23 ديسمبر، 2024 4:32 ص

اصلاحات سياسية فاسدة

اصلاحات سياسية فاسدة

ما يحدث من تغيرات , و تحركات سياسية , يفترض ان اساسها الاصلاح , الذي يطالب به الشعب , و تسعى لتحقيقه الاحزاب الكبيرة , و لا شك في ان الشعب و الاحزاب , كلاهما يعرف ان الاصلاح بمفهومة العام , يعني ان ثمة امور يجب ان تحدث , اهمها زوال معاناة المواطن العراقي اليومية , و كذلك تعرض مصالح الاحزاب و مكاسبها جميعها او بعضا منها للخطر , و هذا الامر يحدده رغبة الشعب و اصراره على الاصلاح , و قدرة الكتل السياسية المتنفذة نفسها على قبول او رفض نتائج الاصلاح , بعيدا عن التلاعب او استغلال المطالب الشعبية.

طبعا لا يمكن تصور ان الشعب يرفض الاستمرار في المطالبة بحقوقه , لكن رفض الاحزاب السياسية , لخسارة مكاسبها و امتيازاتها امرا ممكن و متوقع , و يدفعها الى اتخاذ سلسلة اجراءات بسيطة , تساهم في تخفيف غضب الشعب , و ان كلفها ذلك تغير شخص المسئول , و إلا ما الذي يمكن ان نفهمه من سلسلة الاستقالات او الاقالات غير ذلك ؟ و لو افترضنا انها بداية للإصلاح السياسي , و تنفيذ الاحزاب لوعودها , فما الذي يمنع محاسبة الوزراء او غيرهم عن انجازاتهم او اخفاقاتهم طالما الغاية هي الاصلاح ؟  فمن الظلم , اقالة وزير او قبول استقالته , طالما يؤدي عمله المطلوب دون خلل , او شائبة فساد , و الاهم من ذلك , هو استمرار سياسة المحاصصة في توزيع المناصب , و رفض الاحزاب التخلي عن الوزارة الفلانية , لأنها حصلت عليها بموجب اتفاق سياسي و تغيير مرشحها لا يفقدها صلاحية اختيار غيره , دون ان تضع في حساباتها ان الاصلاح الحقيقي يتطلب التنازل عن المناصب و قبلها شخص المسئول نفسه.

طريقا الاصلاح و الفساد لن يلتقيا , و غير ذلك عبث , و ضياع للوقت و هدر للمال , و من كان سببا في تفشي الفساد في مفاصل الدولة لن يكون مصلحا , في الوقت الذي اصبح فيه مفهوم الفساد نفسه , اصبح امرا طبيعيا للنظام الحاكم , يعترف به قادته علنا , و يكشفون كيف يتم و طرقه و وسائله , و استقالة او اقالة الوزراء و استمرار الحكومة دون وزراء , لا يبتعد كثيرا عن ذلك , فلا معنى من تغيير الوجوه و بقاء ذات السياسة , التي رسخت المحاصصة و المكاسب الحزبية البعيدة عن مطالب الشعب بالإصلاح , الذي تحول الى وسيلة للفساد و حمايته.