في التصريح الذي ادلى به حسين الشهرستاني وقال فيه بانه –سيتم- اطلاق سراح بعض المعتقلين –الابرياء- ,تناولت وسائل الاعلام ذلك التصريح ضمن وجهات نظر مختفة, الاولى توجهت الى التركيز على ان المالكي يحاول استرضاء جماهير المحافظات السنية الغاضبة من خلال خداعها باطلاق سراح بعض –الابرياء- الذين تم اعتقالهم مؤخرا,خصوصا وان عدد من اعتقلهم المالكي بعد انطلاق المظاهرات بلغ اكثر من ثلاثة اضعاف العدد الذي –بشر- الشهرستاني العراقيين بانه سيطلق سراحهم.(عدد من قال الشهرستاني انه سيطلق سراحهم هو ثلاثمئة شخص بينما اعتقل المالكي خلال هذا الشهر اكثر من الف شخص!).
اما وجهة النظر التحليلية الاخرى فركزت على ان اطلاق سراح هؤلاء –الابرياء- هو تغير حقيقي في موقف المالكي من مطالب المظاهرات السنية,وان هذا التغير جاء بعد ان التقى وفدا منه بالمراجع الشيعية في النجف رغم ان تلك المراجع كانت قد اكدت سابقا بانها لن تلتقي باي وفد يمثل المالكي!.
وجهة نظر حكومة المالكي ركزت على ان اطلاق سراح هؤلاء-الابرياء- هي مكرمة من قبل المالكي !.
وامام وجهات النظر المختلفة هذه,نسي الكثير ان اطلاق سراح –الابرياء- لا يمكن ان يكون مكرمة ,بل ولا يمكن ان يكون حتى شرطا من شروط المتظاهرين ,بل هو واجب على المالكي يجب ان يحاسب عليه لا ان يرحب به.فان كان الشهرستاني قد اعترف بان (( إطلاق سراح 335 معتقلاً بينهم أربع نساء استجابة لمطالب المتظاهرين، مؤكداً أن المطلق سراحهم تمت تبرئتهم من قبل القضاء العراقي.)) فهذا اعتراف واضح وصريح بان هؤلاء المعتقلون –وبينهم نساء- هم ابرياء,وان القضاء قد اثبت برائتهم ,وباعتراف الشهرستاني.
وامام هذا الاعتراف الخطير والصريح كان على المتظاهرين ان يطالبوا بمحاسبة المالكي اولا لانه هو المسؤول الاول والاخير عن انتهاك حرية وكرامة الانسان العراقي والتي كفلها الدستور واقسم المالكي على صيانتها وضمانها.
وثانيا محاسبة الجهات القضائية وعلى راسها مجلس القضاء الاعلى الذي رضي بان يحتجز هؤلاء العراقيين كل هذه المدة رغم ان نفس القضاء اثبت برائتهم ولم يطلق سراحهم.
وثالثا محاسبة الجهات التنفييذية من جيش وشرطة وقضاة التحقيق الذين قاموا باعتقال هؤلاء الابرياء استجابة لوشاية مخبر سري دون تمحيص او تدقيق في صحة تلك الوشايات.
وامام هذا الاعتراف الخطير من الشهرستاني فان المطلوب من المتظاهرين ليس اطلاق سراح الابرياء,فذلك واجب قانوني وشرعي واخلاقي يتحمله المالكي ويتحمله كل من وصف المعتقلين بانهم ارهابيين او وصف المعتقلات بانهن –بغايا- ثم اثبت القضاء انهم ابرياء.وانما واجب المتظاهرين اليوم هو المطالبة بمحاكمة كل من اشار او قرر او امر باعتقال هؤلاء الابرياء وعرضم لذل الاعتقال وعرض اهلهم للمساومة والابتزاز .
مسؤولية المطالبة بمحاكمة المالكي ومن معه بشان هذه القضية يقع بالدرجة الاساس على ثلاث جهات:
الاولى- جمعيات حقوق الانسان الدولية والامم المتحدة التي اخذت على عاتقها حماية حقوق الانسان وكرمته ومحاسبة من يعرضهما للخطر او التضييق(لحد الان فان الامم المتحدة ومن خلال مندوبها السامي في العراق تقف الى جانب المالكي وتشجعه على تلك الانتهاكات وهذا يقتضي طرد مندوبها –كوبلر- من العراق فورا لاخلاله بسمعة الامم المتحدة وانحيازه).
