ينتاب الباحث العراقي اليوم احساس في ان بلاده تنتشر فيها موجة من خيبة الامل والاحباط في شأن مؤسساته العلمية، وشعور بأنها قد عجزت عن ان تحقق كثيراً من الوعود البراقة، والآمال العراض التي واكبت الحماس في العقود السابقة عند انشائها، وتوفير قدر من متطلباتها… وتأتي هذه الموجة وهذا الشعور معهما، بردة فعل لا تخلو من الحدة، تنحو نحو تضييق الخناق على مؤسساتنا العلمية وتقزيمها، بل وحتى الاستغناء عن بعضها. والامر الملفت للنظر هو ان هذه الردة لا يصاحبها انكار لأهمية العلم او لدوره في التنمية، فما زال مجتمعنا العراقي وقياداته… تقدر الدور الذي يمكن ان يؤديه العلم، وتتطلع الى تحقيق هذا الدور المهم في مجتمعها. ولست اعرف مسؤول عراقي كبير واحد او صانع قرار فيه… لم يمجدا العلم في خطاباتهم وتصريحاتهم…. ولم ينوها بدوره في التنمية.
ان هذا التناقض المقلق بين الطموح والانجازات، يستحق المزيد من الفهم والمتابعة، ومن ثم العمل المجدي لازالته او على الاقل لتخفيف وطأته. ولنؤكد بداية ان من حق المجتمع في كل فئاته ان يقيّم النشاط العلمي وان يبدي رأيه في انجازات القائمين عليه واخفاقاتهم، وان يعدل مساره، وبالقدر والاسلوب ذاتيهما اللذين يمارس بهما هذا الحق في شأن اي نشاط اجتماعي آخر، فليست للعلم والمشتغلين فيه حصانة او قدسية خاصة تضعهم فوق مستوى المساءلة الاجتماعية او تعطيهم حقوقاً متميزة لا تتوفر لغيرهم. ومن هذا المنطلق يكون الاخفاق في تحقيق التطلعات والآمال فشلاً مزدوجاً يشترك الطرفان فيه ويتحملان مسؤوليته معاً.
سأحاول هنا فيما يأتي النظر في اسباب هذا القصور في تحقيق الطموحات المنشودة، وسأستعرض فيها محاور ثلاثة قد يكون النظر فيها مفتاح الخروج من المأزق الذي تنفرد به.
– المحور الاول: فهو الطبيعة الخاصة للنشاط العلمي والتي ينفرد بها من بين كثير من النشاطات الاجتماعية الاخرى. ان البحث العلمي في جوهره رحلة في عالم المجهول، ومسيرة في دروب غير مطروقة نحو اهداف مرغوبة. وقد لايؤدي السير في احدها الى بلوغ الهدف، او قد يكون طريقاً مسدوداً لا مفر من الرجوع عنه، او قد تعترضه صعاب وعقبات لم تكن في الحسبان، او يفتح السير فيه افاقا جديدة ومفيدة لم تكن اصلاً مما سعينا اليه عندما نقرر السير فيه.
وهكذا، فان واحدة من الصفات المميزة للبحث العلمي هي عدم اليقين من نتائجه، وما يتطلب هذا من توازن دقيق وحساس بين عقم السير في طريق لن يؤدي الى المراد، ووهن العزيمة الذي تضيع معه بلوغه لو ان الباحث ثابر في سعيه ودأب فيه.
اما الصفة الثانية، فهي صعوبة تحديد النجاح او الفشل فيه، او تقدير اجمالي المردود الاجتماعي والاقتصادي والسياسي له. اننا قادرون على تقييم مباشر وواضح للمردود في النشاط الانتاجي المادي، بل وحتى في الانشطة الاخرى التي لا يكون المردود الاجتماعي فيها مما يمكن تقييمه كمياً لكن يمكن تقييمه كيفياً، مثل الخدمات التربوية والصحية… لكن تحديد مردود النشاط العلمي وطرق ذلك مسألة مازالت محل تمحيص وحوار حتى في المجتمعات المتقدمة التي مارست هذا النشاط لسنوات طوال، واكتسبت خبرات عريضة في طرق تخطيطه وادارته والاستفادة من نتائجه. ويزداد الامر تعقيداً عندما يؤدي البحث الى نتائج سلبية، اذ يصبح تحديد جدوى هذا الانجاز السلبي بدقة والنظر في مبررات ما انفق عليه امراً بالغ الغموض.
وثمة صفة ثالثة ترتبط بعدم اليقين، هي طوال الفترة الزمنية التي تنقضي عادة بين التوصل الى نتائج مشجعة وبين تطبيقها تطبيقاً نافعاً في منتج او خدمة. واذا ما كانت هذه الفترة تنناقص يوماً بعد يوم في المجتمعات المتقدمة، فهي ابعد ما تكون عن ذلك في مجتمنا العراقي الآخذ بالنمو. فلا تتوفر فيه بعد آليات انتقال هذه المنجزات العلمية الى قطاعات الانتاج والخدمات، دع عنك مستوى قدرة هذه القطاعات نفسها على الوفاء بقدر ذي قيمة من حجم ونوعية المنتجات والخدمات التي يطلبها المجتمع، ذلك المستوى الذي جعلنا نعتمد حتى الآن على استيراد الكثير منها من الخارج، او على احسن تقدير، الاعتماد اعتماداً شبه كامل على مصادر الخبرة الفنية والمعدات في توفير ما تقدمه وحدات الانتاج والخدمات من هذه المتطلبات على ارض الوطن.
