18 ديسمبر، 2024 10:40 م

اصمت يا مقتدى ولا تثرثر

اصمت يا مقتدى ولا تثرثر

“اسمع ياهذا والله وبالله وتالله لن نعتذر من الفاسدين، ولن نتبرأ من اخواننا ثوار تشرين لو ملأت جثثنا ارض الرافدين، فاصمت يا مقتدى ولا تثرثر.”. هذه هي تغريدة ثوار الناصرية، عاصمة الثورة العراقية، ردا على تغريدة صبي ايران المدعو مقتدى الصدر، التي اتهم فيها ثوار تشرين بالتعدي على هيبة الدولة والقوات الامنية في كربلاء، ومطالبتهم بالتبرأ من هذه الاعتداءات، والا كما قال، سيضطر الى التدخل بطريقته الخاصة. واضاف، لعل الثوار لا يستطيعون التظاهر مستقبلا اذا لم يتبراوا. في اشارة واضحة الى التظاهرات التي ستنطلق في الخامس والعشرين من هذاالشهر. ولم يكتف مقتدى بذلك، فقد غرد مرة ثانية مطالبا العشائر بتاديب الثوار. لكن امير قبيلة العبودة حسين الخيون رد على هذا الصبي بالقول : “الى السيد مقتدى الصدرلا نحمل الثوار تبعات ما حدث على الرغم من المساوئ التي تحصل، ولكن نحمل القيادات السياسية وقادة الاحزاب التي لم تستوعب الاحداث”. اما عشائر ثورة العشرين، فقد اعلن احدهم على المللأ بالصوت والصورة بانهم قرروا الاجتماع في مضيف الشيخ جفات جياد حفيد المجاهد شعلان ابو الجون ابرز قادة ثورة العشرين وهتفوا بصوت عال “دمرت البلد يا مقتدى الصدر”.
ان يستعرض هذا المتغطرس عضلاته ويتحدث باسم، ما يسمى بالدولة العراقية، وبلغة وقحة متى شاء، حاله حال المليشيات المسلحة الاخرى، فهذا امر يخصه، او يمكن فهمه. اذ لا توجد دولة في العراق، وانما توجد ميليشيات مسلحة وعصابات منفلتة وحرامية وقتلة. لكن ان يهدد ثوار تشرين ويستخف بثورتهم ويتعهد بمعاقبتهم، فهذه وقاحة وقلة ادب. والمصيبة ان هذا المتعجرف قد وقع تغريدته الاولى باسم “ناصر الدين والمذهب والمواطن” وفي تغريدته الثانية “بالمواطن”، ونسي انه ناصر الفساد والفاسدين والمدافع الامين عن عملية المحتل السياسية، التي صممها بول بريمر الحاكم المدني للعراق المحتل.
لقد اثبت ناصر الفساد والفاسدين بتغريدته الاولى والثانية، بانه يقود الطرف الثالث الذي قتل الثوار، واكد بالمقابل اصراره على تكرار جريمته في المستقبل. خاصة وقد صرح قبل ايام بان جيش المهدي جاهز للعودة، بمجرد اشعال عود شخاطة على حد تعبيره، وينتظر الاشارة منه. وهذا ليس غريبا على ناصر عملية الاحتلال السياسية. فهو قد تكفل منذ بداية الانتفاضات بانهائها، اذا عجزت الحكومة عن فعل ذلك. ولا زلنا نذكر جيدا فعلته المشينة، بالالتفاف على الثوار الذين اقتحموا المنطقة الخضراء واجبروا نوابها واعضاء حكومتها على الفرار كالجرذان المسعورة. حيث دخل مقتدى الصدر المنطقة الخضراء ونصب

