قالت العرب: فاقد الشيء لا يعطية، وحكومتنا وفعاليتها السياسية تنشد الإصلاح وهي لا تملكه، وأن تفعل ذلك ليس حبا فيه، بل خوفاً على فقدان مكتسباتهم التي جَنوها عبر السنوات الماضية، التي تربعوا فيها على خيرات البلد وتقاسموها بينهم، لا فرق فجميعهم عندي تجار مال وكذب وخداع وسرقة، وحين قرر الشعب أن يطوف في شوارع بغداد والمحافظات، أتخذ العبادي قرارات اصلاحية على الرغم من كونها عرجاء وقف معه عندها الجميع، حتى المرجعية التي يُعرف عنها الإعتدال في المواقف، أعلنت مراراً، وتكراراً انها تدعم حكومة اصلاح عراقية يرأسها العبادي نفسه، آملة في بناء وطن وتوفير حياة كريمة للشعب العراقي المظلوم، فضلاً عن الشعب الذي وقف بقوة معه في ايام اصلاحاته الأولية، وحتى البرلمان ايضا اعطى التفويض خشية من الناس، وليس رغبة في الإصلاح، لانه بات وكراً لبعض العوائل التي ثبت فسادها وجشعها في سرقة اموال الشعب العراقي. وبعد اشتداد الأزمة ودخول السيد مقتدى الصدر بتاريخ عائلته الكبير وحشده مئات الالاف من العراقيين في ظرف (24) ساعة فقط، معلنا عن دعمه لشخص العبادي في تشكيل حكومة تنوقراط، إلا أن الرسائل التي صدرت من مكتب رئيس الوزراء كانت استعدائية بإمتياز مما حدى بالصدر إلى الوقوف على ابواب الخضراء معلنا انه سيدخلها عنوة مع الناس، إذا لم يتم الاصلاح في غضون ( 45) يوماً في تهديدِ خطيرِ، وغير مسبوق من رجل عُرف عنه عدم التردد والمضي في مشروعه الذي يحضى بتأييد قطاعات واسعة من الشعب، فأنه سيقود ثورة الإصلاح بنفسه إذا لم يتم الإصلاح. جاء العبادي إلى اجتماع كربلاء من غير أية رؤية واضحة للإصلاح، والأكثر أن مكتبه أعلن بأن الاجتماع افضى إلى نتائج مهمة نحو تشكيل حكومة تنكوقراط، في حين أعلن الصدر انه لم يكن جزء من اي اتفاق، بل لم يكن هناك اتفاق، وان العبادي لا يملك ورقة اصلاح اصلاً، وحضر الإجتماع ليطلق من كربلاء مجموعة من المسكنات لن تُسهم في تحقيق المصالحة مع الشعب. وطيلة مدة وزراة العبادي لم يحدث ان طرد الفاسدين، فمكتبه مازال يعج بهم، ووزاراته مازات كما هي تحكمها المافيات الكبيرة والعوائل والاحزاب، من دون ان يحرك ساكنا ازاءهم، والانكى من ذلك ان الفاسدين باتوا هم من يملك سلطة القرار في تغيير وتلفيق التهم على من يقف في وجه مشاريعهم الفاسدة، وان لم تصدقوا اسألوا حسن الياسري رئيس هيئة النزاهة وسيفصح لكم عن حجم معاناته مع ديناصورات الفساد التي احتلت الغبراء بحسب الصدر. اقول هذا وانا اول من كتب وناشد ووقف بقلمه مع العبادي، آملاً من شخصه الأكاديمي وتاريخ عائلته الناصع، أن يفعل شيء للشعب العراقي، وينقذهم من حيتان الفساد التي تربعت على عرش ثروة البلد، لكن من اليوم فصاعداً، أعلن أن قلمي قد انحرف عن تأييده، لانه لم يمثل طموحنا ويشفي غليلنا، فلم نسمع عن العبادي، انه قد اودع ديناصوراً، او حوتاً، او ارنباً، أو حتى فأراً من فئران الفساد التي ملئت ارض العراق، وتكاثرت بشكل غير مسبوق قد لا تكفي لإ بادتها مبيدات العالم كله، وثورة الجياع مقبلة وإرادة الشعب هي التي تنتصر كما انتصرت من قبل على الطاغوت.