سيكون مدخلنا ومقدمة انطلقنا لهذا الموضوع مختصرة قدر الإمكان , على الرغم من أن مثل تلك المواضيع يحتاج إلى كشف أسرارها وخفاياها وغموضها لبحوث ودراسات أكاديمية معمقة , ولكن , مع هذا سوف نبدأ ومن خلال المقولة المأثورة التي ما يزال يتردد صداها على مر التاريخ البغدادي المعاصر “أتمنى أن تكون دبي مثل بغداد وان نصل في بلادنا إلى جمال بغداد والبصرة وتقدمها العمراني ” الراحل الشيخ زايد وكانت الدعوة الأولى لزيارة العراق وجّهها الرئيس الراحل عبد الرحمن عارف إلى حاكم أبوظبي في حينها، ثمّ تجّددت الدعوة من قبل الرئيس الراحل أحمد حسن البكر، فوصل الشيخ زايد إلى بغداد في 25 حزيران عام 1969 حيث أُذهل الشيخ بجمال بغداد الساحر، حيث تألقت العاصمة بنظافتها المبهرة وتناغم تخطيطها الحضري الرائع. كانت المدن العراقية آنذاك لوحة فنية، مزينة بمبانٍ راقية غير تقليدية، صيغت ببراعة على يد معماريين مبدعين يحملون رؤية فنية استثنائية. هؤلاء المعماريون، الذين شُكّلوا بتدريب عملي تحت إشراف خبراء مهرة، قدموا إرثًا معماريًا متميزًا، عكس إبداعًا وتفردًا، جعل العراق يتألق كجوهرة حضارية في المنطقة. لكن، انظروا إلى السخرية المرة! بعد عام 2003، تحوّل خطاب القادة السياسيين العراقيين، الذين استولوا على السلطة بأصابع البنفسج، إلى نقد لاذع ومهين لمدينة دبي، واصفين إياها بـ”زرق ورق”، مدينة زائفة لا تملك عمق بغداد التاريخي. يا للعجب! هؤلاء القادة، الذين دمّروا بغداد بنهب المال العام وإهمال البنية التحتية، يجرؤون على السخرية من دبي، التي تحولت من صحراء قاحلة عام 1971 إلى 2025 لبنية تحتية جبارة تنافس عواصم الدول الغربية المتقدمة بل وتتفوق عليها ومركز عالمي بفضل التخطيط والإرادة، وبينما قادة ما بعد عام 2003 تركوا العراق يغرق في الفوضى والفساد، فأي رؤية حضارية يتحدثون عنها وهم يحتقرون الإنجاز ويعيشون على أنقاض الماضي العريق؟
في خضم الضجيج الإعلامي الذي يروج لما يسمى “رؤية العراق 2050 – نحو التنمية والمستقبل”، يقف المواطن العراقي حائرًا، يتساءل: عن أي مستقبل نتحدث؟ وأي رؤية استراتيجية تُبشّر بها حكومة لا تزال عاجزة عن إغلاق حساباتها الختامية منذ عام 2003؟ إنها دعوة للتأمل النقدي في خطة يُروَّج لها كمشروع جبار لتحويل العراق إلى واحة مزدهرة، بينما يغرق البلد في مستنقع الفساد المالي والإداري ، وتنهار بنيته التحتية، ويواجه شبح الجفاف الكامل لنهري دجلة والفرات بحلول 2050. فهل هذه الرؤية سوى دعاية انتخابية مبكرة لتجميل صورة حكومة رئيس الوزراء”السوداني”، أم أنها فعلاً خطة طموحة لمستقبل أجيالنا؟ دعونا نغوص بصورة أعمق في كشف الحقائق المرة للشعب :-
(*) أين البنية التحتية والاقتصاد المتنوع؟:
