اصعب تصليحات العالم في الناصرية

الجسر السريع في الناصرية , كان سريعاً قبل عشر سنوات ولكنه الان بطئ جداً … السبب هو انه في الحرب الاخيرة (غزو- احتلال- تحرير ) العراق, اصيب هذا الجسر بصاروخين او ثلاثة من طائرات التحالف العملاقة… لم تفلح الصواريخ في اسقاط الجسر , وابدى  مقاومة عجيبة…مستمدا مقاومته من روح المقاومة والعناد المتأصلة في روح أهالي الناصرية…
  كل الذي فعلته تلك الصواريخ هو قلع التبليط في ثلاث اماكن انتجت حفراً لا تزيد اكبرها عن المتر المربع …ولم يتأثر التسليح في هذه الحفر الصغيرة .
وفي رواية أخرى اقل أثارة…يقال انه بعض المقاولين او الشركات حاولت اصلاحه في السابق وفشلت ،فتركت هذه الحفر شواهداً على تقصيرها وفشلها وجريمتها …ثم هربوا او اودعوا السجن جزاءاً لما كانوا يفعلون …
على كل … النتيجة : انه مضى على هذا الجسر سنين عديده يعاني من تلك الفتحات الغير مؤمنه والتي سببت على مدى سنين طويلة ازعاج وتأخير وارباك وحوادث سير كثيره , والكل يشكوا ويقول بلهجة اهالي الناصرية (ليمته يصلحون هذا الجسر ؟!… موبزعت ارواحنه)  والجواب يأتي من الحكومة المحلية – انهم سيقومون بأصلاح الجسر حالما يتم الانتهاء من الجسر البديل القريب من هذا الجسر!…
الجسر البديل هذا هو عبارة عن جسر حديدي ضيق جداً لا يسع لأكثر من سيارة واحدة ذهاباً، اما الجسر السريع هذا الذي نتحدث عنه فهو اربعة سايدات ان (صح التعبير )!؟…
الحقيقة ان اصلاح الجسر السريع هذا لا يحتاج الى اكثر من ايام قلائل، بل في الدول الاخرى المتقدمة كثيراً … او قليلاَ .. المسألة لا تحتاج اكثر من ثلاثة ايام حسب تقديري وانا كاتب هذه السطور مهندس مدني عشت خارج العراق لسنين، بل اتساءل : لماذا لايتم ردم هذه الحفر الصغيرة ولو مؤقتاً بالخرسانة كي يجنبوا الناس الحوادث والتأخير والقهر , ويتجنبوا (المسؤولون ) اللعن والشتائم من قبل المواطنين؟…
مضى على حال الجسر في حالته المؤذية تلك سنين، عبرت وتعبر عليه كل يوم آلاف السيارات واللوريات والتريلات والمكائن الثقيلة، والجسر لايزال قائماً مقاوماً منتصباً. في رأيي: سنوات من التحمل لملايين الأطنان هم الحمولات هي أفضل أختبار للصلابة والمقاومة والقوة…والجسر باختصار: مابيه شي… وكل الذي يحتاجه هو أكساءه بطبقة أو طبقتين من الأسفلت، وكان الله يحب المحسنين…
كلما ذهبت الى مدينتي ( الناصرية) لزيارة اهلي واقاربي، واضطر الى عبور هذا الجسر, يقفز الى بالي قصة اصلاح جسر في كاليغاري– كندا , شاهدته في برنامج اصعب تصليحات العالم على قناة ناشيونال جيوغرافيك , وكيف انهم قاموا بأزالة قطعه من الجسر ( حوالي ثلثه) وابدلوها بقطعه اخرى في ظرف اربع ساعات لا اكثر!!… والوقت الذي اختاروه لأبدال القطعة كان بين العاشرة صباحاً والثانية بعد الظهر ( الدوام ينتهي هناك في الخامسة عصراً ) والسبب لأختيارهم تلك الساعات انهم : يريدون ازعاج اقل عدد ممكن من المواطنين خلال الاربع ساعات تلك، حيث ان عدد اللذين يعبرون الجسر خلال النهار هو اقل ما يكون خلال تلك السويعات ؟!…
هنيالهم اهل كندا …
يا ترى ماذا سيكون رد المسؤولين في المحافظة عند سؤالهم عن سبب تلكؤ اصلاح هذا الجسر كل هذا السنين؟ اكيد راح يكون جوابهم كالتالي : آليات الصرف …آليات الأحالة… آليات التنفيذ … آليات العمل … آليات التفكير … آليات الفوضى ..آليات التخلف …
خطية أهل الناصرية…

[email protected]