18 ديسمبر، 2024 8:41 م

اصلاح المنظومة الاخلاقية المجتمعية دعوة الهية

اصلاح المنظومة الاخلاقية المجتمعية دعوة الهية

ان وظيفة الانسان الاولى على هذه المعمورة هي الخلافة والتي بمنظورها العام تمثل الاصلاح ضد الفساد لان اعتراض الملائكة الاول كما ورد في النص القرآني على خلق آدم كان (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) فقال تعالى ( أني أعلم ما لا تعلمون ) اي ان ظاهرة الافساد وسفك الدماء هي حالة عرضية على الانسان الذي تدعوه فطرته السليمة الى الاصلاح و الخير و الاعمار و الوصول للكمال الانساني…
لذا فان فطرة الانسان مدعومة بالاوامر الالهية تدعو الى الاصلاح متمثلا بالعدالة و الاحسان ..فقال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ﴾ )النحل: 90) ..
كا وضحت الاية انه بخلاف الاصلاح الذي هو سبب حصول البركات وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)الاعراف
فان سبب عذاب الامم وهلاكهم هو الفساد فقال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴾ [هود: 117].
لذا كانت دعوة الانبياء و الرسل عليهم الصلاة والسلام و الصالحين و اهل الايمان و الاديان المختلفة و الفلاسفة على اختلاف مذاهبهم هو الدعوة الى الاصلاح و النظام فهذا نبي الله شعيب عليه السلام يدعو قومه بعد التوحيد إلى أن يوفوا الكيل والميزان؛ وذلك لأن الغش في الكيل والوزن منتشر شائع في قومه، قال تعالى: ﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوفُوا الكَيْلَ والمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُم وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ [46]، وقال تعالى: ﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلاَ تَنقُصُوا المِكْيَالَ وَالمِيزَانَ إِنِّى أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ ﴾ .
و القران افرد سورة كاملة لعذاب المطففين في الميزان فابتدأها بالوعيد لهم بالعذاب ويل للمطففين ..
و لوطاً عليه السلام يدعو قومه للاصلاح وترك الرذائل و الفساد و الاسراف و التعدي في المسائل الجنسية الى غير حالاته الطبيعية وقنواته المشروعة عبر الزواج وغيره ، قال تعالى: ﴿ وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ العَالَمِينَ، إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ ﴾ [44]، وقال تعالى: ﴿ وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكم لَتَأْتُونَ الفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ العَالَمِينَ، أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ المُنكَرَ ﴾ [45]

و الشواهد تطول لربما تفرد لها مقالات مفصلة لكل حالة سلبية او ايجابية .. وايجازاً لا بد من السير على نهج الانبياء و الرسل في اصلاح المجتمع وتغييره لمن اراد التغيير فالتغيير يبدأ من اسفل الهرم لا من اعلاه فالسنة الالهية أقتضت ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم فمن اراد التغيير عليه ان يمارسه بالفعل و القول ليكون زينا على الدين و ليس شينا ….
لذا كانت دعوة المرجعية على لسان معتمدها في 14/2/2020 على وجوب الاهتمام بمنظومة القيم الاخلاقية و ترسيخها في المجتمع وجعلها ثقافة يومية للانطلاق من خلال هذه الثقافة لجعلها مصدر تقييم الشخصية الانسانية و احترامها لخلق جيل يستطيع ادارة بوصلة التغيير في العراق لاصلاح واقع الحال و انهاء حقبة من الفشل و الفساد ففاقد الشيء لا يعطيه و الاناء ينضح بما فيه فلو ملئت نفوس الشباب اليوم بالضمير الوقاد و الاخلاق النيرة لانطلقت تلك الهمة الشبابية بعزم و ارادة و اصرار نحو التغيير للافضل …
فما فائدة التغيير ان لم تكن القيادات الشابة مهيئة نفسيا وروحيا و خلاقيا لتغيير المجتمع نحو الافضل ….