لعل سائلاً يسأل ، ما سبب تحامل وحقد الاقليات ولاسيما الطائفة السنية الكريمة على الاغلبية العراقية العربية الاصيلة وشيعة العراق ؛ بهذه الصورة المبالغ بها والتي لفتت انظار العرب والعالم اجمع ؛ ولعل السبب الذي جرأ مواطني الدول العربية والاسلامية على الطعن في سكان العراق الاصلاء ؛ قيام تلك الشراذم بذم الاغلبية العراقية على مرأى ومسمع من كل الاجانب والغرباء والدخلاء …؟!
وللإجابة على ذلك ؛ لابد لنا من تقديم توطئة :
اولا : هنالك فوارق جوهرية بين ابناء الطائفة السنية الكريمة في العراق ؛ ففي سنة العراق يوجد العربي والكردي والتركماني والعجمي والاجنبي , وبين عرب السنة يوجد العراقي العربي الاصيل والعربي الغريب الدخيل .
ثانيا : اختلط الحابل بالنابل واندمجت الفئة الهجينة بالطائفة السنية الكريمة و اختبأت تحت عباءتها , واثرت فيها تأثيرا سلبيا , مما جعل بعض ابناء السنة الاصلاء يتبعون خطوات ابناء الفئة الهجينة الدخلاء .
ثالثا : ان غياب الهوية الحقيقية لبعض ابناء الفئة الهجينة من الذين جاء بهم الاتراك العثمانيين من الاصقاع البعيدة , وكذلك شعور البعض الاخر منهم بعدم الانتماء للعراق , بالإضافة الى شعور البعض الثالث منهم بمشاعر الغربة والاقلية والضعف ؛ ولاسيما و ان الشخص اذا كان دعيا في (نسبه) ومشكوكا في اصله ، يجعل من السهل على الدخيل الحقد على الاصيل , وحمل الضغينة على سكان البلد الاصلاء والكرماء ؛ فهم يشعروه بنقصه وعقد الاغتراب والضياع والضعف والدونية ؛ مما يدفع هؤلاء المهجنين والمجنسين الى الاضطراب السلوكي والسلوك العدواني الاجرامي والتحلل الاخلاقي … ؛ فلانهم متهمون في اصولهم وقومياتهم وجذورهم ودياناتهم ؛ يميلون الى الالتواء واللف والدوران والادعاء والشذوذ والمبالغة والغلو والتعصب الذي يصل حد الاجرام والارهاب , بالتالي يصبح تحامل هؤلاء الغرباء والدخلاء واللؤماء على العراقيين الاصلاء , ورميهم بالموبقات والعيوب , ونسبة أسوأ الصفات اليهم ؛ تحصيل حاصل .
ومن البديهي ان الوطن يعني لسكانه الاصلاء الشيء الكثير , فهو الملاذ والمأوى والبيت الكبير الذي يجمع الأهل والأحبة والاصدقاء والاقارب والعراقيين الاصلاء والكرماء والنبلاء أحياء وأمواتا ، فالوطن هو الرابطة التي تشدنا بعضنا للبعض الاخر , لهذا ينبع حب المواطن من حب الوطن , وحب الوطن من الايمان بل ومن الاصالة والعراقة ؛ فالمواطن الاصيل يحب اخاه المواطن الاخر , ويعطف عليه ويقدم يد العون له , ويشعر بالأنس والامن والامان والطمأنينة معه ؛ لأنه يذكره بالوطن .
وإلفُ الإنسان لوطنه وحبه له أمر فطري جبلي، وسبب هذا الإلف والمحبة وجود القرابات والصحبة، وذكريات الصبا، وتقارب الطباع والعادات الاجتماعية، واتفاق الثقافات والتاريخ والمصير المشترك والارض الواحدة , لذا نشاهد ميل المواطنين بعضهم لبعض , ومشاركة بعضهم البعض في الافراح والاحزان والمناسبات والمسرات , واتحادهم في صد الغزوات الاجنبية وحماية الاراضي والثروات الوطنية , ومن اوضح الشواهد على ما ذهبنا اليه ثورة العشرين ضد الانكليز والتي شارك فيها العراقيون الاصلاء من كل مكونات الامة العراقية … ؛ وعرفت الاغلبية والامة العرقية الاصيلة ؛ بمكارم الاخلاق والتي منها : ان يحب العراقي لأخيه العراقي ما يحب لنفسه , وطالما ساد الود والرحمة والتكاتف والتكافل بين ابناء الاغلبية والامة العراقية .
