عندما دخلت قوات الاحتلال الاميركي بغداد في 9 نيسان 2013 ، كانت هناك ضمنها وحدات خاصة توزعت للعمل كل في مجال اختصاصها . وكان في عداد هذه الفرق مجموعة خاصة لالقاء القبض على كبار مسؤولي المخابرات العراقية والبحث في ارشيفها والهدف : الوصول الى اثباتات لعلاقة العراق بالقاعدة والارهاب وعن دليل يكشف عن عملاء اميركيين مشكوك بهم كانوا يعملون لصالح المخابرات العراقية. فقد كان الاميركيون على علم بان هناك مصادر اميركية تزود العراق ببعض المعلومات من الداخل الاميركي .
وبعد القاء القبض على كبار رجال المخابرات وانتزاع اعترافات حقيقية او مفبركة او مشكوك فيها منهم والسيطرة على ارشيف المخابرات توصلت المخابرات الاميركية الى صلة بين اميركيين والعراق ، ومن ضمن هؤلاء (سيوزان لينداور ) وهي عميلة لل سي آي ايه كانت مهمتها العمل كعميلة اتصال مع الاستخبارات العراقية بغطاء عملها الدبلوماسي في الامم المتحدة. فقد كان الاميركيون يرفضون الحوار المباشر مع ممثلي الحكومة العراقية ( لان العراق ، سوية مع ايران وكوريا الشمالية العراق مدرج ضمن محور الشر لكن دائما تحافظ اميركا على قناة اتصال حتى مع اعدائها ) . وكان الاتصال بين الدبلوماسيين ورجال الاستخبارات العراقيين يتم مع سيوزان شفويا لتقوم هي بنقل الحديث الى المخابرات الاميركية وتستلم التوجيهات منها لتبلغها بدورها الى العراقيين ، والمسموح لهم بالاتصال لا يزيد عددهم عن 4-5 افراد ولا يزيد عدد من يعرف هذه الصلة عن ذلك العدد .
وهنا يقال أن المخابرات العراقية استطاعت أن تجند أحد العاملين في وزارة الخارجية الاميركية ، وتردد ايضا ان المخابرات نجحت في تجنيد سيوزان لينداور للعمل لصالح العراق ( وهي التقارير التي تحدثت عن نجاح المخابرات العراقية في تجنيد دبلوماسية اميركية تعمل في الامم المتحدة ) ، وقد يكون الامر ان هذه الحسناء الشقراء الاميركية استطاعت أن تقنع ممثلي الدبلوماسية والمخابرات العراقيين بأنها نصيرة سلام وأنها تكافح من اجل رفع الحصار عن الشعب العراقي وزودت المخابرات العراقية بمعلومات عن ما تخططه الادارة الاميركية في موضوع العراق .
المهم في الامر ان هذه السيدة خرجت عن قواعد عمل عملاء المخابرات ، فهي بحكم عملها المهم كحلقة وصل سرية بين الادارة الاميركية والعراق تمكنت من الاطلاع على تفاصيل كثيرة وخبرت الاساليب الخبيثة والمخادعة للمخابرات الاميركية وما تلفقه من تهم للعراق في سبيل ادامة الحصار والتهيئة للغزو ، وأصبحت تعرف اكثر مما يجب وأنها سمحت لضميرها أن يتدخل في عملها فكان يجب اقصائها . لتبدأ المخابرات الاميركية بعدها في جمع ادلة مفترضة عن ” عمالتها ” للعراق ، وحصلت عليها باساليبها بعد استجواب ضباط المخابرات العراقيين المعتقلين ومنهم سالم الجميلي مدير شعبة اميركا في المخابرات ، فتم القاء القبض عليها وتعرضت لتعذيب نفسي كبير ومحاكمتها بتهمة العمالة وسجنت 3 سنوات كما تعرضت لمحاولة اغتيال مرتين نجت منها باعجوبة ( تماما كما تم قتل السيدة ابريل السفيرة الاميركية في العراق بحادث سيارة مفتعل لاسدال الستار عما قالته لصدام حسين قبل غزو الكويت بتوجيه من الادارة الاميركية العليا لاستدراجه الى فخ احتلال الكويت من حيث ايهامه بالتلميح ان اميركا لا تتدخل بمشكلة بين العراق والكويت لانها مشكلة عربية داخلية في حين كانت تخطط لاستدراجه لاحتلال الكويت لتجد المسوغ الشرعي لتدير العراق وقوته الناهضة ) .
كشفت لينداور عن بعض جرائم المخابرات الاميركية ، وتدخلاتها في تفاصيل شؤون الدول الاخرى بحيث تؤكد نظرية المؤامرة ومسؤولية اميركا عن كل ما يجري من احداث في العالم وتقنع كل من يشكك بهذه النظرية ، ومنها على سبيل المثال حادثة الرحلة 130 لشركة بان امريكان والتي اسقطت فوق لوكربي باسكتلندا ، فأفادت بأن على متن الرحلة كان هناك فريق من المخابرات الاميركية قادما من الشرق الاوسط وفي جعبته نتائج تحقيق خطيرة عن تهريب المخدرات من لبنان تثبت تورط عملاء كبار للمخابرات الاميركية فيها ، فكان توريط ليبيا في مؤامرة اسقاط الطائرة لضرب عصفورين بحجر : التخلص من المحققين وتقريرهم واتهام ليبيا لاغراض سياسية.
