هل ما يحصل يمكن ان يؤدي حقاً الى الحد الادنى من الاصلاح ؟! سؤال مشروع يطرحه كل مواطن وهو ما زال يعيش واقعا سياسيا واقتصاديا وامنيا واجتماعيا مرا وازمة مالية يتحمل هو تبعاتها في وقت ما زالت الرئاسات الثلاث بمافيها من نواب ووزراء ووكلاء ودرجات خاصة تتمتع بامتازات تشكل عبئاً على الموازنة وكان يمكن في ما لو تم تقليصها ان لم نقل الغائها ان تخفض من النفقات التي اثقلتها امتيازات اهل الحظوة !!
فبعد اشهر من التظاهرات لم نسمع من اي طرف سياسي خارطة طريق واضحة عن امكانية محاسبة الفاسدين واعادة الاموال المنهوبة واجراء تحقيق عادل عن اسباب كل هذا الخراب الذي نعيشه منذ ما بعد 2003وايقاف ممارسات المسؤولين من تحويل مؤسسات الدولة الى اقطاعيات يوظفون فيها من يشاؤون من محاسيبهم ويتركون مئات الالاف من الخريجين عاطلين ينظرون الى شهاداتهم بحسرة في حين انصاف الاميين يوظفون ويوفدون .. من يريد الاصلاح حقاً عليه ان يبدأ اولاً بتصفية مظاهر الفساد من جذورها بخطط شجاعة وصوت ينصف للوطن والمواطن .. وبصراحة فان ما حدث من مسرحيات هزيلة في مجلس النواب في جلسته ليوم الثلاثاء 26-4-2016 والسبت 30 -4 لا ينفصل عما سبقها من فصول مسرحية لركوب موجة الاعتصامات الشعبية ولكن هذه المرة بتوافق علني وسري بين اطراف العملية السياسية لتقاسم ما بقي من كعكة.. فجلسوا تحت قبة مجلس النواب لا نقاذ ما تبقى من عملية سياسية ميته سريريا ليصادقوا على اسماء وزراء ويبقوا على اخرين مختزلين كل مطالبات الشارع الملتاع والمفجوع والمظلوم بما يسمى كابينة وزارية كبداية للاصلاح ليصاحب ذلك صخب من التصريحات بما تحمله من فنون الخداع عزمهم على اكمال مشروع الاصلاح الذي فصلوه على مقاسات مصالحهم وبانهم ماضون بتغيير رؤساء الهيئات المستقلة وو .. لكنهم والى الساعة لم يتجرؤا حتى لفظاً بالاشارة ولو بالتلميح الى شيء ينبيء عن محاربة جدية للفساد السياسي وما تبعه من مفاسد نهشت كل مفاصل مؤسسات الدولة .. لقد كان واضحا ان التظاهرات الشعبية في بغداد والمحافظات العراقية الاخرى التي بدأت شراراتها منذ شباط 2011 وجوبهت بالقمع والاغتيالات ثم عادت في نهاية تموز 2015لم تعد تقبل بغير تغييرجذري يزيح بكل من خان الوطن والمواطن من الفاسدين ممن تعمد اشاعة الطائفية وعدم احترام القانون وفقدان الامن ليمارس عملية سرقة العام واجراء الصفقات المشبوهة وقبض المقسوم امام الانظار من دون حسيب او رقيب .. وقراءة موضوعية للشعارات التي رفعها المتظاهرون ترسخ القناعة باصرار الجماهير على موقفهم الرافض لافرازات الاحتلال الا ميركي وادارته السيئة التي زرعت المحاصصة لتكون منهجا يسير عليه سياسيو الصدفة لانه افضل سبيل لتمرير اطماعهم وشراهتهم..
وبرغم ما جرى ويجري من محاولات تسويف لمطالب الشعب المشروعة ، فان الواقع يشير بان طريق الوعود الزائفة لم يعد يجد نفعا بعد ان تكشفت عورات امراء الطوائف فقد انهار جدار الخوف وسيستمر صوت الشعب عالياً لتحقيق مطالبه المشروعة بانهاء كل مظاهر الفساد وبات مقتنعا ان الارهاب بكل انواعه وغياب القانون وسيطرة عصابات الجريمة المنظمة الطائفية وتغييب قيم المواطنة هو جزء من مخطط جهنمي كبير هدفه ابقاء العراق ضعيفا تتجاذبه مصالح واطماع قوى دوليه واقليميه وبمساعدة داخلية من اطراف معروفة ترفع شعار الوطنية نهارا وتعمل ضده سرا ..
قد يتوهم البعض وربما يصاب باليأس جراء ما حصل في مجلس النواب من اقرار لكابينة وزارية اضافة لما ترشح او ما سيترشح من مستجدات، غيران الواقع يؤكد ان المواطنين وبمختلف انتماءاتهم لم يعد يقبلوا بانصاف الحلول وسئموا معسول الكلام ويمكن القول ان ابرز ما حققته الانتفاضة الشعبية هو هذا الفرز بين اعداء الشعب بكل تلويناتهم وعناوينهم الطائفية وبين القوى والتيارات الوطنية غير الملوثة ..
الصورة ليست كما تبدو قاتمة بل تنبيء بمتغيرات مستقبلية لصالح استعادة العراق استقلاله وعافيته بارادة الشعب من دون ان نغفل ان تحقيق هذا الهدف ليس سهلا لكنه ايضاً ليس بالمستحيل اذا ما توحدت قوى الشعب ونسقت جهودها من اجل اصلاح حقيقي يطيح بحيتان الفساد ورموزه .