23 ديسمبر، 2024 1:12 م

اطفال العراق بين ايادي الرذيلة وخشونة التيارات ..ضاعت براءتهم

اطفال العراق بين ايادي الرذيلة وخشونة التيارات ..ضاعت براءتهم

اينما تولي وجهك وفي أي مكان في العراق في الاسواق او الشوارع او الحارات والدرابين او في شوارع المدن الكبيرة عند تقاطعات الطرق في المقاهي على حافات الانهار عند كراجات السيارات في الاحياء الصناعية قرب محطات الوقود في أي مكان ممكن ان يكون فيه ماء وهواء ترى ازهار تسير على الأرض لا تفوح منها رائحة الورود ازهار شاردة العيون كثيرة الحراك ليس في المكان الذي اراد الله لها ان تكون فيه انهم اطفال العراق فلذات اكباد الاباء والأمهات غادرتهم الطفولة مبكرة وجردتهم من اناملهم الغضة وأحلامهم البريئة التي تنتهي بآخر النهار …
اطفال العراق اللذين ليست كأطفال العالم وفي أي بقعة من بقاع الارض لم يعيشوا الطفولة ومن عاشها منهم طفولته المتواضعة ادخلوا مع تلك البراءة خشونة الكبار وافكار المنحرفين في بلد عاث فيه الكبار وقتلت بتطلعاتها الصغار وأخرجتهم من سنين أعمارهم وعالمهم …
منذ عقود بدأت الهجمة المنظمة على تلك الطفولة وبدأت البرامج المنحرفة تدخل اطفال العراق الى مختبرات القتل والسوء والتجريد من كل ما يمت لتلك الطفولة من مسمى …الطلائع… الفتوة… البندقية… المسدس… الملابس الخاكية …الحروب …الاب الذي يرتدي ملابس العسكر الموت الطائرات برامج المعركة القائد الضرورة الذي يغني له اطفال العراق اناشيد النصر العاب تملئ المحال والأسواق لونها عسكري وخاكي لا توجد لعبة غير موسومة ومختومة بمعمل العنف ..
لم يعرف اطفال العراق معنى للطفولة ولم يعيشوها مثلما عاشها اطفال في مكان اخر فارقهم الاباء مبكرين وذهبوا الى الحدود ليلقوا بأنفسهم باتون الموت ورد المحتل الوهمي ودائما ما يعود ذالك الاب وهو محمول على الالة الحدباء وذالك الابن لا يعرف انه فارق الحنان لم يبكي لأنه لا يعرف للرحيل معنى ولا يعي ما سيجري عليه في الغد وجد نفسه بأحضان ام عافها الزوج وهي لا تستطيع ان توفر لهم الحنان ولا لقمة العيش …او هرب والده خوفا من بطش القائد ومؤسساته البوليسية ليترك الابناء خلفه تعبث بهم ايدي الرذيلة ويناديهم نداء الضياع او رؤية اب لا يستطيع الحراك ليس له الا عيون تنظر الى خالقها وايدي ترفع بالدعاء (خذ امانتك ) فالأب الذي لا يستطيع ان يرى طفولة ابنه وهي ميتة يتمنى الموت الاب الذي لا يستطيع ان يأتي برغيف الخبز ميت في الصميم ..
عقود مرت وهذا هو الحال للطفل العراقي الذي مات مبكرا بعد ان سرقوا منه الانتماء لطفولته وعالمه البهيج الملون وتركه لعبة بيد الزمان الذي اضحى هو ايضا لعبة بيد العتاة هكذا عاش المواطن العراقي وهو لم يمر بعالم البراءة فأصبح الطفل سلعة كباقي السلع تباع في سوق الرقيق بأبخس الأثمان…
وحتى يومنا هذا الذي حصل التغيير وسقطت اخر معاقل الدكتاتورية ضلت الطفولة العراقية مهملة ولا يوجد من يلتفت لها سواء اكان من الحكومة او المنظمات المعنية بالطفولة او حتى منظمات المجتمع المدني ..وجرت الطفولة جرا الى عالم الحرب والقتل في الوضع الجديد فتعرض الاطفال العراقيين ودون رحمة الى الاختطاف والتهجير والقتل بالسيارات المفخخة لا بل تم مساومة ذويهم بالمال بعد خطفهم من اماكن الدراسة مما حدى بالأهل منع أطفالهم بالذهاب الى المدرسة وملازمة البيوت التي تعج بحكايات القتل والحرب والإرهاب كل ذالك بالتأكيد سيترك أثرا نفسيا خطيرا جدا على نفسية الطفل وبنيته الشفافة التي تحتاج الى التعامل معها بحذر شديد خشية المساس بتلك البنية التي وهبها الله الى بني البشر في مقتبل العمر ..ان الذي يجري اليوم في العراق جعل الطفولة العراقية تبتعد كثيرا عن طفولتها وتعيش مبكرة عالم الكبار المليء بالتعقيدات والأمراض المجتمعية وبالتالي يودي ذالك الى عدم اعداد جيل مؤهل لقيادة مجتمع في المستقبل ونقله الى بر الامان …