ثانيا-المدعي العام في القضاء العراقي.حيث يوجد في كل دولة مدعي عام وظيفته الدفاع عن الشعب ضد الانتهاكات التي تقترف بحقه سواء من قبل الحكومة او سواء من قبل افراد ومؤسسات.ولذلك فكان يجب على المدعي العام باعتباره الجهة القضائية المدافعة عن حقوق الشعب العراقي ان تبادر هي وترفع دعوى قضائية ضد المالكي وحكومته تتهمه بخرق القانون والدستور وانتهاك حياة وحرية وعرض العراقيين دون تمحيص او تدقيق(مثلما كان للمدعي العام دور ولو متاخر في اثبات تعرض المعتقلات الى الاغتصاب على يد حكومة المالكي,كذلك يجب عليه واحتراما لسمعة القضاء العراقي ان يتخذ دورا متميزا في تفعيل مثل هذه القضايا ضد انتهاكات المالكي لحرية العراقيين واستهتاره بكرامتهم).
ثالثا-الاشخاص الذين تعرضوا للاعتقال,فمن الواجب ان يقوم الاشخاص الذين تعرضوا للاعتقال على يد المالكي ثم برئهم القضاء لعدم وجود دليل ادانة,يجب ان يرفعوا دعاوى قضائية في محاكم عراقية وعربية ودولية ضد حكومة المالكي لتعويضهم عما لحق بهم من ضرر معنوي وجسدي ومادي اولا,وكرد اعتبار لشخصياتهم التي انتهكت من قبل المالكي وعصاباته.
ان عدم تفعيل هذه الجهات الثلاث لقضية انتهاك حريتهم وكرامتهم من قبل المالكي وسكوتهم عن المطالبة بحقوقهم ثم يدفع المالكي للتمادي في انتهاك حرية الانسان وكرامته,خصوصا ونحن نرى كيف تقف امريكا والغرب عموما معه وعدم توجيههم اي انتقاد لممارساته التعسفية هذه رغم كل ادعاءات الغرب بانه يحارب مثل هذا الاستبداد. بل لقد وصل الامر بان تقوم وسائل الاعلام الغربية وعلى راسها البي بي سي والحرة الامريكية بتعزيز موقف المالكي في انتهاك حقوق الانسان,فبالامس كانت البي بي سي تذيع خبر الافراج عن هؤلاء –الابرياء- وكان المالكي قد قدم مكرمة وهبة عظيمة لهؤلاء الابرياء,وتغافلت البي بي سي عن ان هؤلاء المطلق سراحهم هم اناس ابرياء كان من الواجب ان يحاكم المالكي على اعتقالهم لا ان يشكر على اخراجهم!.
لقد اطلق المالكي سراح علي موسى دقدوق واطلق سراح قيس الخزعلي والعشرات من اتباعه,واطلق سراح عناصر جيش المهدي وكل عناصر الميليشيات الشيعية,واغلق ملف حاكم الزاملي,واغفل ملف مقتدى الصدر وقضية اغتيال الخوئي.كل هذه الملفات الكبيرة تحكم بها المالكي دون ان يكون للقضاء العراقي اي راي او حتى مشورة,وبالتالي فان كان على المالكي ان يمنح اهل السنة مكرمة فعليه ان يطلق سراح عناصر موازية لعناصر الميليشيات التي اطلق سراحهم,عليه ان يطلق عناصر عربية مثلما اطلق سراح دقدوق والايرانيين,وان يطلق سراح عناص من اهل السنة ثبت ادانتهم بالقتل او التفجير اسوة باطلاق سراح عناصر الميليشيات التي عاثت باهل السنة ومدنهم خرابا وتقتيلا.لا ان يطلق سراح بضعة عشرات من –الابرياء- ثم يظن ان الناس سوف تصفق له!.
علما ان هؤلاء الابرياء الذين ادعى الشهرستاني اطلاق سراحهم لحد الان لم نعرف ان تم اطلاق سراحهم فعلا ام انها احد الاعيب واكاذيب المالكي التي جعلت العالم لا يصدق به حتى لو اقسم بالعباس والحسين وراس بوش .