في عمودين سابقين تناولنا بعض الملاحظات التي وردت في الصحافة العراقية في اعمدة كتبها صحفيون عراقيون حول الاصلاحات الحكومية والاجراءات المتخذة ، وما اثارته من جدل واحتدام الصراع بين مؤيد ومعارض حتى توجت تلك الاصلاحات بتخفيض رواتب الموظفين والغاء بعض المخصصات في خطوة فسرت على انها مساس مباشر بمصالح الجماهير نفسها التي خرجت طلبا للاصلاح .
الكل يتحدث عن الاجراءات الحكومية فيما أُغفلت ورقة الاصلاح البرلمانية التي اعلنها رئيس البرلمان العراقي الدكتور سليم الجبوري ، وعلى عكس التاييد الذي منح لرئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي عند اعلانه الاول للاصلاحات ومصادقه مجلس النواب عليها ، فان المجلس عاد ليقيد رئيس الوزراء ، وأوجب الرجوع اليه في اية عملية اصلاحية واجراءات متعلقة بذلك ..
وهكذا يضع البرلمان العراقي القيود التشريعية في ايدي السلطة التنفيذية للحد من اجراءاتها التي تجاوزت صلاحياتها عندما اعلنت الغاء مناصب نواب رئيسي البرلمان والجمهورية .
المرجعية الدينية اشارت في خطبة يوم الجمعة الموافق 6 تشرين ثاني 2015 الى ان ما قرره البرلمان وصوت عليه بالاجماع خلال الاسبوع الماضي انما كان التفافا على الاصلاحات . وبهذا توجه المرجعية نقدا مباشرا لمجلس النواب العراقي الذي كان غالبا معرقلا لإجراءات الحكومات السابقة والحكومة الحالية بعد اعلان الاصلاحات .
لا شك ان الغاء مناصب نواب الرئيسين من قبل رئيس الوزراء اضافة الى نوابه والذي لقي تأييدا من مجلس النواب بالتصويت على ورقة الاصلاح الاولى اكسب الشرعية لتلك الاجراءات ، والتصويت داخل المجلس كان كافيا لاعطاء الصفة الشرعية لما ورد في الورقة . العبادي الذي اقر مؤخرا بمخالفة الدستور في بعض القرارات شدد من جانب اخر على الاستمرار بهذا الاتجاه معبرا ان ما صدر من مجلس النواب يعد تفويضا له للمضي باصلاحاته.
الا ان اللجنة المالية النيابية اعربت عن خشيتها من عدم تطبيق قرار الغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية والوزراء بشكل قانوني مشيرة الى وجود امور سمتها (خفية) اضاعت الحقائق بشان تطبيق حزمة الاصلاحات . فيما اكدت رئاسة الجمهورية وخبراء مختصون ان الغاء المناصب واتخاذ اجراءات حجب الاموال والمخصصات الشهرية هو حيز التنفيذ .
الشارع العراقي ما زال يضغط باتجاه تطبيق مزيد من الاصلاحات مع تصعيد واضح في اللهجة تبين من خلال ما تناقلته الصحافة العراقية في اعمدت الرأي التي نشرتها وجاء فيها : ان الخطوة الاكثر قبولا عند الشعب هو الانقلاب على الحكومة الحالية وذلك باعلان حالة طوارئ ، ولديكم ما لديكم من الاليات والاسناد الشرعي والمرجعية الدينية حسب ما جاء في عمود بقلم قحطان اليابس نشر في موقع كتابات .
الموقع نفسه نشر (عمودا صحفيا) اخر للكاتب عبد السميع ناصر الذي بدأ هجوما مباشرا على رئيس الوزراء من خلال عنوانه (ارحل..ارحل..الان) مشيرا الى ان رئيس الوزراء بدأ بالتقشف الذي اعتبره غير معقول وغير مسبوق في حين ان الناس تنتظر اصلاحات تأتي على المحاصصة وحالات الفساد التي اثرت بشكل واضح في البنية التحتية للإدارة العراقية .
فقد الغيت الوزارات ودوائر مهمة واحيل على التقاعد واعفي كثير من مناصبهم في حين ان الشعب ما زال ينتظر خطوات اكثر جرأة في عملية الاصلاح .. العملية ما زالت غامضة ومستقبل اجراءات الاصلاح ما زال مبهما ، وبعض المؤسسات التي شملها السيف الاصلاحي ما زالت بدون قائد يدير امورها .. ومازالت المحاصصة فاعلة تعيق تعيين هذا وذاك من العراقيين في مواقع مهمة .
وما زالت الكتل والاحزاب تشعر انها الوحيدة التي لها الحق في امتلاك تلك المناصب وشغلها من قبل العناصر التي تنتمي اليها .. والا فهي لا تصوت بخلاف ذلك ، فمتى يتم اصلاح الكتل والاحزاب يا ترى ..؟؟