23 ديسمبر، 2024 10:52 ص

اصواتنا هديتنا للناس والوطن …

اصواتنا هديتنا للناس والوطن …

اشرت في مقالة سابقة , على ان الزمن البعثي , ذاك الذي تعامل مع ادمية الأنسان العراقي , على انها لا تساوي الرصاصالت التي تستقر في جسده , وان حثالات العملية السياسية ذات السلوك البعثي , والتي استورثت ثقافاته واساليبه وممارساته , ستلحق به عاجلاً ام اجلاً , انها حكمة الحراك المجتمعي وجاذبية مزابل التاريخ المكتضة بمثل تلك النماذج الرثة , وان الأنتخابات القادمة , ستشكل حلقة مصيرية في مواجهات الوعي الجمعي مع قوى الأنحطاط والتخلف بماضيها وحاضرها , مواجهات تستحق الصبر والثبات ووضوح الرؤى , انها بذات الوقت مسؤوليات وطنية انسانية يجب احترامها وتقديسها طريقاً للتحرر والديمقراطية .
القوى والشخصيات , سياسية كانت ام ثقافية , تلك التي اتقنت ثقافة التشكيك وفبركة الأكاذيب والأشاعات والقدرة على انتاج وصفات التسقيط والتشويه والتضليل , لا توجد في جعبتها غير الأسوأ مما تتهم به الآخر ثم تختفي في اكياس قذاراتها , انها وفي افضل حالاتها , لا تنضح سوى الروائح الكريهة لفضلات ادلجتها وعقائدها واجترار المتبقي من علف تحالفاتها ومساوماتها نهجاً ملتوياً كذيل الكلب , ترخيصاً للذات في بزارات الأرتزاق , لتحصد في النهاية سواد الوجه وفائض الأنتكاسة .
مقاطعة الأنتخابات , سلوك غير حميد , لا يقدم عليه الا الشاك في دوره المرتبك من داخله المستسلم لأنهياراته الذاتية المهيء ليكون توابل اضافية لعصيدة الفساد الشامل ” وحشر مع الناس عيد ” على حساب النقاء الروحي , ومهما كانت مبرراته وتخريجاته , فهو يعاني حالة انكسار معنوي وخراب شخصي جعله معلقاً خارج حتمية الحراك والمتغيرات داخل المجتمع , مغيباً لا يرى ابعد من اضفر قدمه , انها حالة تراجع وحشرجة انحدارات موسفة , يجب وبالضرورة الأبتعاد عنها نموذجاً .
المشاركة النشيطة الواعية في الأنتخابات القادمة والتي بعدها تشكل ظاهرة ايجابية ( وطنية بأمتياز ) , انها فعل ودور واعادة انتاج وعي وتجربة من داخل الذات والمجتمع , المشارك في الأنتخابات القادمة , والتي بعدها … وبعدها , مواطن يحترم قناعاته ومواقفه وانتماءه الى اجيال وطنية سبقته وتركت بصماتها خالدة على ديمومة المشروع الوطني العراقي , قد يخسر الكثير من حقوقه المشروعة , لكنه سيكسب جوهره مواطن عراقي يستحق الأنتماء لوطنه وحاضر ومستقبل اهله , ويحضى بالرضا عن نفسه ويترك ارثاً تاريخياً مشرفاً يفتخر به مقربيه ومحبيه ’ انه سيرى كعب حذائه فوق جباه ديدان الفساد والأنحطاط , وصدى موقفه وصوته سيتجاوز تهريج المقاطعين وهامشية ادوارهم .