خيمته قرب بوابتها،وسط ترحيب ضباط الحماية، واجبر الثوار على الانسحاب منها، بعد ان سقطت الحكومة بايديهم.
وحين قامت ثورة تشرين العظيمة، وبعد فشله بركوبها وحرف مسيرتها،وامام صمود الثوار بوجه القوة العسكرية لحكومة عادل عبد المهدي حينها، على الرغم من سقوط مئات الشهداء والوف الجرحى، استدعاه الولي الفقيه الايراني على خامنئي، هو وبقية المليشيات المسلحة، وكلفه على ان يقوم بمهمة قتل الثوار وانهاء الثورة، مقابل مبايعته قائدا لجميع المليشيات المسلحة. وفعلا نفذ المهمة بعد عودته من طهران بكل خسة ودناءة. فعلى مدى ثلاثة ايام متواصلة هاجمت كلابه ساحات التحرير في بغداد والنجف والمثنى والقادسية والسماوة والديوانية، بالرصاص الحي والمسدسات والقامات والمناشير، باشراف عدد من المجرمين والساقطين اخلاقيا من اتباعه، حملة اسماء قذرة مثل “جريدي والوسخ والاعور والواوي”. لكن الثوار صمدوا الى ان اجبروه على ان يجر اذيال الخيبة والفشل.
نعم لن يرفع هؤلاء الاشرار الراية البيضاء بسهولة، بل وجدوا في قرار الثوار باخلاء ساحات التحرير لمنع انتشار وباء فيروس كورونا، وبقاء اعداد قليلة فيها، فرصة ذهبية لتنظيم خطة جديدة ذات صفحات عسكرية وسياسية واعلامية، هدفها قتل روح الثورة واطفاء جذوتها وقلع جذورها التي ترسخت في عقول العراقيين، ومن ثم اجبارهم على التخلي عن اهدافهم المعلنة، والقبول بما يجود به هؤلاء الاشرار. ويبدو، وهنا بيت القصيد ومربط الفرس، ان مقتدى قد جند تياره وعصاباته المسلحة، لتنفيذ هذه المهمة الوسخة، نيابة عن باقي الاجهزة القمعية وقوات مكافحة الشغب وبقية المليشيات المسلحة، في محاولة منه لاستعادة مكانته، التي تزعزت داخل العملية السياسية، وامام سيده الولي الفقيه علي خامنئي. وفعلا بدا هو وتياره وعصاباته المنظمة، شن حملة اعلامية للنيل من الثورة وتوجيه التهم بالغة الاساءة لابنائها الاشاوس بوصفهم بابناء السفارات والمرتزقة والعملاء، والترويج لاكاذيب تحدثت عن دعم الدول الاجنبية لهذه الثورة، واشراف خبراء امريكان وصهاينة على مسيرتها، وعن تزويد الثوار باسلحة مختلفة لاستخدامها في اليوم الموعود، وغيرها من هذه الاتهامات الباطلة، التي يعف اللسان عن ذكر بعضها. فلا عجب ان يستغل احداث كربلاء الدامية ويحمل الثوار مسؤوليتها، ويتهمهم بالاعتداء على هيبة الدولة والقوات الامنية. وهو يعلم علم اليقين بان كلابه وكلاب السلطة هم من ارتكبوا هذه الجريمة البشعة.
لا نجادل في ان الثورة تتعرض لامتحان صعب. فقوة السلاح تحصد ابناءها دون رحمة، والتحايل عليها بالوسائل السياسية تجري على قدم وساق والتامر ضدها لم يتوقف ووسائل الخداع والتضليل مستمرة، لكن بالمقابل تجذرت الثورة في الوعي