وليس غريباً اذن، الا ترحب قيادات وحدات الانتاج والخدمات بتدخل اجهزة العلم الوطنية في عملها، وذلك حرصاً من الاولى على استثماراتها في هذه المستوردات وانعكاساً لشكوكها التي قد تكون مبررة في كثير من المجالات في قدرة الثانية على تقديم اسهام ذي قيمة في هذا المجال. وهذه حلقة مفرغة تفصل بين مؤسساتنا العلمية وبين فرص اكتساب الخبرة والمهارة في تطوير قدراتنا الانتاجية، ندور فيها منذ بدأت جهود التنمية الشاملة في العقود الاخيرة.
– المحور الثاني: فهو جهل الغالبية العظمى من القائمين على شؤون المجتمع بطبيعة النشاط العلمي ودينامية نموه ومتطلباته وعدم توفر الخبرة المباشرة على نطاق كاف بينهم في صدد خصوصية النشاط العلمي والبيئة التي يجري فيها. وهذا الوضع هو حصاد سوابق تاريخية حرمت مجتمعنا من الاسهام في هذا النشاط حتى وقت قريب جداً، فتركتنا فاقدي الحد الادنى من الدراية بالطرق الفعالة لحفز هذا النشاط وزيادة غطائه في اطار المراحل التي نمر فيها في مسيرة تنمية مجتمعنا. والملاحظ اننا مازلنا نفتقد بين قيادات مجتمعنا اناساً مارسوا العمل العلمي لزمن كاف وتحملوا مسؤولية ادارته واكتسبوا الدراية اللازمة بالطرق المثلى لتنشيطه في مجتمع نام، بدءاً مما يكاد ان يكون نقطة الصفر في حالات كثيرة.
في الجانب المقابل، فان هذه القيادات مدركة لما حققه ويحققه العلم في مجتمعات اخرى راغبة رغبة مشروعة في ان ترى قدراً محسوساً من هذا الانجاز على ارضها. الا ان هناك فرقاً شاسعاً بين الرغبة والقدرة، وبالذات في هذا المجال. واذا ما كان اقتناء الآلات او تشييد الصروح الضخمة امراً يمكن الاسراع فيه، فان بناء قدرة وطنية فاعلة في المجال العلمي امر تقف في وجه تحقيقه صعاب لابد من مواجهتها. فتأهيل الفرد العلمي حتى يصل الى مصاف العطاء العلمي المبدع، استناداً الى دراية راسخة بمنجزات العلم وآفاقه المستقبلية في فرع تخصصه وممارسات متنوعة فيه، امر لا يمكن الاسراع فيه باكثر من حد ادنى معلوم من السنين، ونشأة فريق العمل العلمي الكفء والمتمرس في اساليب العمل الجماعي، وتوفير متطلباته من الخدمات والاجهزة المساندة، ادارية وفنية، وتكوين الخط الثاني من التقنيين المهرة الذين يعتمد عليهم الصف الاول من الباحثين في اداء مهماتهم، وصهر هذه المكونات كلها في اطار تنظيمي فعال، تبلورت فيه اساليب تخطيط ومتابعة وادارة ملائمة ومحققة للهدف، كل هذه امور ابعد ما تكون عن ان تكون هينة او ميسرة او مما يمكن الاسراع في تحقيقه عن طريق استيراد الخبرات والكفاءات، كما الفنا في مجالات الانجاز المادي الاخرى.
وربما لا نبالغ ان قلنا ان اول الاهداف الرئيسية في النشاط العلمي في مجتمعنا الآن هو بناء القدرة الوطنية التي لابد منها لكي تحقق انجازات علمية تخدم القطاعات الوطنية الاخرى او تزيد رصيد البشرية من المعرفة العلمية.
ان قيادات دولتنا في مختلف مفاصل مؤسساتها… مطالبون بان يكرسوا قدراً كافياً من وقتهم وفكرهم للنظر في هذا الامر، والفهم الواضح لطبيعة النشاط العلمي ولمراحل نموه وتأهله في مجتمعنا، وللدراسة المتعمقة للخبرات المشهودة فيه وتحليلها والتعرف على منطلقاتها واسباب نجاحها واخفاقها، واستخلاص المداخل المثلى لتنشيط البحث العلمي في عراقنا، وتحقيق وصل فعال بينه وبين قطاعات المجتمع الاخرى، والتخطيط لهذا تخطيطاً واقعياً ومجدياً.