تتحدث “رؤية 2050” عن تنمية شاملة ومستدامة، لكن أين نحن اليوم؟ العراق، الذي يمتلك ثروات نفطية هائلة، لا يزال يعتمد بشكل شبه كامل على تصدير النفط الخام، بينما الصناعات الثقيلة والتحويلية غائبة تمامًا. الزراعة، التي كانت يومًا ركيزة اقتصادية، أصبحت حكاية من الماضي، حيث يستورد العراق حتى أبسط المواد الغذائية. الكهرباء؟ وما أدراك ما الكهرباء ؟ انقطاعات مستمرة تترك المواطنين في ظلام دامس، بينما المياه، عصب الحياة، تتلاشى مع تهديد جفاف دجلة والفرات. الخدمات الاجتماعية؟ مستشفيات متهالكة، مدارس مزدحمة، ونسبة فقر تتجاوز الثلث بحسب إحصاءات رسمية. فكيف يمكن لخطة خمسينية أن تتحدث عن “مستقبل مشرق” بينما الأساسيات الحياة الاجتماعية والاقتصادية مفقودة بصورة شبه كاملة ؟عن أي تنمية نتحدث؟ العراق، بلد النفط، يستورد حتى البصل والطماطم! الصناعات الثقيلة والتحويلية التي كانت يتمتع بها العراق ورائدا في مجالها على مستوى منطقة الشرق الأوسط في بدايات سبعينات وثمانيات القرن الماضي ؟ أصبحت مجرد أساطير وحكايات من الماضي الصناعي السعيد ومنتجات ” شركة الصناعات الإلكترونية ” تحكى في جلسات المقاهي الشعبية وجلسات السمر . الزراعة؟ ماتت تحت وطأة الجفاف وسوء إدارة المياه. الكهرباء؟ انقطاعات يومية تُذل المواطن. المياه؟ دجلة والفرات يواجهان شبح الجفاف الكامل بحلول 2050. الخدمات الاجتماعية؟ مستشفيات متهالكة، مدارس مكتظة، وثلث الشعب تحت خط الفقر, كأن الدولة تعيش في فراغ مالي. فكيف تُبنى رؤية خمسينية على أنقاض دولة بلا أي أساس صناعي واقتصادية لها ؟
(**) اللجنة الوطنية العليا: محفل السرية والغموض :
إذا كانت “رؤية 2050″ جادة، فلماذا تُحاط اللجنة الوطنية العليا للاستراتيجيات بالغموض؟ لا موقع إلكتروني رسمي، لا قائمة واضحة بأسماء الأعضاء، ولا سير ذاتية تكشف عن كفاءاتهم الأكاديمية أو خبراتهم الميدانية. بل الأدهى، تتردد أنباء عن وجود أعضاء يحملون شهادات مزورة، بعضها من جامعات وهمية مثل الجامعات اللبنانية ” الحديثة للإدارة والعلوم، وجامعة الجنان، والجامعة الإسلامية”، التي تورطت قبل سنة في فضيحة منح 27 ألف شهادة مزورة لطلاب عاديين ومسؤولين نافذين، بما في ذلك وزراء ونواب وقضاة. هل هؤلاء هم من سيرسمون مستقبل العراق؟ أشخاص قد يكون بعضهم خريجي معاهد إدارية تحولت شهاداتهم بقدرة قادر إلى بكالوريوس وماجستير ودكتوراه في الاقتصاد أو العلوم السياسية؟ كيف يمكن أن نثق بلجنة يُشكك في نزاهة أعضائها وكفاءتهم؟ هذه اللجنة الوطنية، التي تتولى هذه الرؤية، ليست سوى شبح بلا وجه , هل هؤلاء هم مهندسو مستقبل العراق؟ هذا ليس غموضًا، بل فضيحة مدوية! وبدورنا ومن خلال مختلف المواقع الرسمية للحكومة العراقية على منصات التواصل الاجتماعية طالبنا بنشر السيرة الذاتية المفصلة مع صورهم الشخصية ؟ ولكن لا حياة لمن تنادي ؟ فلماذا كل هذا الخوف والتردد من نشر سيرة ذاتية!!؟.
