23 ديسمبر، 2024 9:20 م

اعتزال الحكيم يكشف عن المستور

اعتزال الحكيم يكشف عن المستور

أعلن السيد عمار الحكيم، في الحفل الذي أقيم في مكتبه، في مناسبة ولادة الإمام علي عليه السلام، عن عزمه في التخلي عن رئاسة التحالف الوطني، ودعا التحالف الوطني، لإختيار بديل عنه.
عمار الحكيم، الذي اختير لهذا المنصب من قبل القيادات في التحالف الوطني لسنة كاملة، كان يطمح في إعادة الوحدة والتكاتف للمكون الشيعي، بعد فترة طويلة من التفتت والتفكك بين الاحزاب الشيعية، التي حصلت نتيجة الأهواء والنزوات، والمصالح الحزبية الضيقة، فأراد ان يكون للشيعة، قوة، ورؤية، وموقف واحد ينطلقون منه الى الآخرين.
قام عمار الحكيم، اثناء رئاسته للتحالف، بعمل دؤوب، وحركة مستمرة، اعادة الروح للتحالف، من خلال تكثيف الاجتماعات، وتفعيل اللجان، واقرار نظام داخلي له، وكان أهم هذه الأعمال هو مشروع التسوية الذي طرحه التحالف، حقيقة ان الرجل كان له دور إيجابي يشهد له بذلك.
لكن السؤال الذي يتبادر للذهن، ما هي الأسباب التي جعلت من السيد الحكيم، ان يعلن أعتزاله من المنصب؟
اعتقد شخصياً، هناك سبّبان رئيسيان وراء هذا الأمر:
الأول: ورقة التسوية السنّية، التي سلّمها تحالف القوى السنّية، لممثل الأمين العام للأمم المتحدة( غوتيريس) ، ثم أرفقت معها ورقة( بناء الثقة)، التي قدّمها ائتلاف متحدون بزعامة اسامة النجيفي، والتي تحتوي على سقوف عالية من المطالب وتعجيزية.
من هذه المطالب: اشتراطهم بعدم الاتفاق على التسوية، الاّ بعد العمل بورقة( بناء الثقة) من قبل الحكومة، واعطوها مهلة مدتها ستة أشهر، لتعمل الحكومة على إطلاق سراح المعتقلين، وتجميد الاعدامات، والعفو عن النائب احمد العلواني، وحل الحشد الشعبي، وغيرها من المطالب.
كما ان ورقة التسوية نفسها تضمنت: مراجعة شاملة لنظام الحكم، ومقترح نظام رئاسي برلماني مختلط، وإقامة اقاليم في ثلاثة محافظات سنّية.
ورقة التسوية والملحقة بها ورقة بناء الثقة، أثارت حفيظة وغضب التحالف الوطني، مما اعلن رفضه لها، وكأنّ المكون السنّي بهذه الشروط والمطالب، يتحدث من موقف القوة، وبالتالي يكشف عن ظهير له من قوى خارحية تسنده وتدعمه.
هذه القضايا، ستزيد من الصدع، وتوسع من الشرخ، بين السنة والشيعة، وبالنتيجة ستجهض على مشروع التسوية الوطنية وهو في مهده.
السبب الثاني: الصراع” الامريكي- الايراني” على النفوذ في العراق، والسيد العبادي أقرب لأمريكا من ايران في سياسته، فأمريكا والدول العربية تغيّر موقفهم اتجاه العراق على اثر هذه السياسة، وهم يدعمون ويساندون العبادي.
هذا التقارب الأمريكي العراقي، سيزيد من النفوذ الأمريكي في العراق، ويحجّم من الدور الايراني، وقيل ان هناك رؤية سياسية أمريكية بعد القضاء على داعش في العراق، تقوم على إنشاء قواعد أمريكية في الشمال ،واقامة اقليم سنّي، بإدارة حاكم مدني أمريكي لفترة مؤقتة، للتقليص من النفوذ الإيراني.
من المعلوم ان هذا الأمر يزعج إيران، والجهات العراقية الموالية لها، فالسيد المالكي في ذكرى الشهيد السيد محمد باقر الصدر، تحدّث عن مؤمرات ناعمة( اشارة منه لامريكا والسعودية)، وحذّر العبادي( تلميحاً)منها، وبعض قيادات فصائل الحشد، صرح علناً وقال: الانقلاب العسكري، وعزل حكومة العبادي، هو السبيل الوحيد لإستعادة القرار العراقي المرتهن لواشنطن.
العبادي بين نارين، وفي موقف لا يحسد عليه ابداً، فإن تقرّب لإيران وترك أمريكا، مصيبة ستقع عليه، وان تقرّب لأمريكا وترك ايران، ستكون المصيبة أعظم، وربما يكون انقلاب عليه كما ذكر المتحدث اعلاه، ومن يدري ربما يغتالونه!؟
كل هذه الخلافات بين السنة والشيعة ، وبين الشيعة أنفسهم، اقول ربما كانت بأنظار السيد الحكيم، فأراد الإعتزال وترك المنصب، حتى لا يكون ضمن مشروع صراع قادم، يهدف لتمزيق البلد، فرئاسة في ظل هكذا أوضاع من تعنت وعناد لأطراف سياسية تركها أولى