– المحور الثالث: انه المدخل الامثل لتحريك الوضع الراهن، بعيداً عن روح التشاؤم وردود الفعل المتشنجة، نحو مسيرة تقرب بيننا وبين فرص تحقيقنا لشيء مما تطلعنا اليه تطلعاً مشروعاً من عطاء العلم في تنمية مجتمعنا. انه دور رجال العلم انفسهم في معالجة الظاهرتين السابقتين… وانا اتحدث هنا بوصفي فرداً ينتمي الى المجتمع العلمي. ومن هذا الموقع يكون واجباً عليّ ازاء زملائي، ومن حقي عليهم ايضاً، ان اتحدث بصراحة معبراً عن رؤيتي لواقع هذا المجتمع، ناقداً لما اراه من قصور فيه، حرصاً على ان يحقق ما عقد عليه من آمال.
ان السمة الغالبة على المجتمع العلمي العراقي، هي انغلاقه على نفسه وشكواه الدائمة في دوائره المنعزلة من عجز اهله عن فهم دورهم وتقديره حق قدره، وعن حرمانهم مما يتطلبه حسن اداء مهماتهم من اموال وادوات ووقت.. ومن عزوف قطاعات المجتمع الاخرى عن الاستفادة منهم والتفاعل معهم، متطلعين في حسرة الى ما يحظى به اقرانهم في بلاد اسعد حظاً، من رعاية ودعم وتواصل يحقق لهم طموحاتهم العلمية ورضاهم عن النفس، وهم يرون اسهامهم في تنمية مجتمعاتهم. واذا ما كان الاسلوب العلمي الذي دربنا عليه يقضي بان ندرس الظاهرة وان نحللها وان نتعرف على اسبابها، فما اجدرنا بان ننصرف عن شجب ما نعانيه من تفسير وعزوف الى محاولة جادة لفهم اسبابه. ولنبدأ بانفسنا اولاً. وهنا اقول وعن تجربة شخصية، ان الكثيرين منا نحن- علماء وباحثين- لم يتعمقوا في فهم النشاط العلمي بوصفه ظاهرة اجتماعية تعكس اوضاعاً وقيماً وممارسات سائدة في مجتمعنا، ولا نحن حاولنا التعرف على اطوار نمو هذا النشاط في مجتمعات اخرى حققت ما يصبون اليه من رعاية وتواصل في مجتمعنا.
اننا جميعاً نعرف ما نريد، ولكن قلة قليلة منا تعرف السبيل الى تحقيقه، او تحقيق شيء منه. ولو اننا خصصنا قدراً من فكرنا وجهدنا لهذا الامر لخرجنا من موقف العزلة والشكوى التي لا تجد استجابة خارج محيطنا الى تصورات اوضح لحقيقة الوضع الراهن واسبابه، ولبلورنا افكاراً جيدة وفعالة لمعالجة هذ الوضع. واذا ما حققنا شيئاً من الاجماع حول هذا في محيطنا، فسيكون واجبنا التالي هو اقامة الفريضة الغائبة، وهي اقتناعنا بان من اهم واجباتنا في المرحلة الراهنة ان تخرج من قوقعة انعزالنا الى الشارع، وان نحدث محيطنا الاجتماعي عن طبيعة نشاطنا ومراحل تطوره ومتطلباته من المال والادوات والوقت، وحقيقة قدراتنا العلمية، وسبل تطويرها، ومنهجيات تقييم ادائنا، وآليات الاستفادة منه في انماء مجتمعنا.
من هذا المنطلق وحده، فيما ارى، يكون خلاصنا من المأزق الذي يضيف خناقه علينا هذه الايام، ومنه قد نشكل في مجتمعنا قوة اجتماعية ضاغطة نشترك معها في اجماع على رؤية واضحة لقضايانا ولطرق معالجتها، ونصل الى قناعات مشتركة بيننا وبين صناع القرار، تؤدي الى علاقات عمل بناءة وسلسلة، وتوفير محسوب بدقة لاحتياجاتنا، ونمط سليم لمتابعة اعمالنا وتقييم ادائنا.
* توظيفات البحث العلمي
ليس هناك جدال في ان الصراع الحضاري اليوم هو عبارة عن صراع علمي. وهذا يدل على ان الخروج من دائرة التخلف الى دائرة التقدم تتوقف بصفة اكيدة على جعل العلم قوة انتاجية حقاً.
ومشكلتنا في العراق الآن، ان هناك مجهودات حكومية تبذل لنشر الثقافة العلمية، لكن هذه الغاية يغلب عليها الطابع النظري وينقصها الجانب التطبيقي. والعلم الذي لا يتحول الى منفعة عملية تؤثر في مناخ الحياة، لا يتغلغل في بنيان المجتمع ولا يؤثر في القوى الفاعلة فيه.
ولكي يكون للعلم وظيفة عملية في المجتمع العراقي وليس كلاماً للتباهي به، يتعين على قادته ان يدركوا نفعه وان يقبلوا عليه تعليماً وتطبيقاً، كما يتعين على جميع رؤوساء الجامعات وادارتها العلمية والمؤسسات الانتاجية… ان يظهروا استعداداً نفسياً وفعلياً لتقبل نتائج البحوث العالمية وتأثيراتها الايجابية في المجتمع، واذا توفرت هذه الارادة والمناخ العلمي الملائم، فبامكان العراق ان ينتفع بنتائج المعرفة العلمية ان هو اخذ بعين الاعتبار العوامل الآتية:
1- ان يقترن التعليم الجامعي بالمعرفة العلمية النظرية- اي معرفة لماذا؟ Know- why وبالمعرفة التطبيقية- اي معرفة كيف؟ – know- how التي هي عبارة عن اساليب عملية نطلق عليها اسم التكنولوجيا.