(*) دعاية انتخابية مسبقة أم خطة تنموية ؟:
يثير الترويج المكثف لـ”رؤية 2050″ شكوكًا متزايدا في الوسط الشعبي العراقي ومن خلال أسلوب تعليقاتهم على مختلف منصات التواصل الاجتماعي حول نواياه الحقيقية. في بلد يعاني من غياب الموازنات الرسمية الشفافة منذ عقود، وفي ظل اقتصاد أحادي يعتمد على النفط، تبدو هذه الرؤية وكأنها شعار انتخابي لتعزيز صورة الحكومة الحالية. أي دولة جادة في وضع خطة خمسية أو خمسينية تحتاج إلى هيئة استشارية أكاديمية ذات سمعة عالمية، تضم خبراء بمؤهلات مثبتة وخبرات متراكمة في المشاريع الاستراتيجية. لكن في العراق، يبدو أن السرية والتعتيم هما السائدان، مما يجعل الرؤية أقرب إلى حلم طوباوي يُباع للجمهور كدعاية سياسية انتخابية مسبقة الدفع والتمويل من موارد الدولة ، بينما الفساد ينخر مشروعات التنمية، وأحفادنا والأجيال القادمة هم من سيدفعون ثمن هذا الإهمال وتردي الخدمات والانعدام التام للبنية التحتية .
(*) مستقبل تحت التراب؟:
الأمر المؤلم أن معظم القادة السياسيين الحاليين والذين يروجون لهذه الرؤية لن يكونوا موجودين عام 2050 ليشهدوا نتائجها. إنهم يبيعون الأوهام لشعب متعب ومثقل بالهموم ومصاب معظمه بمختلف الأمراض النفسية والعصبية نتيجة سوء تقديم الخدمات الحكومية ، بينما الأجيال القادمة سيكتوي بنار الفساد وسوء التخطيط. عن أي رؤية نتحدث بينما العراق يفتقر إلى أبسط مقومات التنمية المستدامة؟ لا كهرباء، لا ماء، لا بنية تحتية، لا اقتصاد متنوع. إنها دعوة الاستنكار والشجب لخطة تبدو كواجهة براقة تخفي خلفها فراغًا مخيفًا. أن “رؤية العراق 2050” قد تكون فكرة طموحة وبناءة ورائدة ولكنها موجودة فقط على الورق، وبدون شفافية، كفاءة، ونزاهة في التنفيذ والتخطيط ، ستبقى مجرد شعار فارغ من محتواها الحقيقي . إن بناء مستقبل العراق يتطلب أكثر من مجرد وعود رنانة؛ يتطلب إصلاحات حقيقية، بنية تحتية متينة، واقتصادًا متنوعًا. وإلا، فإننا نترك أحفادنا لمواجهة جفاف الأنهار، وانهيار الاقتصاد، وفساد المؤسسات الحكومية . فلنطالب بالحقيقة، ونرفض أن نُخدَع بحلمٍ لن يراه أصحابه، بينما يدفع ثمنه من سيأتي بعدنا !؟ نستنكر هذا التلاعب بمصير العراق، ونشجب هذا الاستهتار بأحلام شعب منهك وجاع ومريض ليس له أي مستقبل من مقومات الحياة والثروة النفطية أصبح يستأثر بها الطبقة السياسية الحاكمة مع عوائلهم . فليكن واضحًا: من يبني رؤية على شهادات مزورة وفساد مالي وأداري مستشرٍ، لا يبني مستقبلًا، بل يحفر قبرًا للأجيال القادمة .
(ـ) وإذا اردنا أن ننطلق في رحلة من عالم الخيال إلى العراق عام 2050، وبناءً على “رؤية العراق 2050 – نحو التنمية والمستقبل” التي يروج لها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني. ولكن، بدلاً من الانجراف وراء الشعارات البراقة، سنرسم صورة نقدية واقعية، مستندين فيها إلى التحديات الحالية التي نعيشها كمراقبين عن كثب ولحظة بلحظة ، وغياب الشفافية والنزاهة في الرؤية، ومع تاريخ العراق المثقل بالفساد المالي والإداري وسوء التخطيط!
