عراقيا ,ثمة فكرة مفادها بأن استبدال الأشخاص في العملية السياسة في البلاد هو الحل النهائي , وان التجربة السياسية التي طال أمدها إلى أكثر من عقد ونصف لم تأت إلى الآن إلا بمشاكل اكبر من سابقاتها . الحقيقة إن الأشخاص كلهم , فاسدهم ومصلحهم لا يمكنه تغيير الحال المتهالك وعلى جميع الصعد , وان تحميل السياسيين الحاليين مسؤولية التردي الواقع هو نظرة جزئية لا يمكن بها اجتياز العقبات , لان الخلل الحقيقي هو في الجهاز السياسي أو المنظومة التي تعمل تحتها الحكومة بكل سلطاتها , ولم تنتج سوى نفس الحلول لنفس المشاكل , وبصيغة إعادة التدوير, بالرغم من الضياعات المستمرة في المواصفات لكل الحلول , مع فقدان عامل الوقت الذي يخسر فيه البلاد والمجتمع على حد سواء فرص النهوض .العملية السياسية رغم الدعم الدولي والمحلي لها , لم يلمس أي احد نتاجها على ارض الواقع , لا لتقصير العاملين فيها وكما أسلفنا : صالحهم و طالحهم . لكن الخلل موجود في برمجتها المستخرجة لمعادلات سياسية غير مجدية , وتتكرر أخطاؤها كل مرة , دون أن يتم الأخذ بأسبابها . ما تحتاجه البلاد الآن هو جهاز سياسي جديد , ليس مهنته إبعاد وجوه والإتيان بأخرى , أو الحكم بالخلود لكتل دون أخرى , إنما مهمته هي التغيير الشامل للقوانين , وإلغاء امتيازات الخلود , وحجب المحاصصات القائمة على مفاهيم الملة والمنطقة والعرق . الجهاز السياسي الجديد بإمكانه أن يتدخل بقانون الانتخابات ويغير مبدأ القائمة الذي خلق الطبقية في تسلسلها . كما ويلغي الرؤوس المتعددة للحكومة , وتفهم كل سلطة دورها الحقيقي المؤسسي , وليس الجهة التابعة لها , أو المسيطرة عليها . ما تحتاجه البلاد لا لتغيير سياسي , إنما لإصلاحات بمعناها الحقيقي , وليس المعنى المستهلك الدارج المدوخ للرأس , وتنتج معادلات جديدة ومجدية للبلد عموما , وللمواطن خصوصا , دون أن يساوره التخوف من تقلبات الأوضاع السياسية المؤثرة على صعد الاقتصاد والاجتماع والأمن والخدمة . الجهاز السياسي هذا ليس بمعضلة , ولا هو مستحيل , ولكن يحتاج إلى عقلية تتقبل التغيير , ومتيقنة بأن العمل السياسي ليس مهنة تجارية أو حصانة دبلوماسية , بل هو مسؤولية أخلاقية بالدرجة الأساس, لها تبعاتها, والى ابعد المديات . اصنعوا جهازا جديدا .