صحيح ان العلم النظري او الاكاديمي يساهم في تعميق المعرفة في مختلف الاختصاصات، وقد يثمر هذا العلم ويأتي ببحوث ابتكارية، لكن التطبيقات العملية وربط النظريات بالواقع المعاش يومياً هي التي تبين مدى فعالية العقل ومقدرته على تلبية الحاجات الاجتماعية.
وفي اعتقادي الشخصي ان التركيز على المعرفة النظرية البحثية ينتج عنه عزل الجامعات عن الاهداف الاجتماعية. وعليه، فالجامعات مطالبة بتطعيم برامجها التعليمية بخطط عملية للتدريب في الاختصاص حتى يتخرج الطلبة وهم قادرون على ممارسة عمل معين مدعوم بخبرة مكتسبة من ميدان العمل.
2- اذا كانت الجامعات هي مراكز علمية- وكل مركز او مؤسسة علمية هي الوسيلة الرئيسية المستعملة لتمكين الانسان من استعمال فكره وقدراته للانتفاع بعقله ومهارته- فمن الحكمة ان يقوم صناع القرار المؤسسي عندنا باحالة مشكلات مجتمعنا الى العلماء، لكي يبدوا رأيهم فيها بموضوعية ويتقدموا بالاقتراحات والحلول البديلة لهذه القضايا التي تشغل بال رأس مؤسساتنا في الدولة. وهذا الاعتماد على العلماء يتطلب بطبيعة الحال تزويد العلماء بالوسائل المادية التي تمكنهم من اجراء البحوث والخروج بنتائج وتحاليل منطقية وعملية. والخطأ الفادح الذي يرتكب في حق العلم ببلدنا هو ان الجميع يعتبرون ان هذه المهمة تنفرد بها الدولة ويتكل عليها الجميع، في حين انه كان من المفروض ان يبادر المسؤولون على قطاعات الصناعة والتجارة والزراعة الى تغذية البحث العلمي، كل واحد في اطار اختصاصه، وتشجيع العلماء على الابتكار، وتحديد مقاييس الجودة واساليب التنظيم الفعالة لزيادة الانتاج وخفض التكاليف وتحقيق الاهداف المدرجة في برامجهم بطريقة مجدية.
ان المؤسسات الصناعية والزراعية والتعليمية هي المستفيدة من الابحاث العلمية الجديدة والقابلة للتطبيق، وعليها ان تكون سنداً للبحث العلمي وتستثمر فيه حتى يخدمها ويجدي عليها نفعاً وفائدة ملموسة.
3- ان مسؤولية خلق ثقافة علمية مبسطة لمجتمعنا التي توجد به نسبة كبيرة من المواطنين غير المتعلمين او الذين عندهم ثقافة علمية بسيطة، تعتبر في رأيي من اهم الوظائف والواجبات التي يتعين على رجال العلم ان يقوموا بها، وبذلك يتم التغلب على مشكلة وجود معلومات في اذهانهم لكن علمهم ومعرفتهم تبقى مخزونة ولا تصل الى ابناء وطنهم.
وعليه، فان غرس الافكار العلمية الاساسية والمفيدة لعامة الناس، ممكن ان يتم عن طريق الكتاب لمن يستطيع القراءة، وينقل عن طريق الشاشة لمن يرغب ان يتعلم ويستفيد عن طريق الصورة المرئية وعن طريق الاذاعة لمن يفضل ان ينصت الى المذياع ويتسلى ببرامجه المثيرة، وطبعا فان المساهمة العلمية في افادة الناس بما ينفعهم وفي خلق جيل عراقي مثقف ثقافة علمية يتطلب ادراك رجال المؤسسات الاعلامية وقناعتهم بضرورة التنسيق بين اجهزتهم ورجال العلم.
4- اننا نعيش الآن في مرحلة الاعجاب والتقدير بجدوى الاسلوب العلمي في المجتمعات المتحضرة المتقدمة… والمتمثل في تطبيق المعرفة العلمية في المؤسسات الرسمية للدولة بحيث توجد علاقات وثيقة بين العلماء المختصين وبين كل مؤسسة معنية بذلك الاختصاص.
فالمفروض ان تقتدي مؤسساتنا بالمؤسسات الاجنبية المتقدمة وتستفيد من هذه التجربة الناجحة، لان انعدام هذه الصلة بين العلم من ناحية والدولة ومؤسساتها الرسمية من ناحية اخرى، هي التي تحول دون التأثير بالعلم ودون مساهمته في تحسين عيش المواطنين. وعليه، فان مؤسسات الدولة في حاجة ماسة الى خلق جسور بينها وبين المؤسسات العلمية المتخصصة حتى تستفيد تلك المؤسسات الحكومية من التقييم العلمي الموضوعي لبرامجها، والاراء المحايدة في مدى صلاحية خططها، والمتابعة المستمرة لعملية الانجاز، حتى يتم تدارك اي خطأ يمكن ان يبرز خلال عملية التطبيق الفعلي لكل خطة.
