19 ديسمبر، 2024 3:06 ص

تبقى حركة الاصلاح معطلة في اي مجتمع ما لم تتوافر مستلزمات وادوات نجاحها ولعل اول مستلزمات نجاح اي فعالية هو الاقتصاد .. وهذا الاخير في العراق يسير الى حالة لا يمكن وصفها باقل من المجهول .. كما ان صدق النية والعزيمة والصبر والاصرار على تحقيق الاهداف المرسومة في عملية الاصلاح يساعد كثيراً في الوصول الى تلك الاهداف والانتقال الى مراحل جديدة.

الصحافة العراقية ما زالت المرآة التي تعكس حالة الرضا او عدم الرضا اتجاه الاجراءات التي اتخذت بشأن عمليات سميت “اصلاحية” منها تقليص الوزارات او اعادة هيكلة للبعض الاخر واحداث موازنة في المناصب القيادية والتخفيف من الازمات ومحاولة ازالة التشنجات والاحتقان الطائفي والقومي . وهذه في حد ذاتها ليست بالامر الهين وتحقيقها لا ياتي من عدم بل هناك ضرورة لوجود بيئة مناسبة لمثل هذه التحولات وقد سعت حكومة السيد العبادي الى هذا الامر منذ تشكيلها بعد ان كانت المهلة التي قادها السيد المالكي فترة ازمات متتالية .

فهذا حبيب صالح مهدي العبيدي يرى ان تحدي الوجود من عدمه لدولة اسمها العراق ، ربما لا يتفق البعض من السياسيين ، على بقاء العراق موحداً وهذا لا يخفيه الاكراد ، وبعض من يمثلون السنة ، العبيدي يصف التقسيم بانه يبدو خياراً “حلواً” لدى اولئك .. فالعراق بات وحدة شكلية على راي الكاتب سالم مشكور لان الذين يعملون على الدفع باتجاه تنفيذ المشروع بدؤوا يتحدثون عن تفاصيله ، ومنها ان هذه الاقاليم تكون ذات صلاحيات واسعة جداً كتلك التي يمارسها اقليم كردستان فعلياً فيما يتجاوز على ما هو منصوص عليه في الدستور .

لذلك فان مسألة تكريم الشعب المغلوب على امره باتت ضرورية في الوقت الراهن لما مرت عليه من ضربات موجعة ، حسب ما يرى الكاتب قيس النجم اذ يؤكد على ان قاعدة النجاح الحقيقي يكمن في زيادة حلقات التواصل الفاعل المثمر ، فهو يريد من رئيس الوزراء ان يكون كالاسد يزأر بوجه الفاسدين والدواعش ويحمي عرين العراق ، لا ان يلتهم صغاره ، وهذه السخرية موجهة على الاغلب ، كون اكثر الاصلاحات ، امتدت الى جيوب الموظفين تستقطع من رواتبهم ما علق بها من مخصصات وترفيعات وعلاوات سنوية وربما تستقطع نصفها في المستقبل القريب بسبب العجز المتواصل في تمويل الميزانية العامة.

لقد بلغ اليأس بالبعض الى حد التشكيك بقدرة السيد العبادي على اصلاح وضع البلد وذلك بسبب استمرار حالات الفساد وعدم وضع معالجات موضوعية وحازمة للحد منها والقضاء عليها.. فالكاتب كاظم عوفي البدري الذي عجز عن تمشية معاملة له اصوليا في دائرة عقارات الدولة ، واضطر الى دفع رشوة لاحد الموظفين ، يخاطب رئيس الوزراء بقوله : من اي زاوية؟ ووفق اي منهج تعمل ؟ اتريد اصلاح الوضع ، كيف ستصلح والفساد ينخر حتى النخاع في اجهزة الجيش والامن وغيرها ..؟

وقد ذهب البعض الى ابعد من هذا يصف الاصلاحات بانها تسقيط سياسي حسب راي الكاتب احمد الحسيني الذي استخلص على ما يبدو من كل تلك الامور ان السيد العبادي لم يذهب لاصلاح ما افستده الاحزاب المستلمة للسلطة واستغلال دعم الشعب والمرجعية للمصالح الشخصية . ويبقى هذا مجرد راي لا يرقى الى حقيقة او فرضية او بديهية ، الا ان التساؤل الى اين نحن سائرون يبدو مشروعا حين مقارنة ميزانيات السنوات السابقة وميزانية عام 2016 التي ما زالت فاقدة للتمويل الحقيقي بسبب تردي اسعار النفط الى اسوء مستوياتها بحيث انها لا تغطي حتى الجوانب التشغيلية في الموازنة بعد ضياع كل الحسابات وهذا ما يراه الكاتب خالد الخزرجي .

الا ان الكاتب اشرف الدهان يبدو اكثر تفاؤلا عندما ينظر الى الواقع الاقتصادي العراقي ، فهو بجد ان الحالة العراقية ، وعلى الدوام ، البعد الاقتصادي بالأبعاد الاخرى الاجتماعية والسياسية والثقافية ، فالاصلاح الاقتصادي من وجهة نظرة ركن اساسي من مسيرة الاصلاح الشامل وهو يعني دعم القرار السياسي العراقي واستقلاليته ، وهو يجد في الاستثمار المحلي والعربي والاجنبي الحل الامثل في رفد النمو الاقتصادي وتخطي الازمات . الى ذلك يجد الكاتب السيد حسين الصدر ان انخفاض اسعار النفط يشكل تهديداً حقيقياً للاوضاع الاقتصادية في العراق .

من هنا نجد ان الوسائل والآليات السائدة لتنفيذ الاصلاحات غير متوافرة بل هي مفقودة لذلك من الصعب جداً المضي في اعلان اصلاحات جديدة والنتائج المرجوة من الاصلاحات المعلنة لم تظهر بعد في وضع يشوبه كثير من الغموض ويتضاءل التفاؤل شيئا فشيئا حتى يتلاشى…

أحدث المقالات

أحدث المقالات