لذا نقولها و بملئ الفم ؛ ان الذين قتلوا العراقيين الاصلاء واستباحوا مناطقهم ومقدساتهم , ونهبوا ثرواتهم وخيراتهم , وقدموا الاجانب عليهم , وساموهم سوء العذاب ؛ لا يمتون للعراق والاغلبية والامة العراقية بصلة , وصدق من قال ما حن دخيل على اصيل قط .
وبما أن الأشياء تعرف بأضدادها ؛ سأذكر لكم مثالا , نقارن فيه بين سلوك الطائفة السنية في ايران والفئة الهجينة في العراق , لنؤكد صدق من ذهبنا اليه انفا , من ان المواطن الدخيل والمدعي الهجين الذليل ؛ يعتبر من اهم اسباب دمار وخراب العراق والفتك بالأغلبية العراقية وباقي مكونات الامة العراقية .
فها هي مناطق ( هرمزگان ، بوشهر ) والتي تقع جنوب ايران ؛ ويقطنها السنة والشيعة معا , اذ يوجد تعايش رائع وجميل بينهم ؛ فلا مكان للتعصب والغلو والعنف والذبح والقتل بينهم ؛ وهم جميعا يفتخرون بأنهم ابناء هذه الارض – ايران – , وان دماءهم واحدة , وفي العشيرة الواحدة يوجد سنة وشيعة بل والعائلة الواحدة احيانا , و الأمثلة على ذلك كثيرة ومنها : ان اهل مدينة ( بیرم ) جلهم من الشيعة ؛ وفي نفس الوقت تری جل ابناء هذه المدینة المهاجرین الی قریة ( چاه طوسی فی اطراف خنج ) هم من السنة ، و نری ایضا ان سکان قریة ( زینل آباد قرب گراش ) هم شیعة من اصول سنیة من مدینة ( خور) وهاجر بعضهم الی مدینة ( اوز ) و اقرباءهم لا یزالون علی المذهب السني ، و کذلك کان سکان مدینة ( گله دار) من الشیعة الا ان جمعا کبیرا منهم تسنن بسبب علاقاتهم الطیبة مع زعماء عرب الساحل … ؛ ورغم ذلك یحتفلون معا في جمیع مناسباتهم کالعزاء والموالید ،وکذلك نری کثیرین من المهاجرین الی موانئ بندر عباس و ( میناب ) وهي من المناطق الایرانیة السنیة ؛ قد تشیعوا في تلك المناطق او تشبثوا بأفكار معتدلة تجمع بین الشیعیة والسنیة ، فضلا عن وجود المصاهرات الكثيرة بين العوائل السنية والشيعية … ؛ وهناك يجتمع السنة والشيعة في يوم الوحدة من كل سنة لأداء الصلاة الجامعة ؛ حيث يصلي الجميع في نفس المسجد … ؛ و قد شاعت بين الايرانيين مقولة السيد الخميني : لا تقل اني شيعي ولا تقل اني سني بل قل اني مسلم .
ومن خلال هذه المقارنة نتعرف على مدى بشاعة الفئة الهجينة وشذوذها وانحرافها عن كافة القيم الوطنية والاسلامية والانسانية ومروقها عن الاعتدال والعقلانية والهوية العراقية , وعليه لا تستغرب من حقد البعثية على الاغلبية العراقية العربية , اذا علمت ان اول امين عام للبعث المنكوس فؤاد الركابي وثاني امين عام للبعث هو علي صالح السعدي وكلاهما يرجعان للأصول الفيلية الايرانية … ؛ او عندما ترى ان عتاة المتطرفين و الطائفيين في دول الخليج هم من الايرانيين السنة المهاجرين الى دول الخليج , او ان حزب البعث في البحرين جل اعضائه من اصول ايرانية سنية و امينه العام هو من اصل كردي ايراني … ؛ بالإضافة الى ان بعض مجرمي البعث العراقي الهجين ذهبوا الى البحرين لتعذيب الاغلبية الشيعية العربية هناك , ومارسوا نفس الادوار المنكوسة هناك , فقد ادعوا كعادتهم بانهم من اصول عربية وقبائل عراقية , وفي نفس الوقت ينكرون انساب العرب الاصليين في الساحل العربي لانهم اباضيين و شيعة , ولم يكتف البعثية الغرباء في البحرين بذلك , وجل بعثية البحرين من اصول سنية ايرانية , بل راحوا يستدعون الغرباء والاجانب امثالهم لإعطائهم الجنسية البحرانية ؛ لتغيير التركيبة السكانية في البحرين ؛ وقد تشاجر سكان البحرين الاصلاء من الشيعة والمحسوبين على الحركة الناصرية القومية مع البعثيين الايرانيين السنة المدافعين عن تجنيس السنة الاجانب , واعترضوا على عمليات التجنيس السياسي المشبوهة .
واينما تذهب لا تجد لسلوك المواطن الهجين تبديلا , فهو أول من يتبرئ من اصله وينكر اهله ويخفي قوميته , ثم يتلقب بالقاب الاخرين ولاسيما القاب الجماعات الحاكمة , ومن ثم يشن الحرب ضد سكان البلاد الاصلاء ويستحوذ على خيراتهم وممتلكاتهم , وبعدها يدعو امثاله من الغرباء والاجانب لإحداث التغييرات الديموغرافية التي تصب بصالح الغرباء وتلحق افدح الاضرار بسكان البلد الاصلاء , وعليه لا تستغرب من تعفن فكر الايراني السني وغيره عندما يهاجر الى البلدان الاخرى والتي لا تربطه بها اية رابطة وطنية او وشيجة قرابة .
والنتيجة التي نصل اليها من خلال ما سبق ؛ ان المعيار في سلوك الفئة الهجينة والدخلاء والغرباء من ذوي الاصول الاجنبية والغريبة ؛ هو بغض الاغلبية والامة العراقية والتآمر عليها والاضرار بمصالحها والوقوف مع الاعداء الخارجيين ضد ابناء البلد الاصلاء , واليكم مثالا يوضح هذا المطلب ؛ فعندما انصف الرئيس عبد الكريم قاسم العراقيين الاصلاء وحاول اصلاح الاخطاء الفادحة التي ارتكبتها الحكومات الهجينة السابقة بحقهم , والنهوض بالعراق , قام المصري جمال عبد الناصر بشن حملات شعواء تستهدف العراق والاغلبية والامة العراقية , ففي 1958م افتتح راديو صوت العرب في القاهرة وبدء ببث سمومه وتحريض العراقيين على نظام حكمهم ونجح في غسل ادمغتهم بأفكاره القومية المتطرفة المعادية للهوية الوطنية العراقية ؛ وقام ابناء الفئة الهجينة وشذاذ الطائفة السنية بقتل الرئيس عبد الكريم قاسم … ؛ وبعد الانقلاب كان العراق يدار بالكامل ولمدة اكثر من سنة من قبل المستشارين المصريين ؛ لان الانقلابين كانوا صغارا ولا يمتلكون خبرات كافية و لا يفقهون شيئا في السياسة والحكم , وقد حققت مصر مكاسب كبيرة جراء هذا الانقلاب الغاشم المنكوس … ؛ فإن جمال يعتبر الاب الروحي لكليهما – للقومجية والبعثية – في بداية الامر ، و محرضهم الاول على الانقلاب … ؛ علما ان جل القومجية والبعثية وادعياء العروبة من الطائفة السنية الكريمة والفئة الهجينة ؛ كرهوا الرئيس عبد الكريم قاسم واعلنوا عليه الحرب ؛ بسبب انصافه البسيط للأغلبية العراقية ومحاولاته الرامية الى تصحيح اخطاء وجرائم الحكومات البائدة بحق الاغلبية والامة العراقية , والى هذه اللحظة احفاد وابناء الفئة الهجينة والطائفة السنية الكريمة المغرر بهم ؛ يكرهون الرئيس عبد الكريم كرها منقطع النظير , ويتهموه بشتى التهم الباطلة والافتراءات الكاذبة … ؛ بسبب خطواته تلك .
وان استمرار هذا الخط المنكوس في العراق ؛ ينذر بالخراب الاكبر والدمار الاخطر , والحل يكمن في اتحاد الشيعة الاصلاء مع السنة الاصلاء وباقي مكونات الامة العراقية الاصيلة , واستبعاد الغرباء والدخلاء الحاقدين والمنكوسين , واسقاط الجنسية العراقية عن كل الاشخاص من ذوي الاصول الاجنبية وغير العراقية من المخربين والفاسدين والارهابيين والمنكوسين والموالين للأجانب والاعداء والغرباء , وتطهير بلاد الرافدين من شرورهم وارهابهم وفسادهم وحقدهم وامراضهم العنصرية والطائفية والمناطقية … ؛ ومن ثم احياء مشروع الامة العراقية وانبثاق دولة المواطنة واسترجاع الحقوق التاريخية .