الان وكشاهدآ ومشهود لنصل إلى بغداد، عاصمة “العراق الجديد/ 2050 ” الموعودة. في الرؤية الرسمية، ونحن نراها بعين المستقبل وننطلق من الماضي الذي عشناها بعد عام 2003 وحاضرنا اليوم : كان يُفترض أن تكون بغداد مركزًا للابتكار التقني والعلمي والريادة الحضارية المتقدمة ، كما وُصفت بـ”عاصمة الريادة”. لكن الواقع يصفعنا على وجوهنا ويوقظنا من الحلم إلى واقع مرير : شوارع مكتظة بالسيارات القديمة المتهالكة والتي تنفث منها أدخنة وغازات سامة ، بنايات ومبانٍ متهالكة، وأحياء عشوائية تنتشر فيها النفايات والقوارض والأمراض تمتد أكثر من أي وقت مضى تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة العصرية حتى أفقر الدول المجاورة . البنية التحتية، التي كان يُفترض أن تُطوَّر، لا تزال تعاني من إهمال منذ عقود طويلة . الكهرباء؟ لا تزال تنقطع لساعات طويلة، رغم وعود باستخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين إدارة الطاقة والتحول الرقمي . والاهم والمهم المياه عصب الحياة ؟ نهرا دجلة والفرات، اللذان كانا رمز للحضارات التي تعاقبت على العراق منذ فجر التاريخ الإنساني ، أصبح مجرد ذكرى، جفت مياهها بسبب سوء إدارة الموارد المائية وتغير المناخ ، تاركين العراق على حافة كارثة بيئية .وما يزال المواطن في 2050 يعيش في ظل اقتصاد ريعي هش، لا يزال يعتمد على النفط بنسبة شبه كاملة، رغم الوعود بتنويع الاقتصاد. الصناعات الثقيلة والتحويلية، التي كان يُفترض أن تُحيي الاقتصاد، غائبة تمامًا. الزراعة؟ أراضٍ قاحلة ومزارعون هجروا أراضيهم بسبب الجفاف واستيراد المنتجات الزراعية. السياحة؟ من كان يأمل أن تكون بغداد وجهة سياحية عالمية يصطدم بغياب البنية التحتية السياحية وسوء الأمن ونقص في الخدمات!؟.
(*) اللجنة الوطنية العليا إستراتيجيات أصبحت مجرد أشباح المستقبل وفي قلب هذه الرؤية، تقف هذه اللجنة محنطة في متاحف الموت ، التي كان يُفترض أن تكون مهندسة هذا المستقبل. لكن في 2050، نكتشف أن هذه اللجنة كانت مجرد واجهة. لا سجلات رسمية، لا تقارير شفافة، ولا أثر للخبراء الأكاديميين ذوي الكفاءة. بدلاً من ذلك، تورط أعضاؤها في فضائح شهادات مزورة، حيث كشفت تحقيقات أن بعضهم حصل على شهادات وهمية . كيف يمكن لبلد أن يبني مستقبلًا على أكتاف أشخاص يفتقرون إلى النزاهة والكفاءة والشفافية ؟ هذه اللجنة، التي وُصفت كـ”سرية وغامضة ” في وفي مشاريع طقوسها السرية عام 2025، ظلت كذلك، تاركة الشعب في حيرة: من يقودنا؟ وإلى أين؟
(*) تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والوعدٌ الخاوٍ الذي كان يُفترض أن يكون ركيزة أساسية في “رؤية 2050″، مع توقعات بأن يصل سوق الذكاء الاصطناعي في العراق إلى 1.58 مليار دولار بحلول 2029. لكن في 2050، نجد أن هذه الرؤية لم تتجاوز حدود الشعارات. مركز الذكاء الاصطناعي المكاني في بغداد، الذي أطلقته EON Reality، تحول إلى مشروع مهجور بسبب نقص التمويل وسوء الإدارة والفساد المالي والإداري . المناهج التعليمية التي كان يُفترض أن تدمج بالذكاء الاصطناعي ظلت عالقة في مرحلة التخطيط وفي أدراج المكاتب وعلى الرفوف يغلفها غبار زمن الوعود الزائفة الحكومية ، بينما القطاع الخاص، الذي كان يُعوَّل عليه لقيادة الابتكار نحو المستقبل ، عانى هو الآخر من سرطان من الفساد والبيروقراطية. النتيجة؟ العراق بعيد كل البعد عن أن يكون “مركزًا للابتكار العالمي”، كما زُعم وروج في حينها لنا عام 2025 !؟.
