18 ديسمبر، 2024 8:00 م

اضطراب الذاكرة الذي يجعلك ترى الأوهام كحقائق

اضطراب الذاكرة الذي يجعلك ترى الأوهام كحقائق

كثيرا ما نقف على عبارات مقتبسة من الكتب بشكل خاطئ أو نلحظ تذكر أحداث لم تقع على أنها حقيقية ووقعت بالفعل. يعود ذلك بالأساس إلى أخطاء تقع في الذاكرة الإنسانية لتوهمنا بأشياء غير حقيقية، ومن أشهر أخطاء الذاكرة التي نوقشت بشكل كبير نجد “تأثير مانديلا”.
ويقصد بتأثير مانديلا أن يتذكر شخص ما أو مجموعة من الأشخاص ذكريات غير حقيقية.
لكن ما سبب اختيار تسمية “تأثير مانديلا” لهذا الأمر؟ أطلقت فيونا بروم تسمية “تأثير مانديلا” بعد أن اكتشفت أنها ليست الوحيدة التي كانت تحمل ذكريات يقينية أن “نيلسون مانديلا” مات في السجن في ثمانينيات القرن الماضي. وفي حقيقة الأمر أمضى مانديلا 27 سنة في السجن، وأفرج عنه ليتولى في فترة لاحقة منصب رئيس دولة جنوب أفريقيا في الفترة بين 1994 و1999 وتوفي لاحقا سنة 2003.
وعلى الرغم من هذه الحقائق فإن فيونا كانت على يقين تام بأنها تابعت التغطيات الإعلامية التي صاحبت موت مانديلا في الثمانينيات، بل صرحت أنها تتذكر خطابا ألقته أرملته يوم وفاته. ليس ذلك فحسب، بل إن فيونا صادفت أشخاصا عديدين شاركوها هذه الذكريات نفسها بل كانوا على يقين من أن الأمر قد حدث بالفعل.
سيكون من المقبول جدا أن نعدّ وقوع خطأ الذاكرة هذا أمرا عاديا لو تعلق الأمر بحالة فيونا فحسب، لكن تعدد الأشخاص الذين يتقاسمون الذكرى نفسها أضاف بعض الغموض إلى هذه الحالة.
في حقيقة الأمر، لا تعمل الذاكرة مثل الكاميرا التي تصور جميع اللقطات وتحفظها كما هي على امتداد سنوات طويلة، بل إن الأحداث تقع وتحفظ في الذاكرة، وقد تطرأ تغييرات على تلك الذكريات بفعل الزمن لنحصل في النهاية على ذكريات تضم أحداثا وقعت بالفعل لكننا نتذكرها بشكل غير صحيح أو منقوص أو فيه زيادة، وفي حالات أخرى قد نتذكر أحداثا لم تقع على الإطلاق.
هناك العديد من الأسباب التي قد تسهم في حدوث هذه الظاهرة، منها ما هو متعلق بحالات المرض النفسي والعقلي التي تصيب الدماغ مثل الخرف. وهناك أسباب أخرى مثل “الإيحاء”. وحسب مقال منشور في موقع “أخبار الصحة اليوم” الأميركي، معنون بـ”تأثير مانديلا: كيف يحدث، أسبابه، والمزيد” (منشور بتاريخ 28 يوليو/تموز 2020):
إن الإيحاء من الناحية السيكولوجية يجعل أحدهم يقرأ أو يسمع كلمة “عُشب” -مثلا- فتتبادر إلى ذهنه مباشرة وبسرعة كلمة “شجرة” فتصبح لديه الذكرى الأولى مرتبطة بالثانية على الرغم من انفصالهما في الواقع.
ما الحل إذن؟
مع الأسف لا توجد طريقة فعالة للتأكد من حقيقة وقوع ما نتذكر، لكن هناك ما يساعد على هذه العملية، مثل التحقق من أرشيف الصحف والمجلات التي تناولت الحدث، وأيضا مناقشة الحدث نفسه مع مجموعة من الأشخاص الذين عاصروه من أجل تفنيد الأمر أو تأكيده.