11 أبريل، 2024 5:20 م
Search
Close this search box.

اعادة صياغة دور الدولة خطوة لتحقيق التوازن بين الحاكم والمحكوم

Facebook
Twitter
LinkedIn

ان البون الشاسع في المزايا(القدرات والامكانيات والسلطات) بين طرفي المعادلة (الحاكم والمحكوم) يحتم احداث توازن نسبي فعال  بينهما بتحجيم واقلال مزايا الطرف الاكثر فعالية وتمكين الطرف الاضعف على الجهه الاخرى للمعادلة التي ننشد توازنها,وعملية احداث التوازنات لاتجري عبر سياق سياسي فقط , ولو تناولنا الطرف الاقوى للمعادلة والاكثر فعالية(الحاكم) نجد ان هذا الطرف يمثل مجموعة مؤسسات الحكم المتكون من عدة سلطات(التشريعية والتنفيذيةوالقضائية)وبتفاعلها يتكون نتاج وسلوك الطرف الاول للمعادلة ومن هنا فان احداث توازن بين السلطات الثلاث من شانه تخفيف حدة وسطوة (الحاكم) عن طريق اعطاء القدرة والصلاحية لكل واحدة من السلطات لشّل  اعمال السلطة الاخرى عندما تمارس عملا له علاقة باعمال السلطة الاخرى عن طريق منح كل عضو سلطة الحكم وسلطة الردع ,هي من شأنها ان تمنع تنفيذ القرارات الخاطئة الصادرة عن السلطة الاخرى, فيتولى الاول التشريع والثاني التنفيذ والثالث الفصل في الخلافات التي قد تنجم عنها.وهذا هو النوع من التوازن الداخلي للطرف الاول يسهم في عمل توازن في المعادلة الاصلية.
واذا تناولنا الطرف الثاني للمعادلة(المحكوم) فان عملية التمكين له لاتكون بمنحه السلطات المباشرة انما العملية تحتاج الى استيلاد بيئة مجتمعية مؤهلة لمعرفة القيمة الذاتية والنهوض بواقع المجتمع من خلال رفع المستوى الثقافي للمجتمع وتنمية العقل المجتمعي لاستحضان الافكار الخلاقة ,فالتمكين ياتي عبر تاهيل الطبقة الامية من المجتمع ( ونقصد بالطبقة الامية هي طبقة الافراد الذين يملكون التفكير السطحي )وخلق التوازنات الاجتماعية المبنية على اساس المواطنة الصحيحة وليس على اساس الانتماء العائلي والعشائري والاتجاه الى بناء مجتمع مدني .ونشر ثقافة ان الاساس هو المواطن وليس الدولة, وتنمية دور القطاع الخاص.
ومما لاشك فيه فان الحاكم من جنس المحكوم فالاول مولود من رحم الثاني, وعليه فان  الانحرافات السلوكية للسلطات لها ارتباط جذري بالبيئة التكوينية لها (الرحم),فيكون المولود صحيحا وسليما ان خلا الرحم من الامراض , وعليه فان المحكوم يشترك بالمسؤلية على وجود هكذا حاكم, فلا عجب ولا استغراب من وجود انحرافات لدى الوليد ,بمعنى اخر على المجتمع التخلص من الظواهر والممارسات التي من شانها تكرس ثقافات معينة تنعكس لاحقا بصورة سلبية .
عملية خلق التوازنات داخل المجتمع مهمة جدا في استقرار المجتمع الذي بدوره يؤدي الى فهم المواطن ان القيمة الذاتية له هي اعلى مرتبة بين القيم المطروحه ,وان دوره فعالا ومهما ,وان تركه للدور سيعود سلبا على حياته , وان الدولةهي بمفهومها الحديث ادارة  وهي واسطة لتحقيق اهدافه ومتطلباته .وعملية خلق التوازن الاجتماعي ترتكز على قاعدة المساواة بين الافراد في الحقوق والواجبات وعدم التمييز بين الافراد على اساس استحقاقات وهميه مرحلية وتمكين فئات بالمجتمع على فئات اخرى عن طريق منح مزايا لفئة دون اخرى,مسببا خللا في العدالة الاجتماعية والتي هي مصداق للتوازن. فلا فاعلية لمحكوم يعاني من امراض , ومن هنا فان الدعوة الى اعادة صياغة دور الدولة هو مطلب ملح وضروري في اعادة رسم الادوار بين الحاكم والمحكوم على اساس ان الدولة بمفهومها العصري هي مفهوم إدارة أكثر منها إلى السلطة وتتسم بالعامل التنظيمي وتكون الدولة وسطا بين طرفي معادلة إحداهما المجتمع والأخرى القوانين, والدولة العادلة هي الشخصية المعنوية  الكفيلة بإحداث موازنة عامة بين حقوق الأفراد وواجباتهم بعضهم تجاه بعض أو تجاه المصلحة العامة.والدولة بمفهومها الحالي تمارس الوصايا على المجتمع  تحت حجة امتلاكها القدرة هي وحدها على ترويض المجتمع تحقيقا للتوازن السياسي مبررة هذه الهيمنة بافتقار الجمهور لمؤهلات المشاركة في صنع القرار السياسي وفقدانه القدرة والاستعداد لتلقي وهضم ثقافة إدارة شؤون الدولة والسلطة وان العقل الجمعي لم يرتقي لهذا المستوى بعد.
لم يكتفي (الحاكم) بالمزايا التي يتمتع بها مقارنة ب(المحكوم) بل عمد الى مهاجمة قواعد الارتكاز لدى المحكوم باحداث خلل في النسيج الاجتماعي للمجتمع(المحكوم) ,واخلال العدالة الاجتماعية داخل المجتمع من خلال افشاء عدم المساواة في الحقوق ,وفرص العمل ,او قد يصل الى حرمان الكثير من الناس من استحقاقها من ثروات البلد, فيما نرى استيلاد طبقة من الفتية الجدد من رجال البزنس المقربين من الطرف الاول وهو بذلك عمل على تقسيم المجتمع الى طبقات , لذلك فان عملية التحجيم لدور الحاكم والتمكين لدور المحكوم هي مسؤولية تقع على الجميع
فلابد من اعادة توزيع الادوار وتفعيل دور المجتمع المدني من خلال منظماته وتكويناته ,وتفعيل دور القطاع الخاص لينهض بدوره بدلا من القطاع العام الحكومي المتصف بالمراوحه والسبات والتخمه ,وترشيق مسؤليات الدولة بمفهومها كحاكم لاحداث توازن بدلا من القوة والفعالية المفرطة لاحدى جهتي المعادلة على حساب الاخرى وبالتوازن يصبح الاستقرار ممكنا بكل اشكاله السياسيه والاجتماعية والاقتصادية .
[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب