23 ديسمبر، 2024 5:46 م

اشهار اسلام المراهقات والقاصرات بين القوانين الوضعية والاحكام الشرعية

اشهار اسلام المراهقات والقاصرات بين القوانين الوضعية والاحكام الشرعية

على هامش اختطاف فتاة يزيدية (ايزيدية ) قاصر والتي لاتتجاوز ال12 من عمرها  في10/1/2003 والذي اثار موجة غضب في اوساط المجتمع اليزيدي ( الايزيدي )  لانها ليست المرة الاولى التي تحدث فيها مثل هذه الانتهاكات , انتهاكات ضد حقوق الانسان وفق المواثيق الدولية لان الفتاة صغيرة جدا , وانتهاك ضد المجتمع اليزيدي ( الايزيدي ) الذي طعن اكثر من مرة بهذه الطريقة , فهو مسلسل يتكرر بين الحين والاخر تتشابه فيها الاحداث والسيناريو وتتغير الشخصيات والاماكن , حيث يتم فيها اختطاف بنات قاصرات ومراهقات ليتم تزويجهم واسلمتهم بالاكراه . وما بين التستر الامني والحكومي على مصير الفتاة المخطوفة وبين حيرة اسرتها المفجوعة والمجتمع باكمله تغلق الملفات ويتم التسترعلى الفتاة المخطوفة وخاطفها لعدم وجود شبهة جنائية ( شبهة اختطاف ) وعدم كفاية الادلة , في حين ان الفتاة لا تزال امام القانون قاصر , والغريب في الامر ان يتم تزويج الفتاة القاصر ويشهر اسلامها بسرعة فائقة بغياب الشهود وولي امر الفتاة مما يعني اضفاء الشرعية لحالة الاغتصاب القانوني وفق الاحكام الفقهية الاسلامية .
 فالاصل في القوانين العراقية المدنية والشرعية النافذة هو ان لا يسمح بعقد زواج الفتاة الا ببلوغها سن الرشد 18 سنة , ويجوز تزويج الفتاة القاصر اذا بلغت ال15 سنةامام المحاكم بشرط حضور وموافقة ولي امرها حصرا وفيما عدا ذلك فهو جريمة يعاقب عليها القانون حتى لو كان ذلك برضاها .
الا ان الشريعة اباحت زواج القاصرات غير المسلمات بعد اشهار اسلامهن حتى دون حضور الولي الشرعي او موافقته ,  بل وحتى دون وجود شهود عدول والذي يعد  وجودهم ركنا اساسيا من اركان عقد الزواج  , وبالرغم من ان الفتاة شرعا وقانونا وعرفا هي ناقصة الاهلية  . 
ان القوانين المدنية والدستور العراقي شيء والاحكام الفقهية الشرعية شيء اخر رغم ان القوانين مستمدة احكامها من الشريعة الاسلامية بموجب الدستور العراقي الذي لا يجيز تعارض احكام القوانين الوضعية مع احكام الشريعة الاسلامية  , مع ان الزمن قد تجاوز الاحكام الشرعية والدينية  الاسلامية في الكثير من الحالات التي لها نتائج سلبية على المجتمع المدني الحديث مثل قضايا الزواج العرفي وتعدد الزوجات  وملكات اليمين وزواج القاصرات غير المسلمات والعديد من الامورالشخصية المتعلقة بالزواج والطلاق التي لم تعد تنسجم مع الوقت الراهن.
فكان يجب في حالة الفتاة اليزيدية ( الايزيدية ) المخطوفة الاحتكام الى القوانين  المدنية والجنائية السائدة بدل تطبيق احكام فقهية شرعية اسلامية .

 اما ما يقال ان الفتاة هي التي رغبت في اشهار اسلامها فهذه جريمة اخرى بكل المقاييس الشرعية والقانونية فكيف يعتد بتصرفات فتاة قاصر لم تبلغ سن الرشد  ولاتتجاوز ال12 من عمرها ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
فهي امام القوانين المدنية ناقصة الاهلية ولا يعتد بتصرفاتها  , لانه لا يمكن لاي شخص دون سن الرشد اجراء اي تصرف قانوني او تجاري او اداري حتى لو كان في صالحه , فكيف يمكن لهذه الفتاة الناقصة الاهلية والقليلة الخبرة بتجارب الحياة ان تشهر اسلامها وتغير دينها دون علم وموافقة ولي امرها ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ان اشهار اسلام الفتاة يكون بمجرد النطق بالشهادتين , وحتى دون ان تعلم ما تعنيه هذه الشهادة , وعقب اشهار اسلامها يتم تحذيرها وتهديدها بانها اصبحت مسلمة وانها ستعتبر مرتدة وان دمها سوف يحل  وتقتل ان ارادت الرجوع عن اسلامها والى اهلها .
اذن مثل هكذا حالات امام القانون والفتاة غير كاملة الادراك يتم قبول تغيير الديانة لهؤلاء القاصرات , الا يعتبر ذلك اجبار وضغط واعتداء على الحرية الشخصية للقاصر وانتهاك خطير لحرية الانسان  بحسب المواثيق الدولية ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟لان تغيير الديانة طبقا للقوانين المدنية من الحقوق المدنية اللصيقة بالشخصية والتي لا يملك حق تغييرها او تبديلها الا من بلغ سن الرشد .