5- ان وسائل تبادل المعلومات والحقائق ونتائج الابحاث والاراء بين العلماء انفسهم في كل اختصاص تكاد تكون معدومة، وبالتالي فان التقدم العلمي يتأثر سلبياً بهذا النقص الملحوظ في ميادين الترقية العلمية ورفع المستوى وتحسينه. ولهذا فان تقدم العلوم في العراق مرتبط بتوفير الامكانيات المادية والوسائل التي تستعمل لخلق نهضة حقيقية شاملة.
وتتمثل هذه الوسائل في المراكز والجمعيات العلمية والبحثية التي تجمع بين الخبراء والمجلات العلمية المتخصصة التي تكون منبراً للمناقشات وتبادل منافع المعرفة واثراء التجارب الانسانية، والندوات العلمية التي يتم فيها تبادل الاراء واستعراض الافكار والنظريات المستجدة في كل اختصاص، وكذلك التبادل العلمي بين الجامعات وهذه المراكز والجمعيات. ان استعمال هذه الوسائل بطريقة عقلانية هو الذي ينمي قدرات العلماء ويساعدهم على تنمية البحث العلمي..
6- ان المعرفة العلمية تتحسن بالاستخدام التدريجي لها، ومشكلتنا في العراق، ان مؤسساتنا الانتاجية وادارة الخدمات الاجتماعية تبدو متلهفة لتحقيق نتائج ايجابية في اسرع وقت ممكن. وهذا التلهف هو الذي يدفعها للتعاقد مع شركات اجنبية لتنفيذ مشاريعها وذلك ظناً منها ان تلك هي الحلول السهلة لعملية التنمية. وهذا التفكير غير المنطقي هو الذي يخلق الانفصال بين الانتاج وبين استخدام المعارف العلمية الملائمة للبيئة المحلية.
ونستخلص من هذا، ان عملية جلب نماذج غربية مستوردة من الخارج الى مجتمعنا الذي تختلف احتياجاته وتقاليده عن تلك الانماط الموجودة بالدول المتقدمة، حيث تخلق انعكاسات سلبية على واقعنا العراقي. والمفروض في مثل هذه الحالات ان تعتمد المؤسسات الانتاجية على البحوث العلمية المحلية، وان تدرك بان النتائج قد لا تكون بالضرورة سريعة ومريحة لان العثور على الحلول والبدائل الجيدة لكل مشكلة هي عملية تتوقف على الموارد والامكانيات المتوفرة لكل باحث. لكن الشيء المهم هو العثور على الاسلوب الملائم لتلبية الاحتياجات الاجتماعية، وخلق بنية علمية اصيلة داخل المجتمع الوطني.
7- تتسم الحضارة الانسانية في يومنا هذا بالديناميكية في ميدان التحولات السريعة بفضل التكنولوجيا الحديثة والبحوث العلمية المتقدمة. لقد شيدنا مؤسساتنا التربوية والاكاديمية ولكننا لم نتمكن حتى الآن من القيام بمجهودات مماثلة في القيام بترجمة امهات الكتب العلمية ونقل نتائج العقول التي تغمر العالم الى لغتنا العربية وتمكين الاجيال الحالية والاجيال القادمة من الحصول على معرفة غزيرة نافعة لهما في الحاضر والمستقبل. وفي اعتقادي، انه من الصعب علينا ان نواكب ركب التقدم الحضاري او نلحق بمن سبقنا من الدول المتقدمة، ان نحن بقينا بمعزل عن التيارات العلمية في ميدان المعرفة. لقد كانت الترجمة على مر العصور من اهم وسائل نقل المعرفة واكثرها تأثيراً في تقدم الشعوب.
8- ان قوة الدولة الحديثة مستمدة، في الواقع، من قوة مؤسساتها العلمية البحثية. وبناء على هذه الحقيقة، فالدول المدركة لواجباتها، ولما يتطلبه مستقبل ابنائها، ترصد من اجل العلم اموالاً طائلة، لان قادتها يشعرون ان قوى العلم والمفكرين وابتكاراتهم هي ضرورة من ضرورات الحياة ولازمة لمصالح دائمة تتعدى شواغل الساعة وتتخطاها. وانطلاقاً من هذا التحليل تتسابق الدول العملاقة الى تجنيد اقدر العناصر في الجامعات واذكى العقول لكي تخصص او تتفرغ للتفكير والتخطيط على المستوى الاستراتيجي في كل المجالات.
ومن هنا، تنبع قوة الدولة العصرية لان هناك تفاعل بين قوة مؤسسات التفكير العلمي والاستراتيجي وبين قوة القيادة السياسية التي تحاول ان تخدم المصلحة العامة من خلال الاستعانة بالاراء الثاقبة لعلمائها. والشيء اللافت للانتباه في هذا الموضوع ولا سيما ما يتعلق منه بنا نحن في العراق، انه تم استبدال المؤسسات العلمية بالاجهزة البيروقراطية، وهي بيروقراطية بطيئة في اعمالها وعاجزة عن الاستجابة السريعة للتحديات المعقدة والتي تتطلب مهارات فكرية ومقاييس علمية دقيقة. وعلينا الآن ان نفصل في هذا الموضوع ونقرر من يكون له التأثير الايجابي على مستقبلنا: البيروقراطيون المكلفون بالتنفيذ ام اصحاب العقول والافكار الذين في امكانهم تطوير اساليب جديدة متقدمة في مجال كسب المعرفة واختبارها.
9- لقد تناولت حتى الان الجوانب الايجابية في العلم، واشرت الى ضرورة الاستفادة من الاكتشافات العلمية التي تخدم الانسان وتخلق واقعاً جديداً، وطريقة جديدة في التفكير في هذا الواقع ورؤية الانسان له. وكلامي هذا لن يكون كاملاً الا اذا اقترن واشتمل على تنبيه خلاصته، ان الاكتشافات العلمية والتطورات التقنية لا يقودان بالضرورة الى تطوير اجتماعي حميد. فالعلم سلاح ذو حدين، قد يسخر لحل مشاكل العالم المتفاقمة مثل نقص الغذاء ومحاربة التلوث والامراض الفتاكة، وقد يسخر ايضاً لخدمة اغراض شريرة كالابادة بالاسلحة النووية والتجسس بالاقمار الصناعية وادوات التنصت وخلق الفراغ واللهو والانغماس في الملذات وتطوير وسائل الهيمنة الفكرية عن طريق اجهزة الاعلام.
وبناء عل ذلك، ينبغي ان نتنبه الى حقيقة جوهرية وهي انه ليس من السهل نقل المعرفة او التكنولوجيا من مجتمع الى آخر بدون نقل قيم واساليب الحياة في ذلك المجتمع الذي توجد به التكنولوجيا. وعليه، فان التوظيف الجيد للمعرفة هو ذلك النوع الذي يكون نابعاً ومستمداً من قيم اجتماعية محلية ومعارف وخبرات معبرة عن خيارات وطنية.
اذا نحن تداركنا الامر قبل فوات فوات الاوان وعملنا على تحصين انفسنا وقمنا بتوظيف العلم لخدمة اهدافنا، وفهمنا حقيقة انفسنا وحقيقة غيرنا وحقائق العصر الذي نعيش فيه، فانه بامكاننا ان نتغلب على كل الصعاب التي تواجهنا ونجتاز مرحلة التحول الحضاري الذي تصاحبه رؤية جديدة وموجة جديدة من الجهد الفكري للتعرف على المستقبل. صحيح ان الاعتماد على النفس في التنمية العلمية طريق شاق وصعب، وغيرها مأمون العواقب وغير مجرب، لكن بالادارة ووضوح الهدف والقيادة الحكيمة التي تكون قدوة للافراد، لان الناس لا تحركهم الخطب او الوعود البراقة، وانما تحركهم القدوة وجو الجدية والصدق الذي يجب ان يأتي من القمة. يمكن تغيير مجرى الامور لصالح مجتمعنا بتطبيق الابحاث والمناهج العلمية لخير الانسانية جمعاء.
* اشكاليات النشر العلمي
يعاني اكثر باحثينا من مشكلة نشر البحوث العلمية او تأخرها او انعدام ديمومة المجلات العلمية داخل العراق. كذلك، فان حركة الاعلام العلمي وايصال النتاجات العلمية بين باحثينا في العراق، تكاد تكون معدومة حيث يجري الحوار العلمي من خلال المجلات العلمية العالمية. واذا ما اخذنا بعين الاعتبار نسبة الذين ينجحون في نشر نتاجاتهم في هذه المجلات تبرز امامنا مشكلة النشر العلمي في العراق وضرورة التصدي لها ومعالجتها جذرياً.
ان النشر العلمي والبحث العلمي وجهان لأمر واحد، فلا نشر علمياً بدون بحث ولا بحث علمياً جدي ان لم ينته الى النشر، فالبحث العلمي هو عمل يؤدي الى اضافة للمعرفة، ويهدف الى الاستجابة لحاجات الوطن وتنمية الشخصية العلمية للمجتمع والعمل على رقيها ومساهمتها في رفد الحضارة الانسانية بانتاجها العلمي. اما النشر العلمي فيهدف الى التعريف بالبحث وتسهيل امر الاستفادة منه وحفظ المجهود الانساني الذي قد يبذل في اعادة اكتشاف ماهو مكتشف فعلاً ان لم يكن منشوراً.
ان الاهتمام بوسائل تكثيف البحث العلمي له ابلغ الاثر على خلق قاعدة علمية رصينة وعلى انجاح خطط التنمية الوطنية كما وان ناتج البحث العلمي سيحفظ لوسائل النشر العلمي ديمومتها ويساعد على رقي مستواها العلمي، كذلك فهنالك ضرورة للاهتمام بوسائل التوثيق العلمي وذلك لكي تساهم في تسهيل مهمة البحث العلمي ويدفعها الى الامام.