(*) المجتمع والبيئة أصبح على حد سواء يعاني من , فقرٌ وتفكك وكارثة إنسانية حقيقية في 2050، ويعاني المجتمع العراقي من تفاقم الفقر، حيث تجاوزت نسبته 50%، كما حذر خبراء في عام 2025. فرص العمل، التي وعدت بها الرؤية، لم تتحقق بسبب غياب الاستثمارات الحقيقية والشفافية . الشباب المتعلم الجامعي ، الذين كانوا يمثلون 60% من السكان، أصبحوا وقودًا للهجرة الخارجية، هربًا من البطالة واليأس وشبح الموت البطيء الذي تحولوا إلى أدمان مختلف العقاقير الطبية والمؤثرات العقلية بل والتي اصبح منهم من يصنعها في المنزل لغرض الاستهلاك والمتاجرة بها . الحكم الرشيد، الذي كان ركيزة الرؤية، تحول إلى أسطورة، مع استمرار الفساد وسيطرة المحاصصة السياسية والحزبية والعائلية . النزوح الداخلي والخارجي تفاقم، حيث لم توفر الرؤية حلولًا حقيقية استباقية واستشراقية مستدامة لهذه الأزمة . البيئة، التي كان يُفترض أن تكون ركيزة للتنمية المستدامة، أصبحت أكبر ضحايا هذه الرؤية. جفاف الأنهار، التصحر، والعواصف الترابية أصبحت واقعًا يوميًا. مشاريع إحياء الأهوار، التي وُعد بها، فشلت بسبب نقص التمويل وسوء التخطيط. التلوث البيئي تفاقم معدلات عالية جدا ، والعراق أصبح واحدًا من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ، دون أي تقدم يُذكر في حماية التنوع البيولوجي.
(*) أن حقيقية الواقع وراء الشعارات في عام 2025 ، ستكتشف وأحفادنا والاجيال القادمة أن “رؤية العراق 2050” لم تكن سوى دعاية سياسية لتعزيز شعبية رئيس الوزراء السوداني في انتخابات البرلمانية عام 2025. الشعب العراقي، الذي كان يُفترض أن يكون محور الرؤية، أصبح ضحية تخطيط فاشل وفساد مستشرٍ. القادة الذين روجوا لهذه الرؤية لم يعودوا موجودين، تاركين وراءهم أجيالًا تكتوي بنار المرض , الفقر، الجفاف، وانهيار الخدمات , معدلات بطالة مرتفعة , ومجتمع يتجه في حل مشاكله بيده وليس من خلال المؤسسات القضائية . العراق، الذي كان يُفترض أن يكون “في طليعة الابتكار”، أصبح نموذجًا للفشل الاستراتيجي، حيث تحولت الشعارات إلى أحلام مكسورة و لم تكن في حقيقة الأمر سوى دعاية انتخابية سياسية لتعزيز شعبية الحكومة في عام 2025.
(*) سوف يصطدم المجتمع العراقي بهجرة القادة الحزبيين والسياسيين وعوائلهم واحفاد احفادهم بعدما ستحل كارثة العراق حينما تجف مياه دجلة والفرات، وتتحول أراضي العراق الخصبة إلى صحارى قاحلة تكسوها كثبان خيبات الأمل، سيكون القادة السياسيون العراقيون، الذين نهبوا البلاد بعد 2003، قد فرّوا إلى أحضان “الغرب الكافر”. هؤلاء ، الذين استولوا على السلطة باسم “الديمقراطية” وشعارات دولة الامام علي (ع) ، سيتربعون في قصورهم الفارهة بأوروبا وأمريكا وجزر البحر الكاريبي الخلابة والتي استوطن فيها بعض النواب والوزراء بشراء جزر كاملة لغرض هذا اليوم الموعود وشاهدآ ومشهود ، ينعمون بمليارات الدولارات التي سرقوها من خزينة الدولة. أموال الشعب، التي نهبت عبر مشاريع وهمية وصفقات فساد تحت شعارات “إعادة الإعمار”، تحولت إلى مزارع خضراء واستثمارات مليارية في لندن وباريس ودبي وجزر الكاريبي والبهاما ، بينما الشعب العراقي يُترك لمصير