ان القسوة التي يعيشها المجتمع العراقي ومنذ عقود من الزمن يقطف ثمارها اليوم العراق في تصرف جيل عاش حرمان الطفولة البريئة جيل يعبث اليوم بمشاعر الناس ويمتهن الاجرام والقتل والرذيلة لأنه تربى في عهد النظام البائد على اسس خاطئة اريد منها اعداد مجتمع حرب وليس مجتمع سلام فنرى شباب اليوم الذين هم اطفال الامس وقد بدت على تصرفاتهم القسوة وعدم الاهتمام بتوسلات الوطن والمجتمع الجريح كونهم قد ورثو ارثا ثقيلا غايته اعدادهم أعداد سيء نحو الانزلاق في الهاوية لذلك نرى معانات الحكومات الجديدة من القضاء على آفة القتل والسلب التي يمتهنها اطفال الامس وملء السجون العراقية من تلك الاعدادات السيئة التي كانت تسمى جيل المستقبل ( نضمن الشباب لنكسب المستقبل)وهذا هو المستقبل الذي اعدت له بطريقة الملبس الخاكي والبندقية والبلطة وآلة القتل الذي يتباهى بها الشباب اليوم ..
ان انشغال الحكومة بالجوانب الامنية التي بنيت على اساس سيئ لا يعطي لها التبرير بعدم الاهتمام بالطفولة الضائعة اليوم في شوارع المدن والازقة والحارات تناديهم العصابات وأرباب القتل والحرب وبسهولة وبدون معانات كون ان التركيبة النفسية للطفولة غير سوية وغير مبنية طفوليا فنرى الطفل وهو في سنينه الستة او السبعة وهو يتحدث بأحاديث تفوق عمرة بل تفاجأ المستمع او ان ذالك الطفل يتعاطى المخدرات ويسوقها او يعمل في التسول للعصابات او يعمل كدليل للقتل وحتى انه يشترك في زرع العبوات ويحمل سلاح اكثر وزنا من وزنه وأطول من طول قامته .
ان عدم الاهتمام بهذه الشريحة الخطيرة يعني اننا سنرث مستقبل معقد تملئه العقد المريضة ويصعب الشفاء منها لسنيين عديدة..حتى ان الطفل الذي يعيش في كنف الاب والام ويعد اعداد جيد في هذه المرحلة لم يسلم من المعانات المريضة في المجتمع فنرى مثلا ان لعب الاطفال كلها عبارة عن آلات قتل مصغرة مثل البندقية والمسدس والراجمة لا بل ان بعض من هذه الالات لا تقل خطورة عن السلاح الحقيقي وبنفس الحجم تقريبا ويؤدي نفس العمل لتلك الالات الفتاكة ولاتعمل الجهات المختصة على التدخل في منع تداول مثل هذه الاشياء الخطيرة التي تترك على الطفل اثرا نفسيا خطيرا ومع دخولها الى العراق ومعاقبة مستورديها …
ان العوز والفاقه وفقد الاب او الام وترك الطفل للمدرسة وانخراطه في مهن الكبار فأل سيء على المجتمع العراقي الذي يعتبر عدد فئة الاطفال اكبر من باقي الفئاة العمرية وبالتالي يعني هذا ضياع تلك الورود ورحيلها الى عالم غير العالم التي يجب ان تكون فيه وقتل الطاقات الواعدة للبناء ,,ان الاطفال الذين يعيشون في عالم صحي طفولي ويتدربون على ايدي مهنيين واختصاصيين يعدونهم نحو بر الامان هو الذي يجب ان يعيش فيه الطفل ولابد ان يكون فيه والدولة مطالبة باحتضان الطفل العراقي وسن له قوانين صارمة للحفاظ عليه وبناء اساس سليم له والعمل ضد تعريضهم للضياع كما هو حال الدول المتقدمة ونشر ثقافة الطفل وإعداد العائلة نحو هذا المسار وعدم التفريط بمراحل الطفولة وضياعها والضرب بيد من حديد حتى لو كان المخطئ والمسيء هي العائلة وتعريضهم للمسائلة القانونية في حال الاساءة للطفل كما هو حال العالم اليوم الذي يخرج الطفل وهو نابغة وتبدو عليه علامات التفوق في سنينه الاولى وتهيئته للمستقبل سوف يجنب المجتمع شرور التحول الذي لعل الاطفال السيئين يعكسوها على مسيرة المجتمع الصالحة.
[email protected]