ان فعاليات ونشاطات البحث العلمي تعاني الكثير من الصعوبات والعقبات المالية والادارية والفنية بالاضافة الى شحة النتاجات العلمية مما يؤدي الى تعثر استمرارية وديمومة صدور الدوريات العراقية، كما ان باحثينا يعانون الكثير عند نشرهم للبحوث في المجلات العلمية العالمية لارتفاع كلف النشر وحدّت المنافسة والتقويم غير الموضوعي احياناً لنتاجاتهم ولسيطرة مؤسسات واتجاهات عالمية تعمل على كبح اي توجه علمي لغير الاجنبي، واسع النطاق لنشر البحوث الجيدة.
ان عملية النشر العلمي هي من المؤشرات الحضارية الاساسية ومن اهم مشاكل البحث العلمي في العراق، فان التصدي لمعالجتها باسرع وقت يقع في سلم الاولويات.
لابد من الاشارة الى موضوع اعتماد اللغة العربية كلغة للنشر العلمي والعمل على تعميق الايمان بتعريب النشر العلمي مع ضمان ايصال ناتج البحث العلمي العراقي والعربي الى المختصين خارج الوطن، كذلك هناك ضرورة الاهتمام باحياء التراث العلمي العربي ونشره باسلوب يعزز ثقة المواطن العراقي والعربي بنفسه وبماضيه ويحفزه لاستعادة امجاد الحضارة العربية الاسلامية العريقة.
ولأجل الحصول لهذه الغاية تبرز ضرورة اختيار هيئة التحرير كل مجلة من بين باحثين مؤهلين ذوي سمعة علمية وخبرة طويلة مع ضرورة توحيد تعليمات النشر في هذه المجلات وضرورة اختيار المقوّمين لما ينشر فيها من اهل الاختصاص والسمعة العلمية الجيدة لضمان استمرارية المستوى الجيد والرصين مع ضمان ايصال هذه المجلات الى جميع المهتمين بالعمل العلمي في داخل العراق والوطن العربي وخارجهما.
* مرتجيات لترصين النشر العلمي
اننا نرى ان تحقيق قسم من هذه المرتجيات سيكون له اثره في تطوير النشر:
1- بلورة مجلات علمية متخصصة تنشر باللغة الام او باللغات الاجنبية وذات انتشار واسع.
2- فسح المجال امام الاكاديميين العراقيين للنشر في مجلات عراقية ذات مستوى علمي رصين وتوزيع عريض واستمرارية في الصدور.
3- فسح المجال امام العديد من الاكاديميين العراقيين المقيمين في الخارج لنشر انتاجهم العلمي في مجلات علمية عراقية.
4- الاستفادة من التوجه العلمي والامكانات المادية التي توفرها الحكومة في خلق وتثبيت وترصين مجلات محدودة ومتخصصة على المستوى العراقي والعربي.
5- التأكيد على اهمية الثقافة العلمية العامة في خدمة اغراض التنمية وعلى ذلك فمن الضروري وضع الخطط طويلة الامد لتنشئة المواطن العراقي تنشئة علمية اصيلة تقوم على الايمان بالاسلوب العلمي في التفكير والوعي بدور العلم في تطوير الحياة وفي حل مشكلاتها.
6- ضرورة استحداث ودعم هيئات متخصصة للنشر العلمي في مجال الثقافة العامة على ان يتوفر لها المناخ الاداري والمالي والفني اللازم لنجاحها.
7- خلق وتدريب الكوادر الكفوءة والمتخصصة بالنشر العلمي واساليبه والمطلعة على احدث الاتجاهات في الطباعة والاخراج الفني.
8- توحيد نشاطات هيئات تحرير المجلات العلمية العراقية وخلق اتحاد او تجمع مهني لرؤساء تحرير المجلات العلمية العراقية ووضع معايير عراقية موحدة للنشر العلمي يقف على قدم المساواة مع المؤسسات العالمية والمشابهة.
9- ترصين استعمال اللغة العربية كلغة للعلم والتقنية ونشر المعاجم والمساهمة بتعريب العلم.
10- توجيه نشاطات مؤسسات البحث والجمعيات العلمية العراقية في اتجاه موحد فاعل واعتماد سياسة عراقية ثابتة بخصوص اصدار المجلات العلمية بالمستوى النوعي المقبول عالمياً على ان تشمل عدد المجلات العلمية وطبيعتها ووقت صدورها والهدف من نشرها والتزام جهة النشر بديمومة المطبوع العلمي.
من اجل تحقيق الاهداف المطلوبة والتغلب على المعوقات، فاننا نقترح تنظيم مؤتمر علمي يساهم في اعداده المؤسسات العلمية والجامعات العراقية… ان هذا المؤتمر يحتاج الى جهود كافة هذه المؤسسات…. التي تلعب دورها في الاشراف على مجلات علمية تعنى بالعلوم الانسانية والعلمية…. ولابد من اعتماد ورقة عمل توضح ابعاد ومشاكل ومستقبل النشر العلمي في العراق وسبل استقطاب البحوث التي يعدها علمائنا وباحثينا في داخل الوطن وخارجه. اما المواضيع التي تصلح للمناقشة فبالامكان تلخيصها بالنقاط الآتية على سبيل المثال لا الحصر:
1- دراسة تأسيس اتحاد عراقي لرؤوساء تحرير المجلات العلمية العراقية.