ليس امامنا هنا , الا ان نقدم الشكر والتقدير والمحبة للذين يتجاوزون اسباب اليأس ودواعي الأحباط وخيبات الأمل , ونراهم عراقيون يحترمون ويحبون وطنهم واهلهم , مزدحمون عند ابواب صناديق الأقتراع ليمنحوا ثقتهم واصواتهم للوطن والحق والنزاهة والكفاءة وصدق الأنتماء التي سيتميز بها الكثيرون من الوطنيين المخلصين ” وان خليت قلبت ” , ومهما اتخذت رياح النتائج منحاً معاكساً لطموحاتهم , لكنهم يبقون مؤمنون بعدالة وسلامة مواقفهم حتى يتجاوز الرأي العام سن اليأس , فنهاية الطريق ستفضي لا محال الى مستقبل شعبهم وسلامة وطنهم ويتواصلوا يقضة وعي من داخل المجتمع حتى تلتقي الوطنية والقضية والمشروع مستقبلاً زاهراً في احضان العراق الجديد , انه طريق الحق والحقوق ويجب ان يؤمن به ويواصله الجميع , لا ان ندعوا الوطن الى ان يتراجع الى مواقع الكسل والأنهزامية ــ ومن سار وصل ـــ .
لقد تفسخت كيانات العملية السياسية  وتعفنت تحت ثقل السحت الحرام واخذت ديدان الفطائس تتنقل من ( لشـة ) الى اخرى , وبلا حياء تحاول ان تخلع اسمال فضائحها الشخصية والفئوية لتتركها في توابيت الكيانات التي كانت جزء منها, لتدخل توابيت كيانات اخرى لا تقل عفونة عن سابقاتها , ثم يتنابز الجميع بأحط اتهامات التسقيط , تماماً ككيانات المبغى , عندما يختلفن و ( يتكافشن ) حول مشتركات التوافه اليومية , يتبادلن ذات التهم لذات الفضائح التي يشتركن فيها , المواطن العراقي ــ جل اسمه ـــ التي اشتركت جميع فطائس فساد العملية السياسية في ايذاءه وخيانة امانته وثقته ومجمل قضاياه , فهو الخاسر الوحيد , دولة وسلطة وثروات وامن , لهذا سنراه في الأنتخابات القادمة ’ مشاركاً بحمية فائقة وشعور عال في مسؤوليته تجاه شعبه ووطنه , ليسحب البساط من تحت كيانات الفساد والتخلف والأنحطاط , حتى لا تتواصل كارثة الوطن ومصائب الناس موتاً يومياً وحزناً اسوداً ومأتماً لا نهاية له .
واحدة من سلبيات مقاطعة الأنتخابات التي يجب الأشارة اليها , ان المتضرر منها هم فقط الكتل الصغيرة والشخصيات المستقلة , حيث ان الكتل الكبيرة , ولكونها تمتلك السلطة والجاه والثروات والأعلام , فلديها ما يكفيها من المتملقين والمرتشين وبائعي الذمم من رؤساء العشائر ( وحبربشيتها ) الى جانب المليشيات العلنية والسرية والأجهزة الأمنية والعسكرية , بمثل ذلك الجمهور المتطفل على الفائض من الثروات التي تحت تصرف الكتل الكبيرة , او ما يدخل البزار الأنخابي من مليارات الدولارات المهربة من دول الجوار الأقليمي , في هذه الحالة , تستطيع الكيانات والتحافات الكبيرة ضمان الفوز حتى ولو تجاوزت نسبة المقاطعة لأكثر من 50%, ويصبح الخاسر الوحيد من عبثية المقاطعة هي الكتل الصغيرة والشخصيات الوطنية المستقلة التي لا تملك حتى المتواضع من مصروفات الأعلانات والدعايات الأنتخابية , ناهيك عن افتقارها لمقومات الحملة الأعلامية , هنا تكتسب المشاركة الفاعلة للناخبين ابعاد وطنية وضرورات تاريخية ملحة , بعكسه , فالمقاطعة ستعبر عن سلبية غبية بليغة الأضرار , وهدية مجانية لأطراف الفساد , انه تصرف معكوساً  كــ ” بول البعير ” , سلبي لا يستحق الأحترام , ومثلمة  مدعاة للسخرية والأزدراء .