كما تكشف سيوزان ان العراق بريء من أية تهمة او صلة بالقاعدة او الارهاب بل أن المخابرات العراقية تعاونت استخباريا مع اميركا وزودت الاخيرة بمعلومات فائقة الاهمية عن التنظيمات والنشاطات الارهابية والتي سلمتها بدورها للسي آي ايه ومنها أن العراق أبلغ واشنطن بعملية الاعداد للهجوم على المدمرة الاميركية يو اس كول في خليج عدن باليمن وحدد الموعد التقريبي للتنفيذ … فما كان من الاميركيين الا ان يسحبوا الحراسات من حول المدمرة قبل يوم واحد وتم تنفيذ العملية بسهولة من خلال اقتراب زوارق صغيرة من المدمرة واطلاق صواريخ عليها احدثت ثقبا بقطر 20 متر وقتل اكثر من 20 بحار اميركي على متنها . فمن قال ان نظرية المؤامرة اصبحت مستحيلة وان المخابرات الاميركية لا تتوانى على التواطئ وحتى تنفيذ عمليات قذرة من اجل أهداف خاصة؟
نظرا لاهمية المعلومات التي تمتلكها سيوزان ورغبة في فضح الاساليب الخفية والقذرة والتآمرية التي تتبعها اجهزة الادارة والمخابرات وضرورة اطلاع الراي العام على ماترتكبه المخابرات من مخالفات جسيمة فقد ألفت كتابا اسمته ( اقصى التحامل ) او ( الاجحاف المتطرف ) . extreme pejudice
وبحثت كثيرا عن ناشر لطبع الكتاب فكان الجواب الرفض خوفا من سطوة المخابرات اوعدم التورط معها في طبع كتاب تفضح فيه عميلة سابقة جرائمها بحق الشعب العراقي وهي جرائم – كما تقول – ترقى الى حد الابادة الجماعية لو كان هناك ظمير عالمي حي . كما تصل سيوزان الى معلومات خطيرة عن كيفية الاعداد لتفجيرات 11 ايلول ومسؤولية بن لادن عنها وتتسائل عن جهل العالم بكيفية تصفية بن لادن ( ان تمت حقا ) والطريقة التي تمت بها ، ونتسائل نحن ايضا لماذا التسرع في رميه في البحر ولم لم يقبض عليه ويحاكم .. ؟
وستقوم احدى محطات التلفزة العالمية باجراء لقاءات مع العميلة السابقة ستكشف فيها عن اسرار الانتهاكات الخطيرة للمخابرات الاميركية خاصة في تلفيق التهم التي ساقتها لغزو العراق وبالتالي فان مئات الاف العراقيين الشهداء وملايين الجرحى والمهجرين والدمار الحاصل هو في مسؤولية تلفيقات السي آي ايه بتوجيهات مباشرة من الادارة الاميركية . وأن الاساليب الرخيصة التي تتبعها في عملها تدين شعار الديمقراطية والحرية التي تتمشدق بهما وتجعلهما سببا لتدخلها السافر في شؤون الدول الاخرى . ومنها على سبيل المثال شراء صمت الرئيس السوفييتي السابق غورباتشوف عن ضرب العراق في 1991 ، ذلك ان المخابرات الاميركية استطاعت من زرع عميل لها عمل طويلا في الشرق الاوسط في الثمانينيات واصبح شريكا تجاريا لرايسا ( زوجة غورباتشوف الراحلة ) المعروفة بحبها للمجوهرات والثياب الثمينة والحياة الغربية والتي كانت ذات تأثير كبير في غورباتشوف وقراراته ازاء الموقف السوفييتي المتخاذل من الحرب على العراق في 1991 .
تأتي اعترافات سيوزان لينداور بالتزامن مع اعترافات ( ايثان ماكورد ) الجندي الاميركي السابق في العراق والتي كشف فيها جوانب من جرائم القوات الاميركية ، منها اطلاق مروحية اميركية النار على حافلة مدنية عراقية ثم ملاحقة الناجين الهاربين من الحافلة للقضاء عليهم لمجرد … التسلية وكانهم في حفلة صيد ارانب في الحقول ، كما يرد وقائع جرمية اخرى يقول انها اثقلت ضميره وضمائر بعض زملائه وجعلته يشعر بتانيب الضمير ازاء الدم المسفوك لابرياء قتلوا بلا ذنب .
هذه هي حقيقة اميركا وسلوكياتها على لسان البعض من شرفائها …وعجبي على البعض من العراقيين الذين يغمضون اعينيهم عن جرائم رعاة البقر الاميركيين بحق شعبه ومازال يحّمد لهم ويمجد بأسمهم ويدعو غزوهم تحريرا لمجرد انه ركب هذا الغزو فحصل على كرسي في السلطة او ملأ جيبه بحفنة دولارات مغمسة بدماء ومعاناة الملايين من بني جلدته .