هو يؤكد على حقن الدماء ويحذر من الاختراق، وهناك الكثير ممن يراقب التطورات من أبناء شعبنا ممن تشكلت له قناعات عن سلبيات ماضية من فساد وجرائم وصدامات يتوجس خيفة وحذرا من القادم لان المصداقية للأسف قد فقدت عند الكثير ويحتاج الى المزيد من وضوح الرؤيا كي تتغير قناعات باتت راسخة عن فشل الجميع وعن سوء نية الجميع بحسب تجارب سابقة مرة، لذا فان حقن الدماء والخروج من العملية السياسة براءة عملية كاشفة لصدق النوايا ومغيرة للقناعات السلبية الراسخة ودافعة لبلاء قادم يريد به أعداء الشعب القضاء على العراق وشعبه. حفظ الله العراق وأهله من كل شر