مظلم، يتخبط في مستنقع الجوع، الفقر، والأمراض.! هؤلاء الذين روّجوا لـ”رؤية العراق 2050” كمنارة للتقدم العلمي والتكنولوجي، كانوا يبنون قصورهم الخاصة على أنقاض أحلام شعب منهك وجائع . بينما يعاني العراقيون من أوبئة وأمراض سرطانية تنتشر في اجساد اطفالهم كالنار في الهشيم، وأمراض نفسية وعصبية تفتك ليس بجيل فقد الأمل وانما أجيال قادمة في أي فرصة للحياة وادمن على أنواع المخدرات وعقاقير المؤثرات العقلية والعنف ، سيكون هؤلاء المسؤولون وعوائلهم يحتسون الشمبانيا في منتجعات الريفييرا، ضاحكين على شعب خدعوه بشعارات مظلومية آل البيت ودولة الإمام علي والحسين والديمقراطية. الأراضي الزراعية، التي كانت يومًا سلة غذاء المنطقة، أصبحت مدافن للأحلام المغدورة، بينما العراق يغرق في العواصف الترابية والتصحر، نتيجة إهمال حكام باعوا الوطن واشتروا لأنفسهم جنات ونعيم الغرب الكافر . هذه ليست رؤية، بل خيانة عظمى، جريمة تاريخية ستظل وصمة عار تلاحق هؤلاء الأفاقين السفلة ، تاركين شعبًا يصارع الموت بينما هم يرقصون على جثث آماله!
أن رؤية العراق 2050 – نحو التنمية والمستقبل”، شعارٌ يتغنى به المسؤولون، يعد بتنمية مستدامة، تحول رقمي، وبنية تحتية متطورة للذكاء الاصطناعي. لكن دعونا نصرخ بالحقيقة: أي رؤية هذه التي تهمل رأس المال البشري، عماد أي نهضة حقيقية؟ بينما يُروَّج أحلام طوباوية، يواجه 74% من خريجي الجامعات العراقية سنويًا شبح البطالة، تائهين في سوق عمل مشلول، حيث القطاع الحكومي مكتظ والخاص شبه معدوم. عن أي تنمية نتحدث بينما الشباب، الذين يُفترض أن يكونوا صانعي المستقبل، يُتركون لليأس؟ الرؤية الحقيقية لا تُبنى على مولات استهلاكية واستثمارات أجنبية فارغة، بل على تعليم قوي، صناعات حقيقية، زراعة مستدامة، وابتكار يقود الاقتصاد. لكن بدلاً من ذلك، يُصر الحكام على ثقافة الاستهلاك، تاركين العراق رهينة الفساد والفشل، بينما أحفادنا سيدفعون ثمن هذا السراب الكارثي!إن بناء جيل متعلم، مؤهل، ومبدع يتطلب استثمارًا حقيقيًا في التعليم والصناعة والزراعة، لا مولات استهلاكية تُشيد بأموال أجنبية لتُغرق العراق في ثقافة استهلاكية مدمرة! الرؤية الحقيقية لا تُبنى على واجهات براقة ومشاريع وهمية تُغذي جيوب الفاسدين، بل على تعليم قوي، تكنولوجيا رائدة، صحة متطورة، وصناعات وطنية تخلق فرصًا حقيقية. لكن بدلاً من ذلك، يُصر الحكام على دفن العراق في مستنقع الفساد، متجاهلين كارثة الجفاف الذي يهدد دجلة والفرات، ومتناسين شعبًا يعاني من انقطاع الكهرباء والماء. هذه ليست رؤية، بل جريمة بحق الأجيال القادمة، تُرتكب باسم التنمية، بينما أحفادنا يكتوون بنار هذا السراب الكارثي الذي يُخطط له اليوم أشباح الفساد والمحاصصة! أن هذه الرحلة إلى 2050 تكشف الحقيقة المرة: رؤية بدون شفافية، كفاءة، أو إرادة حقيقية للإصلاح هي مجرد سراب. العراق، وثرواته البشرية والطبيعية الهائلة، كان يستحق أفضل من هذا. لكن بدون محاسبة الفاسدين، وإصلاح البنية التحتية، وتنويع الاقتصاد، وإدارة الموارد المائية، فإن المستقبل لن يكون سوى استمرار للمعاناة. فلنعد إلى 2025، ونطالب بتغيير حقيقي قبل أن يصبح هذا الكابوس واقعًا.