2- دراسة انشاء مؤسسة عراقية متخصصة للنشر العلمي.
3- دراسة واقع النشر العلمي والمجلات العلمية في العراق.
4- دراسة دور الباحثين العراقيين ودرجة مساهمتهم في النتاج العلمي العالمي.
5- دراسة معوقات البحث والنشر العلمي في العراق.
6- تأريخ النشر العلمي في العراق والجوانب التراثية للموضوع.
7- مسؤولية الباحثين العراقيين في المساهمة في النشر على المستوى الوطني والعالمي.
8- دراسة استحداث نشر علمي واسع باللغة العربية ووسائل تحقيق ذلك.
9- الصعوبات الفنية والطباعة التي تواجه العاملين في النشر العلمي العراقي.
10- دور الجامعات ومراكز البحوث في بلورة النتاج العلمي للعلماء العراقيين ونشر بحوثهم على المستوى العالمي.
11- وسائل تكثيف النشر العلمي في العراق وتوزيع المسؤوليات بين المجلات العلمية العراقية.
12- استعمال الحاسبات في تبويب النتاج العلمي العراقي وايصاله الى المختصين اولاً بأول.
13- تدارس الكتاب العلمي وسبل نشره لاغناء المكتبة العراقية وبالتالي العربية والعالمية..
14- المشاكل التي تعوق ديمومة المجالات العلمية العراقية وكيفية معالجتها.
15- دراسة اسلوب تدريب الكوادر المؤهلة والتفرغ لمهام النشر العلمي في العراق.
16- دراسة مشاكل الترجمة العلمية ومعوقات ايصال النتاج العلمي للباحثين العراقيين وحتى العرب على المستوى العالمي.
17- تدارس مزايا وسلبيات تعدد المجلات العلمية المتشابهة في العراق والوطن العربي.
* توصيات…..
لا يمكن للنشر العلمي ان يزدهر ويرتقي الى المستوى الذي يليق بطموحات مجتمعنا… ما لم تتوفر له كافة المستلزمات الضرورية لانجاحه. وانطلاقاً من الاهمية هذه، نثبت التوصيات الآتية:
1- التأكيد على اهمية النشر العلمي وتطوير اساليبه ووسائله في العراق.
2- ضرورة وجود تنسيق للنشر العلمي العراقي وفق خطة موحدة.
3- ضرورة تنسيق الجهود بين المجلات العلمية المتشابهة في العراق والوطن العربي.
4- اعتبار اصدار المجلات العلمية من الوظائف الاساسية للجامعات ومراكز البحوث العراقية في اعطاء الموضوع ما يستحقه من تخصيصات مالية وادارية في الهيكل الاداري والمالي.
5- قيام المجلات العلمية بحمل مسؤولية تعريب البحث العلمي وبخاصة في الجامعة ومراكز البحوث.
6- ضرورة التوجه للتخصيص في النشر العلمي والعمل على تقليص التوسع الافقي للمجلات العلمية العراقية والحد منه.
7- ضرورة دراسة مشاكل الطبع والتوزيع وتهيئة المطابع الصغيرة المتخصصة بالطبع العلمي.
8- ضرورة وضع هيكل موحد للمجلة العلمية وتحديد مواصفات البحوث العلمية وتثبيت مواعيد صدور المجلات بان تكون دورية، وان يتم التنسيق في مواعيد الصدور لضمان تغطية اشهر السنة بالمجلات العلمية العراقية المتخصصة.
9- ضرورة وضع شروط موحدة للتحكيم وتصنيف المجلات حسب الغايات المتوخات من اصدارها وبالتالي ترشيد عملية النشر.
ارجو ان اكون قد نبهت في هذه الدراسة الى بعض اشكاليات البحث في العراق أمل ان يتمكن علمائنا وباحثينا من ايصال انتاجهم العلمي الى المؤسسات العلمية العربية والعالمية بصورة منتظمة، وان تسهم هذه الدراسة في بدء حوار بين الجهات ذات العلاقة.
* المراجع
1- انطوان زحلان- العلم والسياسة العلمية في الوطن العربي، ط1، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1984.
2- اسامة امين الخولي- محنة العلم في الوطن العربي، مجلة افاق علمية (عمان)، العدد 2 (ايلول- تشرين اول/ 1985).
3- سهيل السنوي- النشر العلمي ومشاكله في الوطن العربي، مجلة افاق علمية (عمان)، العدد 9 (كانون الثاني- شباط/ 1987).
4- عمار بوحوش- كيف يمكن توظيف العلم لخدمة الانسان العربي، مجلة افاق علمية (عمان)، العدد 12 (تموز- اب/ 1987).
[email protected]