ان حالات تزويج القاصرات اللواتي اشهرن اسلامهن بدون اخذ موافقة ولي الامر الشرعي تعتبر باطلة .  اذ لا يجوز للقاصر ان تزوج نفسها بنفسها او ان تتخذ لها وليا ـ وهو في مثل هذه الحالات القاضي الشرعي الذي يشهر اسلامها ويزوجها  ـ طالما وجد وليها الشرعي وهو الاب في كل الاحوال .
ان سن الرشد وفق القانون المدني يكون ببلوغ ال18 عاما وتتوقف عليه نفاذ جميع التصرفات القانونية والمعاملات المدنية للشخص والتي يدخل من ضمنها تغيير الديانة .
فلماذا هذا المعيار المزدوج والكيل بمكيالين من القضاء العراقي وهذا التمييز الفاضح للعراقيين امام هكذا حالات ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
اليس ان مثل هذه الاجراءات واسلمة الفتيات القاصرات هي بالضد من الايه التي تقول ( لا اكراه في الدين ) ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟  وبالضد من اهم مبدأ دستوري في حرية الاعتقاد وبالتالي فان حرية العقيدة تكون مكفولة للجميع ؟؟؟ ام ان حرية العقيدة تكون مكفولة فقط لمن يريد تغيير دينه الى الاسلام؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ الايكفي ان عددهم يفوق  المليار مسلم في العالم ومعظمهم  لايعرف من دينه الا الاسم فقط ؟؟؟؟ فلماذا هذا اللهاث وراء الفتيات غير المسلمات وخطفهن واسلمتهن بالاكراه ؟؟؟ لماذا لايتركوننا وشاننا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الغريب في الامر ان قبول حالات اشهار اسلام القاصرات يكون تحت اشراف  ومراقبة الاجهزة الحكومية والقضائية والامنية وباشراف مباشر من مسؤولي تلك الدوائر الذين يتسترون على هكذا حالات , وهناك تعتيم شامل على حالات اختفاء الفتيات القاصرات والمراهقات وهروبهن مما يثير الغضب في النفوس واكثر مانخشاه هو حدوث ما لا تحمد عقباه .
فليس من الشهامة ولا من الرجولة و الاخلاق ولا من الانسانية خطف فتاة قاصر قروية والتغرير بها بقصد الزواج واشهار اسلامها , فهذه جريمة جنائية بكل المقاييس . وياترى اين دور الاجهزة الامنية ورجال الشرطة والامن المحلية الذي من اولى واجباتهم حماية الناس وامنهم وسلامتهم؟؟؟؟  فاين الامن والامان اذن؟؟؟؟؟؟

لابد ان يكون هناك موقف واضح من الدولة ومن القضاء العراقي تجاه من يقومون باشهار اسلامهم قبل بلوغهم سن الرشد ووضع حد لمثل هذه التجاوزات على المجتمع ويجب الغاء جميع الاجراءات الادارية والقضائية لحالات تغيير الديانة ووضع حدود امام من يغير ديانته الا لمن بلغ سن الرشد  لان مابني على باطل فهو باطل . كما نطالب بتطبيق القوانين المدنية وتجاهل القواعد الشرعية وابطال حالات اشهار اسلام وتزويج القاصرات لان الدستور اوجب الاحتكام الى القوانين والدستور وليس الى القواعد والاحكام الشرعية . ويجب عدم الاعتداد باشهار اسلام من لم يبلغ سن الرشد القانونية التي تطبق على جميع العراقيين باختلاف انتمائاتهم الدينية والمذهبية واعتبار اشهار اسلام من هم اقل من 18 سنة باطلا طبقا لمبادىء الدستور والقواعد المدنية .
فالفتاة صغيرة ومن حق اسرتها استعادتها ليس للاقتصاص منها او التنكيل بها بل لحمايتها  ـ باعتبارها قاصر ـ من الاستمرار في الطريق الذي دفعت اليه بالتغرير والاحتيال واحالة المغرر بها الى المحاكم المختصة وتطبيق العقوبات بحقه .
 وعلينا ان نعي جيدا ان مثل هذه الحالات هي بمثابة جرس انذار وتنبيه لجميع العائلات اليزيدية ( الايزيدية ) بالحفاظ على اولادهم وخاصة بناتهم والاهتمام بتوعيتهن وتحذيرهن من مخاطر الاقدام على مثل تلك السلوكيات المشينة التي تمس كرامة عوائلهن قبل كرامتهن المهينة , لان اغلب الفتيات  اللائي هربن واشهرن اسلامهن كن قاصرات جاهلات فقيرات يتم اما خطفهن او التغرير بهن والاحتيال عليهن والوعد بالزواج فينخدعن بكلام الحب ويقعن فريسة سهلة للاغواء ويهربن مع من يحبونهم من الشباب الذي غالبا مايكونون مدفوعين ويبغون اكتساب اجر اشهار الفتيات غير المسلمات للفوز بحواري الجنة , فاسلام هؤلاء الفتيات هو اسلام عاطفي وليس اسلام تدين وايمان حقيقي يكون الحب والشهوة سبب اسلامهن وهو ما يعرف ( باسلمة الجنس ) .
فالحل اذن يكمن في التوعية الاسرية للبنات من قبل الاهل وان نكون حذرين من المؤامرات التي تحاك ضدنا لان من يتهور ويشهر اسلامه لا يمكنه الرجوع مطلقا فالكثيرات ممن غرر بهن وهربن تمنوا الرجوع من جديد لكن الرجوع يكون مستحيلا .