الجمعي العراقي وصارت خيارا واقعيا وموضوعيا للتغيير وقلع مخلفات الاحتلال، من عملية سياسية عفنة ووجوه كالحة وفساد سيذكر التاريخ عنه، انه الابشع والاشنع بشريا. ومع تراكمات مسيرة الثورة اكتسبت قياداتها خبرات واسعة ورؤية ثاقبة، مقرونة باصرار راسخ ومبدئي على رفض الهزيمة او حتى التراجع. وبالتالي اصبحت اكثر استعدادا من اي وقت مضى، لافشال اي فعل عسكري ضدها او فعل سياسي ينطوي على الخداع والتضليل. ناهيك عن ان عموم العراقيين قد ادركوا بان لا طريق للخلاص سوى الثورة، الامر الذي سيؤدي حتما الى دخولهم في رحابها افواجا، ويدفع جميع النخب الوطنية والكفاءات واصحاب الخبرات لان تتقدم الصفوف، والاخذ بيد الثورة والمساهمة في توضيح اهدافها المشروعة، والدفاع عنها واحباط كل محاولة للنيل منها او تشويهها.
على هذا الاساس لا اجازف اذا قلت، بان الموجة الثالثة من الثورة اتية لا ريب فيها، وبقوة اشد وزخم اكبر ومشاركة اوسع قد تتعدى الملايين، بمجرد زوال خطر وباء كورونا. وما التظاهرات التي جرت في الذكرى السنوية الاولى لانطلاقة الثورة، او التظاهرة التي ستنطلق يوم الخامس والعشرين من هذا الشهر، سوى تمارين تسبق اليوم الموعود، وليس كما يروج المغرضون والحاقدون والمرتزقة بان التظاهرة هدفها اقتحام المنطقة الخضراء. خاصة وان أطراف عملية الاحتلال السياسية توفر، مع مرور الايام، المبررات الكافية جدا لانتشار الافكار الثورية، بسبب سقوطها السياسي والاخلاقي المدوي، واصرارها على مواصلة العبث بشؤون البلاد والعباد، وعدم الكف عن ارتكاب الجرائم والسرقات. بعبارة اخرى اكثر وضوحا، ان يوم الزحف الكبير على المنطقة الخضراء قادم، وسيكون يوم المعركة الوطنية الكبرى، يوما ليس كبقية ايام الثورة. يوم تتبخر فيه قوة هؤلاء الاشرار، وتباع اسلحتهم بالشوارع واسواق الخضار،كما باع جيش المهدي سلاحه. تمهيدا لهروبهم الى طهران على وجه التحديد. اما العميل المزدوج مصطفى الكاظمي وحكومته، التي تقف متفرجة على جرائم هؤلاء الاشرار، فانهم سيقعون حتما في قبضة الثوار وسيحاكمون امام العدالة وينالوا جزاءهم العادل، وستلاحقهم لعنة التاريخ وعار الخيانة الى يوم الدين.
اقول لصبي ايران، طاح حظك حين صدقت الكذبة بانك الزعيم الاوحد في العراق، وانك صانع الملوك ولا يطير طير في سماء العراق الا بامرك، ولا يبقى محتل اذا قررت اخراجه، ولا يبقى فاسد اذا خرجت ضده. الم تتعظ بهزيمة عصاباتك وجيشك وقبعاتك الزرقاء المدججين بالسلاح من الراس حتى اخمص القدمين امام الثائر العراقي الاعزل؟. انظر جموع الناس تنتظم للالتحاق في صفوف الثورة، منادية باعلها صوتها وفي جميع ساحات التحرير كافة تخاطبك بصوتها الهادر”ذيل لوكي انعل ابو ايران لابو امريكا”. انظر الى الثورة وهي تقترب من الانتصار واستعادة الوطن المنهوب منك، ومن امريكا المجرمة، ومن خامنئي ومن كل الفاسدين. هذه الثورة المعمدة بدم ابنائها الطاهر، لن تتنازل عن قطرة دم واحدة سالت بسببكم. سلموا انفسكم للثوار عسى ان يخففوا من وطاة العقاب الذي ينتظركم، لان الشعب العراقي لن يغفر لكم حتى لو تعلقتم باستار الكعبة. فشعار العراقيين وانت تذكره، “وين يروح المطلوبلنا”. وانتم جميعا مطلوبون للشعب ولثواره الاشاوس.
هذا ليس وهما، فمهما اختلفت قوة المحتل الامريكي ووصيفه الايراني عن باقي المحتلين في بلدان اخرى، ومهما حصل هذا المحتل على دعم الخونة، ومجموعات الساقطين اجتماعيا واخلاقيا. فان طبيعة الشعب العراقي الرافض دائما وابدا للظلم والطغيان لن تتزعزع. لانه يرفض الخضوع لحكم السفلة والانذال، ولا يتهاون في طرد العدو. كما لم تقل شجاعة هذا الشعب العملاق وجبروته يوما، ولا يهتز ايمانه الذي اودعه الله في صدره. واليوم يا صبي ايران تجسدت كل هذه المفردات بشباب ثورة تشرين العظيمة، واكتملت كل عناصر انتصار الثورة. وهي كثيرة جدا جدا.