23 ديسمبر، 2024 5:27 ص

اصعب الخوف من الله تبارك وتعالى

اصعب الخوف من الله تبارك وتعالى

عندما يصاب الانسان بحالة جسدية قد يشفى منها حسب نوع الاصابة وطبيعة بدن الانسان ،.اما الخسارة المعنوية فمن الصعب علاجها بسهولة وقد تفوق التصور لانها تتعلق بفقدان عزيز او مال والخوف من مصيبة والقلق من مستقبل ومشاعر الحزن والحالة النفسية، خوف من النهاية ووجودها هو بعبارة أخرى الخوف من الموت.

الخوفُ في اللّغة هو الفزع، خافه يخافه خوفاً ومَخافةً، ونقولُ خوّفَ الرّجل رجلاً آخر أي بمعنى جعلَ في قلبهِ الخوفَ والفزع، وأيضاً خوّف الرّجل أي بمعنى جعل النّاس يخافون منه. أمّا اصطلاحاً: هو عبارة عن غريزة مُرتبطة بالعقل تظهر في أعراض مُتعدّدة لأسباب مُتعدّدة. كل منا يشعر بالخوف من شئ معين ولكن الفرق بين شخص واخر ان احدهم يقرر مواجهة خوفه ويتغلب عليه.

إنَّ الإحساس بالخوف هو شعورٌ واحدٌ يختلفُ بشدّته وتعريفه من شخص لآخر، فقد يُعبِّر عنه شخصٌ باسمه المُجرّد (أي بالخوف)، وقد يُعبّر عنه آخر بأنّه رعبٌ مثلاً، وهذا يدلّ على أنَّ للخوف حِدةٌ ودرجاتٌ مُختلفةٌ. وقد أدي الخوف من الموت إلي وجود العديد من الطقوس في حياة أجدادنا وانتقل الينا حيث نمارسه . وقد صممت هذه الطقوس للحد من هذا الخوف، وقد ساعدوا في جمع الأفكار الثقافية التي لدينا الآن في الوقت الحاضر، كما ساعدت هذه الطقوس أيضا علي الحفاظ على الأفكار الثقافية، وكانت نتائج وأساليب الوجود الإنساني قد تغيرت في نفس الوقت الذي تغير فيه التكوين الاجتماعي، يمكن للمرء أن يقول أن تشكيل المجتمعات حدث لأن الناس كانوا يعيشون في حالة من الخوف. ونتيجة لهذا الخوف اضطر الناس إلى توحيد صفوفهم لمحاربة المخاطر معا بدلا من محاربتها فرادي.

فتبقى آثار الخوف تنهش بالإنسان الذي عاش كل تلك الظروف والمصائب، الخوف هو شعورٌ قوي ومزعج جداً للنفس البشرية، وهو يدفع الإنسان باتجاه اعتقاد خطر قادم إما حقيقي أو خيالي، والخوف هو أعظم عدو قد يلحق بالإنسان، ولا شك بأن شعور الخوف هو سبب كبير في فشل الإنسان، وخلل علاقاته البشرية الكثيرة، وأيضاً هو سبب لإصابته بالأمراض، والإنسان يخاف من الماضي والحاضر والمستقبل والشيخوخة والموت والجنون، فيبقى خائفاً إذا ترك ماضياً بشعاً يلاحقه، ويخاف أن يعيش الحاضر، فيعتقد الموت دائماً، ويخاف من المستقبل، فيبقى معتقداً أنّه بلا مستقبل، وسيفشل دائماً.كما يمكن أن يتم التلاعب بالخوف سياسيا وثقافيا لإقناع المواطنين بالأفكار التي يمكن أن يرفضوها على نطاق واسع أو ثني المواطنين عن أفكار يمكن أن يدعموها في الظروف العادية، وفي سياقات الكوارث، فإن بعض الدول والحكومات تدير الخوف ليس فقط لتوفير مواطنيها بتفسير حول الأحداث أو إلقاء اللوم على بعض الأقليات، ولكن أيضا لضبط معتقداتهم السابقة. ويتم التلاعب بالخوف عن طريق الوسائل الرمزية مثل أفلام الرعب والأيديولوجيات الإدارية التي تؤدي إلى السيطرة على مشاعر الناس. وبعد وقوع الكارثة، يتم إعادة توجيه الخوف في جو من النشوة على أساس الوطنية. ويعتبر الخوف والشر متشابكان بصورة لا فكاك منها. الخوف مثل السحر فهو يخلق في العقول قصص عن الماضي والمستقبل ويتلون حتى يصدق وغالبا ما تكون القصص مرتبطة بالالم في الماضي والخوف من المستقبل لذلك يجب ان تغير قصص الخوف التي تخبر النفس وايجاد الساحة الآمنة داخل العقل فتملك دائما الخيار لخلق قصص جديدة التي تملأ حياتك بالايجابية . الحياة مليئة بالجمال والمغامرة والفرح والحزن بالتحدي والمآسي. يجب ان تكون حاضرا لمواجهة المواقف واستمتع بحياتك . علينا ان نعلم ان حتى الاشخاص الناجحين الذين تراهم وتعجب بهم هم ايضا لهم مخاوف ولكنهم استطاعوا ان يتخطوها ليحصلوا على ما يريدون ببعض الخطوات التي تساعدد على مواجهة الخوف .ولكن من اصعب انواع الخوف ،الخوف من الله تبارک وتعالى یعنی الخوف من عدالته وحسابه وکتابه وعقابه درع حصین أمام الذنوب والمعاصی وعامل فعال فی مواجهة الظلم والفساد والعصیان ولهذا السبب یعتبر الخوف مفتاحاً من مفاتیح الجنّة کما قال تعالى: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتاَنِ ) . (الرحمن / 46)

ولقد ذکر المفسرون فی تفسیر (مقام ربّه) احتمالین :

الأول : الاحاطة العلمیة للرب تعالى بجمیع أعمال الإنسان ونوایاه .

الثانی : مقامه بین یدی ربّه للحساب (حیث یوجد مقدَّر فی هذه الصورة والتقدیر هو : «مقامه بین یدی ربّه» (1) .

ومهما کان التفسیر فإنّ الخوف من الله هو الوازع من کل معصیة وخطیئة کما ورد ذلک فی حدیث عن الإمام الصادق (علیه السلام) قال : «من علم أنّ الله یراه ویسمع ما یقول من خیر أو من شر فیحجزه ذلک عن القبیح من الأعمال فله جنتان» (2) .

ولقد قیل فی تفسیر (جنتان) آراء عدیدة :

1 ـ المقصود الجنّة (المادیة) و(المعنویة) کما ورد ذلک فی قوله تعالى: (جَنَّاتٌ تَجرِى مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ… وَرِضوانٌ مِّنَ اللهِ ) ، فالاُولى هی البساتین التی تجری من تحتها الأنهار والثانیة رضا المعبود والمحبوب الحقیقی أی الله تعالى .

2 ـ وقیل الجنّة الاُولى للإیمان والثانیة للعمل .

3 ـ وقیل جنّة لفعل الطاعات وجنّة لترک المعاصی .

4 ـ وقیل جنّة جزاء للعمل وجنّة تفضل من الله

اللهم أعطنا ولا تحرمنا, أكرمنا ولا تهنا, آثرنا ولا تؤثر علينا, أرضنا وارض عنا. وصلى الله على سيدنا محمد النبي الصادق الامين وعلى آله وصحبه وسلم.